دولةً ومجتمعا محلياً، مسؤولين ترابيين وساكنة مدينة،
نُـسجل في تاريخنا الخاص واحدا من أسوء مظاهر الانحطاط، انحطاطنا جميعا! أقولها
بغضب وكَـمَدٍ شديدين أكثر من أي وقت مضى! نعم، نحن منحطون حقيقةً!
بِغض النظر عن ارتباطها بتاريخ الاستعمار، كيف لنا أن نسمح بجعل دار عبادة مكانا للخراء؟! كيف لنا أن نسمح بتحويل بيت من بيوت الله إلى مكان للانحلال الأخلاقي بكل صوره (استهلاكُ وبيع المخدرات، ممارسة الجنس، عربدة، تسَكُّع،...)؟! كيف لنا أن نسمح بتحويل مَـعلمةٍ تراثية ثمينة إلى خِربة مهجورة آيلة للسقوط؟ (أنظر الصور أسفله!).
بِغض النظر عن ارتباطها بتاريخ الاستعمار، كيف لنا أن نسمح بجعل دار عبادة مكانا للخراء؟! كيف لنا أن نسمح بتحويل بيت من بيوت الله إلى مكان للانحلال الأخلاقي بكل صوره (استهلاكُ وبيع المخدرات، ممارسة الجنس، عربدة، تسَكُّع،...)؟! كيف لنا أن نسمح بتحويل مَـعلمةٍ تراثية ثمينة إلى خِربة مهجورة آيلة للسقوط؟ (أنظر الصور أسفله!).
ما لهذه المدينة لا تترك حيزا للأشياء الجميلة أكـانتْ جزءا
من تاريخها أو ممكنا في غدِها؟
لا القيم الإسلامية ولا الأخلاقية ولا الإنسانية ولا
القانونية أمست قادرة على ردع هذا الرهط! أُكاد أُجَن وأنا أعيد مشاهد التدمير والقذارة
في عين المكان، واللامبالاة التي جرى التعاطي بها مع كنيسة «القديسة طيريزى»
(شُيدت سنة 1927). غادَرنا الاستعمار وتركها شاهدة على حقبته، ولم تكن شيئا عبثيا
في مخططاته. بل عَـنَت له الشيء الكثير لا على صعيد منطقة زمور فحسب، بل وعلى صعيد
المغرب برمته وعلى صعيد شمال إفريقيا أيضا. فقد أراد الاستعمار أن يجعل منها مقرا
لإقامة مهرجان سنوي يجمع الكنائس الكاثوليكية بشمال إفريقيا. في تـماه ملتبس -لكن
لا يخفى- بين أهداف الاستعمار وأهداف التبشير. تقفُ الكنيسة شاهدةً على كل ذلك،
ولكن المسؤولين المحليين والتابعيين للدولة على السواء وكذا نخبة المدينة لا تلتفت
إلى هذه الذاكرة، إلى هذا الامتداد بين الماضي والحاضر، إلى هذا التقاطع بين تاريخ
المدينة وثقافة إنسانِها اليوم.
لم يترك العامل السابق، حسن فاتح، فعلا مذموما لم يقترفه في
حق هذه المدينة، من إفساد السياسة إلى التدخل في الحياة الحزبية إلى تسهيل تخريب
واحدة من أهم معالمنا التراثية؛ عبر تسليمها (أي الكنيسة)، خارج أي منطق عُـقَلائي،
إلى يد جمعية «تيميتار» التي ما رَعَـتـها حق رعايتها وشرعت أبوابها لكل أشكال
العبث والانحراف. ففي الوقت الذي كنا ننتظر أن يُدمِـجوا هذه المعلمة في قلب
الحياة الثقافية للمدينة من خلال جعلها فعليا مُـركبا ثقافيا عموميا متعدد الوسائط
أو متحفا محليا، بصورة تُكرس وتحافظ على الهوية التاريخية للمؤسسة من جانب
وامتدادها ودورها اليوم في المشهد الثقافي للمدينة من جانب آخر، بادروا إلى
تحويلها إلى "مِلكية خاصة" لأشخاص غير جَـدِيرين ولا مُستَحقين، ثم
تركوها، لاحقا، لكل للعابثين!
أين المحاسبة في كل هذا؟ وأين رد الاعتبار؟
أين وزارة الثقافة؟! أين وزارة الداخلية؟! أين عامل الإقليم
الحالي؟! أين الأمن؟! أين رئاسة ومجلس البلدية؟! أين النخبة الثقافية؟! أين هيئات
الدفاع عن الحقوق الثقافية للإنسان؟! أين أساتذة التاريخ؟! أين الباحثين في
التاريخ؟! أين الجمعيات الثقافية وهيئات المجتمع المدني عموما؟! أين الأحزاب؟! أين
الإعلام المحلي؟! أين وأين...؟!
لا أكاد أُصَدق كيف وصل الانسان هنا، وفي هذا العصر، إلى ما
وصل إليه من التطبيع مع كل ما هو قبيح! كأننا أغلقنا أعيننا وآذاننا عن رؤية وسماع
حقائقَ واقعنا المفجعة، وبَـلَـعنا ألسنتنا، تاركين ثقافة التوحش تـزحف على
اجتماعنا وهويتنا وقيمنا وعقلنا العام!!!
هل تبلَّـد إحساسنا ووعينا العام بالجمال والفن والتاريخ
والهوية الجماعية إلى هذا الحد؟! أم أننا جماعة غير جديرة بالاحترام؟! لنرتق ولو
قليلا، فقد ضاق الحضيض بنا!
إن السكوت على هذا الظلم الكبير الذي لحق بتاريخ المدينة من
جراء هذا التخريب الهمجي لهُو ظلم شديد وأكبر.
لنكتب رسائل مرفوقة بصور إلى كل الجهات المسؤولة (الوزارة
الأولى، وزارة الثقافة، وزارة الداخلية، اليونيسكو، الهيئات المتخصصة في الآثار
والتاريخ،...)، ولنفضح هذا الجرم أمام الرأي العام (وسائل التواصل الاجتماعي،
القنوات التلفزية، المواقع الإخبارية،...). ارفعوا أصواتكم قليلا قبل أن يجعلوا من
هذه المدينة مطرح "قمامة" يلتقي فيها الفساد مع العبث والبشاعة
والانحراف والعنف.
...
يا لجُرأتنا على الله والإسلام والتاريخ والهوية الجماعية والثقافة
والجمال !
كيف لِـرَهط يسرق الأحذية والسجاد من مساجده أن يحترم دُور عبادة غيره؟!
أمسينا قبيحين، قبيحين جدا، يا صاحبي!
أمسينا قبيحين، قبيحين جدا، يا صاحبي!
belahcenfouad@gmail.com
الصور لـِ: نوفل أكَضاي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق