قراءة في تحالفات حزب العدالة والتنمية بالخميسات - محمد ضريف - القلم 3000

اَخر المشاركات

القلم 3000

مدونة القلم 3000، متخصصة في قضايا الفكر والشأن العام وفن العيش.

السبت، 12 سبتمبر 2015

قراءة في تحالفات حزب العدالة والتنمية بالخميسات - محمد ضريف


"في السياسة لا تشكل الأمور غير المنطقية عقبة".
نابليون بونابرت






تعتبر الانتخابات الجماعية والجهوية لــــ 4 شتنبر 2015 التي شهدتها مدينة الخميسات، إحدى المحطات الأساسية والمهمة في التاريخ السياسي للمدينة، نظرا لتبوء أحزاب عريقة ومحترمة للمقاعد الأولى(حزب العدالة والتنمية، حزب الإستقلال والتقدم والاشتراكية)، وإخفاق أخرى -لاطالما وصفت بأحزاب الإدارة- في تحقيق نتائج جيدة كما حققتها في السنوات السابقة، رغم السبل اللا أخلاقية التي اتخذتها في حملتها.
لكن ما لوحظ، أنه رغم تحقيق حزب العدالة والتنمية الرتبة الأولى بسبعة مقاعد، لم يستطع أن يجمع العدد الكافي من المقاعد لتشكيل المجلس؛ وهو ما دفعه إلى التحالف مع أشخاص راكموا سمعة سيئة على مستوى تدبير المدينة؛ الأمر الذي دفع مجموعة من النشطاء الفايسبوكيين إلى الإحتجاج على هذا التحالف، لاسيما أن هذا الأخير أفرز رئيسا مازال متابعا من طرف المجلس الجهوي للحسابات بسبب تدبيره السيئ للمدينة حسب تعبير النشطاء.
كما لم يفوت حزب الإستقلال الفرصة السياسة، لانتقاد هذا التحالف الذي وسمه ب"تحالف الفساد"، لكن في مقابل ذلك يرى حزب العدالة والتنمية أن تحالفه هذا فرضته عوامل موضوعية خارج القرار المحلي وهو التزام الحزب بتحالف الأغلبية الحكومية من جهة، ورغبته في أن تكون له عين داخل المجلس البلدي من جهة ثانية. فهذا الموقف الذي عبر عنه الحزب قد يبدو واقعيا وبرغماتيا، إذا أخذنا بعين الاعتبار التجربة الفتية لهذا الحزب في التدبير سواء على المستوى الحكومي أو الجماعي؛ لذلك وجوده في التدبير المحلي فرصة لنخبه للتمرن على الحكم، وخلق شبكة جديدة من الزبناء المحليين، للجوء إليها في الانتخابات التشريعية.
إن الانتقاد الذي يوجه لحزب العدالة والتنمية بسبب تحالفه مع "قوى الفساد"، يراد به إحراج الحزب، الذي لطالما تغنى بمحاربة الفساد والمفسدين، لكن ما لا يعرفه البعض، أن حزب العدالة والتنمية فاعل سياسي بالدرجة الأولى، والفاعل الحزبي يسعى للحكم والسلطة، مهما كانت مرجعيته السياسية والأخلاقية، هذا ما  علمتنا أدبيات علم السياسة. أكيد أن حزب العدالة والتنمية يعي جيدا المأزق الذي وقع فيه، لكن يبقى بالنسبة إليه اختيار وقرار واع فرضته عوامل خارجية عنه(التقطيع الانتخابي، شراء أصوات المنتخبين..)؛ لذلك فهو يسعى جاهدا لإقناع قواعده والناخبين الذين وضعوا ثقتهم فيه بجدوى قراره.
سيطرح قرار مشاركة حزب العدالة والتنمية في تدبير المجلس المحلي، تحديا أخلاقيا كبيرا له، لأنه يعي جيدا جسامة المسؤولية التي يتحملها؛ لذلك علينا أن لانستغرب أن في الأيام المقبلة قد تصبح للحزب وظيفة مزدوجة داخل المجلس: وظيفة المسير ووظيفة المعارض، لأن الوضع الذي اختاره ملغوم، لاسيما في ظل شركاء سياسيين لم يتربوا جيدا على بعض مبادئ الحكم الرشيد من قبيل النزاهة والشفافية والحكامة.
وأخيرا، قد يكون اختيار حزب العدالة والتنمية المشاركة في التدبير مع شركاء "فاسدين"، موقفا عقلانيا وبراغماتيا تفرضه المرحلة، لكن سيبقى في عيون الآخرين(نشطاء، ساكنة) موقفا لا أخلاقيا من حزب يقدم نفسه معهدا لإصدار القيم والأخلاق السياسية النبيلة؛ وهو ما سيترك توثرا مرحليا بينه(الحزب) وبين الساكنة التي وضعت ثقتها فيه، وستبقى الأيام المقبلة ومسلسل التدبير هما الكفيلان بإثبات مدى صحة قراره أو خطئه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق