«محاولة
ثانية في تشخيص إشكالية التنمية بمدينة الخميسات[1]»
فؤاد بلحسن
belahcenfouad@gmail.com
أولا: الدينامية
الحضرية:
يرتبط النمو الحضري للمدينة بدرجة
أساسية بالنمو الديمغرافي (تزايد عدد السكان وحركة الهجرة القروية[2]) وبالأنشطة العقارية (تجزئة
الأراضي، بناء المجموعات السكنية، تقسيم العقارات وأعمال البناء عموما[3]).
وقد ارتفع عدد سكان المدينة بين
1982 و 2014 بحوالي 223 %. وذلك على الشكل التالي: 1982: 58 925 نسمة[4]، 1994: 88 839 نسمة[5]، 2004: 105088 نسمة[6]، و2014: 131542 نسمة[7].
وبينما لا نتوفر على معطيات رسمية
و/أو علمية بشأن حجم الهجرة القروية إلى داخل المدينة[8]، فإننا لا نتوفر أيضا على
معطيات بشأن حجم الهجرة إلى خارج المدينة (سواء الهجرة داخل الوطن أو إلى خارجه).
وعموما، أفرزت الزيادة المطردة في
عدد سكان المدينة حاجيات جديدة على عدة مستويات (البنية التحتية، السكن، الخدمات
العمومي، والشغل،...). فعلى مستوى السكن مثلا، يمكننا أن نعاين ونحدد ونحصي
التجزئات العقارية المحدثة على امتداد العقود الأخيرة وكذا حجم التوسع العمراني الذي طرأ وما يزال في أطراف المدينة والذي أنتج أحياء
عديدة وتعميرا متباينا ومشاهد مختلفة، بل وراكم ثقافة حضرية جديدة.
ويمكن القول أن حجم هذا النمو كان محدودا؛ وذلك بالنظر
إلى تواضع حجم النمو الديمغرافي مقارنة مع مدن أخرى قريبة (كسلا مثلا) من جهة، ومن
جهة أخرى إلى عدم تأثر المدينة بالزيادة الكبيرة في عدد سكان الحواضر الكبرى
المحيطة وأزمة السكن التي عَرفتها هذه الحواضر خلال الثلاثة عقود الأخيرة (على وجه
الخصوص: سلا، القنيطرة، الرباط ومكناس). فقد امتصت الجماعات الترابية الأخرى
المنتمية للإقليم والقريبة من هذه الحواضر هذه الانعكاسات (عين جوهرة وسيدي علال البحراوي
بالنسبة لسلا والرباط والقنيطرة / الصفاصيف بالنسبة لمكناس[9]).
وبالرغم من أن المدينة تتموقع في
قلب النظام الحضري المغربي - والذي حددنا أهم عناصره آنفا، وبالرغم من تاريخ طويل
تجارب التدبير البلدي، وبالرغم من حجم المدينة الذي جعل منها مدينة متوسطة تعيش
على إيقاع تحديات بالجملة تفترض توفر المدينة على تخطيط حضري صارم وشامل، ظلت هذه
المدينة تنمو في غياب أطر استراتيجية متوافَقٍ بشأنها ومعترف بها. فقد تمت
المصادقة على آخر تصميم تهيئة خاص بالمدينة في 19 يناير 1986، وحين نــفَذَت
صلاحيته بتاريخ 29 يناير 1996، ظلت الجماعة، وإلى الآن، تفتقر لتصميم تهيئة جديد
ومصادقٍ عليه من قبل السلطات المختصة. فقد فشلت كل المحاولات التي جُربت، خاصة
خلال الـ 15 سنة الأخيرة، لإعداد تصميم جديد؛ حيث انتهت كل مشاريع التصاميم
الـمـُــعَـدَّة إلى الموت المبكر في دهاليز البيروقراطية الإدارية: ففي الولاية
الأولى من رئاسة عبد الحميد بلفيل للمجلس الجماعي [2003-2009]، وعلى الرغم من قيام
البلدية بكل ما هو مطلوب منها قانونا، لم تجر المصادقة من قبل السلطات المختصة على
مشروع تصميم التهيئة الـمُـعَـد. ثم أُعِـد مشروع جديد في ولاية الرئيس الأسبق،
عبد السلام البويرماني [2009-2015] غير أنه عَـرَف عرقلة كبيرة هو الآخر أوْدَت
بإجهاضه (عُـدَّ عامل الاقليم الأسبق، حسن فاتح، المتهم الرئيسي في عرقلته[10]). وفور إقالة هذا العامل –
الذي عُرف بتدخله الكبير في الشأن السياسي المحلي وبالتأثير المبالَـغ فيه على
أداء المجلس البلدي – بَـثَّت الأغلبية المجلسية الروح في هذا المشروع الأخير
وطرحته للنقاش مجددا ودفعته للسلطات المختصة قصد المصادقة. غير أنه ما يزال حتى
الساعة في قاعة انتظار توقيع هذه السلطات. ويتردد – كما أطلعني على ذلك أحد
المستشارين البلديين – أن نفس العامل الأسبق، الـــمُـقال، ما يزال يوظِّـف نفوذه
من بعيد لعرقلة المصادقة على هذا المشروع وذلك من موقعه كمسؤول داخل الإدارة
المركزية لوزارة الداخلية بالرباط!
وبالتالي، فإن النمو الحضري للمدينة غير المخطط له وغير المنضبط
لاستراتيجية تعميرية محددة أفرز العديد من الاشكالات الحضرية التي عرقلت، إلى جانب
عناصر أخرى سنعود إليها لاحقا، مسيرة تنمية المدينة، وبالتالي حال دون تشكل مدينة
عادلة ومنسجمة وجميلة، أي دون تحقيق نظام حضري محلي ذي جودة.
ويمكن حصر أهم مظاهر هذه الاشكالات
الحضرية في التالي:
▪ مشهد حضري مشوه وغير متجانس: سجل
المجلس الأعلى للحسابات، في معرض تدقيقه لأداء المجلس الجماعي، أن الأحياء
العشوائية بالمدينة تشغل حيزا كبيرا من المشهد الحضري لمدينة الخميسات؛ إذ قدَّر
أن هذه الأحياء تمثل ما يناهز 60% من المجال الحضري للمدينة. حيث نشأت، وعلى مر
السنين، هذه الأحياء العشوائية بسبب بناء مساكن ببقع أرضية نتجت عن تقسيم عقاري
غير قانوني وغير مُراقَب[11]. وقد ساهم، بحصة لا بأس
بها، في خلق هذا الوضع، ضمُّ، سنة 2009، حوالي 7 أحياء للمدار الحضري للمدينة بعد
أن كانت في السابق تابعة للجماعتين القرويتين سيدي الغندور ومجمع الطلبة.
والملاحظ أن المدينة، في ما يخص
تطور مشهدها الحضري، تُـسجل مفارقة عميقة. حيث سَـجَّـل عدد التجزئات المرخَّصة
تراجعا هاما بين سنتي 1979 و 2012 في وقت عرف فيه عدد الساكنة ارتفاعا في نفس
الفترة! [12].
وهو ما أدى – كنتيجة طبيعية – إلى تكاثر الأحياء العشوائية لسد جزء كبير من الطلب
على السكن.
وأكثر من هذا، نجد أن المجلس
الجماعي، إما رضوخا لإرادة المضاربين العقاريين وإما تواطؤا معهم، قام بتسلُّـم
بعض التجزئات قبل انتهاء أشغال تجهيزها من قبل المجزئين.
فمثلا، هذا هو حال تجزئة الأمانة
(رسم عقاري 28230/16)؛ حيث بادرت البلدية إلى التسلم المؤقت لأشغال التجهيز بهذه
التجزئة دون أن ينجِـز المجزِّء الأشغال المتعلقة بالتهيئة وفـتْـح الطرقات وشبكة
الصرف الصحي والكهرباء والماء الشروب كما يقضي بذلك القانون 90.25 [المواد من 23
إلى 26]. هذا بالإضافة إلى فشلها في تحقيق أهداف مجموعة من الاتفاقيات التي رمت
إلى تجديد النسيج الحضري لبعض الأحياء من خلال عمليات إعادة هيكلة بعض الأحياء
العشوائية [حي الفرح 2 مثلا] أو من خلال تزويد بعضها بالطرق [كالأحياء التي أعادت
الوداديات هيكلتها] أو من خلال محاربة دور
الصفيح في أحياء أخرى [حي السعادة مثلا] ،
بشراكة مع شركة عمران على وجه الخصوص[13].
▪ تمركز الخدمات والمنافع: تسجل المدينة تمركزا كبيرا
للخدمات والمنافع في محور حي السلام-حي ليراك. حيث يظهر أن معظم الإدارات العمومية
ومحلات التسوق والمناطق الخضراء ونقط الالتقاء الرئيسية متواجدة في هذه المساحة
التي لا تزيد عن كيلومتر واحد مربع. بينما تفتقر باقي الأحياء إلى الكثير من هذه
العناصر. زيادة على ذلك، تشهد الأحياء المتواجدة في الأطراف نقصا ملحوظا ومتفاوتا –
تارات حادا وتارات أخرى ضعيفا – في درجة تجهيزها؛ الأمر الذي أثر سلبا - وما يزال
- في الوضع المعيشي للساكنة التي تقطنها. ونذكر على سبيل المثال الأحياء التالية:
عين الخميس، الكرامة، دوار الشيخ، دوار جديد، الياسمين 2، البويرات، آيت طلحة،
السعادة، أحفور المعطي، وغيرها، بل إنه حتى الأحياء التي توجد على مسافة أقرب من
مركز المدينة تشهد ضعفا حادا في التجهيز إذا ما قارناها مع أحياء أخرى بعيدة عن
هذا المركز. فمثلا، إذا قارنا حي الياسمين البعيد نسبيا عن حي المنظر الجميل
الأقرب منه إلى مركز المدينة، نجد أن هذا الحي الأخير يفتقر إلى تجهيزات وخدمات
أساسية كالطرقات المعبدة والإنارة والأمن. ولعله من الطرائف أن يكون هذا الحي
المسمى بـ "المنظر الجميل" يفتقر بصورة شبه تامة للإنارة العمومية ما
يؤهله لتشكيل فضاء مناسبا للجريمة[14].
وعموما، وبدون مبالغة، تفتقر أغلب
أحياء المدينة إلى التجهيز المناسب ومرافق القرب الضرورية. فمثلا، لا يمكن الحديث
في هذه المدينة عن وجود مكتبات الأحياء أو دور شباب الأحياء أو مراكز التكوين
المهني الخاصة بالأحياء، أو ملاعب الأحياء أو مراكز الترفيه الخاصة بالأحياء
وغيرها من الأساسيات الحيوية التي من شأنها تلبية حاجيات أولية لدى الساكنة.
▪ مركز جذاب وأطراف متداعية: من
الإيجابيات التي ما تزال تحتفظ بها المدينة وجود مركز حضري يلتقي فيه الجميع
ويفترقون ويشكل قلب المدينة النابض. وهو ما يساهم في تشكيل الوعي العام المحلي
وتحقيق التبادل والتواصل الاجتماعيين بين مختلف الشرائح الاجتماعية للمدينة
باختلاف مناطق إقامتهم. وهو، بلا شك، أمر حيوي، من جهة، بالنسبة لسكان المدينة
ولتصورهم لذاتهم العامة ومن جهة أخرى بالنسبة لوحدة المدينة. وبالتالي وجب
الاحتفاظ بهذا المركز. لكن، في نفس الوقت، يلاحظ أن مدينة الخميسات، وعلى غرار
أغلب المدن المتوسطة والحديثة النشأة، تفتقر لهوية حضرية متميزة؛ فلا شيء في
المدينة يقول أننا في مدينة اسمها مدينة الخميسات ذات طابع حضري خاص على غرار بعض
المدن المتميزة الأخرى (إفران و شفشاون مثلا). فالمدينة تتمدد بدون تفكير
استراتيجي في روحها الجماعية وجمالها وانسجامها وتبادلات عناصرها الوظيفية
والعلاقات المفترضة بين أحيائها. فبقدر ما يشكـل مركزها مَصدرا لـِـــمنــح معنىً
عاما لوجودها ونقطة جذب للساكنة– سواء للتبضع أو للترفيه أو للتنقل أو للتنزه أو
للالتقاء – يجري، بالمقابل، إفراغ الأحياء المحيطة من دورها الحيوي كحاضن لثقافة
التضامن والمبادرات الجماعية. فالأحياء التي تفتقر للتجهيزات الأساسية ينسل منها
القاطنون بها في اتجاه المركز ليسُدوا حاجاتهم من السلع والخدمات والتسلية. وهذا
بالضبط ما يحدث في مدينة الخميسات. ولهذا، نجد أن أغلب الأحياء تحولت إلى
"مقابر للنوم" فوْرَ عجزها عن أن تكون فضاء للعيش والتبادل. نعم لقد
تعددت مركزيات المدينة بسبب تشتت أحيائها في الاتجاهات الأربع، لكنها مركزيات،
تقريبا، بلا روح.
وفي الوقت الذي يحتفي العالم بالموروث
(التراث المادي واللامادي على السواء)، نجد أن المجلس البلدي والمجلس الإقليمي
وكذا المجلس الجهوي ظلوا في معزل عن هذه الانشغالات الحيوية. فلم تُسجِّل المدينة
أي بادرة بشأن الاحتفاء بتاريخ إعمارها الخاص؛ فكأن المدينة أُحدثت دفعة واحدة وفي
تاريخ واحد! فلا شيء يُــبَـين ويُـذَكِّــر المار أو الزائر بأن هذا الحي مضى على
إعماره أزيد من 70 سنة بينما ذاك أُنشأ خلال الخمس سنوات الماضية. فلا تكاد ترى
ولا مأطورة واحدة (لوحة إخبارية) تُشير إلى تاريخ هذا المكان أو ذاك أو أهمية هذا
البناء أو ذاك. نعم، لا تتوفر المدينة على معالم أثرية ضاربة في التاريخ أو رموزا
معمارية كبرى، ولكن هذا يُعد سببا إضافيا – وليس نقمة بالضرورة – للاحتفاء بما هو
موجود. ونذكر على وجه الخصوص: المسجد العتيق وكنيسة تيريزا وثانوية موسى بن نصير
والزاوية التيجانية والقيسارية القديمة وقيسارية الكباش والفندق القديم ومقر
الإدارة الاستعمارية (السجن المدني حاليا) وغيرها من المعالم التي يعود تاريخ
نشأتها إلى تاريخ نشأة نواة المدينة ذاته في العشرية الأولى من القرن الماضي.
ولعل هذا الإهمال الكبير لهذا
التراث المادي هو الذي يفسر افتقار المدينة لمتحف خاص بها. فالذهنية المــدبِّــرة
التي تُهمل ذاك هي نفسها التي لا تكترث لهذا! وباختصار، لا تحظى الأنسجة القديمة
بما يكفي من العناية والتثمين، وكذلك هو الحال بالنسبة لذاكرة المكان.
▪ مدينة ضعيفةُ المجالات العمومية: في الوقت الذي يتوفر
مركز المدينة على بعض المساحات الخضراء الواسعة والشوارع الكبرى، تظل باقي الأحياء
تفتقر إلى ذلك. فباستثناء ساحة المسيرة بحي التقدم وساحة الحسن الأول بحي السلام،
ينعدم وجود مساحات كبرى أخرى في باقي الأحياء. ولهذا نرى أنه بين الفينة والأخرى،
وبغرض سد هذا النقص الفادح، يجري تخصيص قطعة أرض صغيرة هنا أو هناك من أجل إنشاء
مساحة خضراء صغيرة هنا أو هناك لا تستوعب إلا القليل جدا من الأشخاص (منطقة خضراء
صغيرة أمام المحكمة الابتدائية بحي التقدم، منطقة خضراء صغيرة بالقرب من إعدادية
المولاى إسماعيل بحي السلام، منطقة صغيرة أخرى أمام المكتب الوطني للكهرباء بحي
ليراك، منطقة خضراء صغيرة بسيدي غريب). لكن مع ذلك يمكن ملاحظة أنه حتى هذه
المناطق الخضراء الصغيرة تتمركز، في أغلبها، في محور حي السلام-حي ليراك. وهو
الأمر الذي يؤكد لا عدالة توزيع المجالات العمومية أيضا على امتداد المجال الترابي
للمدينة.
ويمكن قول نفس الشيء بشأن الشوارع
الكبرى والحدائق.
فبخصوص الشوارع الكبرى، نُـذَكر،
أولا، بإنجازين كبيرين خلال العقدين الأخيرين كان لهما أثر إيجابي وعميق على مستوى
إعادة تشكيل شبكة المواصلات وتنشيط حركة النقل والتنقل بالمدينة، أولهما إحداث
شارع خالد بن الوليد، والثاني إحداث شارع عبد الحميد الزموري؛ حيث كان لهذين
الشارعين دور كبير في تخفيف الضغط على مركز المدينة وفي إعادة ترتيب مشهدها الحضري
في أجزاء واسعة من المدينة. كما أن من شأن الشارع المداري الذي في طور الانجاز
والذي سيربط حي الزهراء (انطلاقا من ثانويتي الفتح وعبد الله كَنون) بحي الياسمين
2 مرورا بخلف ملعب 6 نونبر وحي البويرات ثم حي الياسمين سيُشكل لا محالة حلقة وصل
جديدة من شأنها تخفيف الضغط على المحيط القريب من مركز المدينة وربط العديد من
الأحياء الممتدة على الواجهة الغربية للمدينة بتلك الممتدة على واجهتها الجنوبية.
غير أنه مع ذلك، ما تزال عمليات
إنشاء التجزئات والأحياء السكنية وتقسيم العقارات تثير العديد من الإشكالات
المرتبطة بفتح الطرقات وتجهيزها، حيث يُسجل أن العديد من الأحياء الحديثة تم
تزويدها بشوارع جد ضيقة حدَّت من الولوجية وأحدثت عرقلة حقيقية للسائقين والراجلين
على السواء. ولعل أبرز مثال يمكن تقديمه بهذا الشأن هو شارع حي الـمُنى الرئيسي
الذي جـمع الكثير من الاختلالات، أهمها: ضيق عرض الشارع، غياب باحات وقوف
السيارات، رصيف جد ضيق، ثم نقط سوداء كثيرة تتسبب في العديد من حوادث السير
بالإضافة إلى رداءة جودة الإنارة.
ولقد عاين المجلس الأعلى للحسابات
هو الآخر هذه الإشكالات، حيث لاحظ، في تقريره لسنة 2012 بشأن عمليات إعادة الهيكلة
الخاصة بأحياء المدينة، «غياب شبه تام للمرافق العمومية للأحياء موضوع عمليات
إعادة الهيكلة، حيث تمت المصادقة على التصاميم الإجمالية لهذه الأحياء دون تخصيصها
لمساحات مخصصة للمرافق العمومية. الشيء الذي يتنافى مع أحد أهم الأهداف المتوخاة
من عمليات إعادة الهيكلة[15]». كما أكد أنه في بعض
الحالات يجري تعديل بعض التصاميم الأولية الخاصة بإعادة الهيكلة بموافقة لجنة
الصفقات بقصد إضافة عدد هام من البقع الأرضية المخصصة لبناء المساكن وذلك على حساب
الفضاءات المخصصة للمساحات الخضراء والمرافق العمومية التي كانت تضمها التصاميم
الأولية. ويذكُـر المجلس الأعلى للحسابات كمثال، حي الفرح 2، الذي أضاف فيه
التصميم التعديلي 38 بقعة مخصصة لبناء المساكن، وذلك بحذف مساحة كانت مخصصة لمرفق
عمومي (حمام وفرن)، وتخفيض مساحة كانت مخصصة لمسجد وحذف طريق عرضه 12 مترا وتخفيض
عرض طريق من 12 إلى عشرة أمتار[16].
ولعله من نافل القول الحديث عن
تراجع جودة العديد من الخدمات والمنافع التي كانت توفرها في السابق بعض المجالات
العمومية الأخرى؛ كتقهقر خدمات حديقة الحيوانات 3 مارس، تعطل نافورات كل من
ساحتَـيْ المسيرة والحسن الأول، توقف الفعاليات الترفيهية التي أحدثها المهرجان
الكبير الذي كان يُقام بملعب 6 نوفمبر، عدم انتظام بعض الفعاليات التجارية
والترفيهية التي تقام بين الفينة والأخرى في ساحتي المسيرة والحسن الأول، الاحتلال
غير القانوني للتجار والحرفيين للملك العمومي، هذا بالإضافة إلى التدهور البيئي
الخطير للغابة الحضرية الوحيدة، غابة مرابو [غابة المقاومة] (أنظر الصورة رقم 1 أسفله)
وتراجع مساحة التشجير داخل المدينة وساحاتها...
1:
صورة من أعلى لغابة المرابو
كما لن يبالغ كاتب السطور إذا قال
أن الشاشة التلفزية الكبيرة التي جرى وضعها في مدخل ساحة الحسن الأول حدَّت من
المشهد البانورامي الذي كان يوفره المكان في السابق للرائي؛ إذ شكلت جدارا يحجب
الرؤية ويُـقَــسِّـم المكان ويحُدُّ أفُـقَـه. لقد كان اختيار مكانها – على ما
يبدو - غير موفَّـق.
[1] - لقراءة المحاولة
الأولى بهذا الصدد، يمكن الرجوع إلى الدراسة المعنونة بـ « إشكالية التنمية بمدينة الخميسات » لنفس
الكاتب، وهي منشورة كاملة على الرابط: http://alqalam3000.blogspot.com/2014/03/blog-post.html
. ونشرت أجزاء منها على الموقع الإخباري
المحلي خميسات سيتي، الرابط: http://khemissetcity.net/2013/06/7129/
[3] - يساهم سكان الخميسات
المقيمين بالخارج بشكل كبير في تنشيط السوق العقارية. بيد أننا لا نتوفر على أي
إحصاءات دقيقة بشأن حجم مساهمتهم.
[8] - كما لا نتوفر على
معطيات بشأن الهجرة إلى خارج المدينة (سواء الهجرة إلى مناطق داخل البلاد أو إلى
الخارج). على الرغم من أهمية هذه المعطيات، لا تبد البلدية أهمية تُذكر للتوفر
عليها وتحليلها.
[9] - يمكن، بـيُسر، معاينة
وتيرة النمو الحضري الكبيرة الذي تسجلها هذه الجماعات الترابية المحاذية للحواضر
الكبرى المذكورة، وهي نتيجة، بشكل رئيسي، لعلاقات الجوار في حد ذاتها.
[10] - يمكن العودة إلى
مقالة خاصة للكاتب بهذا الموضوع، منشورة تحت عنوان: مسرحية «السورف السياسي» .. أو كيف تبيع
القرد وتضحك على الشاري!
[12] - ن. م. ن. ص. حيث تم خلق 13.023 بقعة أرضية في إطار التجزئات القانونية، في حين وصل عدد البقع الأرضية المنجزة في إطار تصاميم إعادة الهيكلة
17.599 بقعة، وذلك في نفس الفترة المذكورة أعلاه.
[14] - بتاريخ 28 يناير
2016، وفي الوقت الذي كان كاتب السطور يُـعِد هذه الدراسة، حدثت جريمة كبيرة
بالأسلحة البيضاء في هذا الحي ليلا!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق