كنّا ونحن
صغارا نقرأ بأنّ أصل البربر(=الأمازيغ) من اليمن.. وهكذا ومن بين أكثر من تفسير
لنشأة هذه السلالات القديمة رجّح المؤرخ المغربي الجذور العربية لإيجاد آصرة نسبية
بين العرب والأمازيغ. لكن سرعان ما أدركنا أنّ في الأمر بعض التّأمّل.. ومن جملة
ما فسر به أصل هذه الأمّة أخلص إلى طريق آخر: أنّ الأمازيغ متعددي الجذور حتى وإن
كان يجري عليهم قانون القبيلة ونظرية الانقسام.. امتزج الأمازيغ مع شعوب كثيرة
منها العرب. هجرات قديمة وهجرة الفلسطينيين العمالقة منذ ألفين عام وهجرة بني هلال
وبني سليم وهي التي غيرت ملامح الأمة الأمازيغية بالمصاهرات إن في الحرب أوالسلم.
هذا
ناهيك عن أجناس أخرى من أوربا حتى الشّرق الأقصى.. م لا ننسى الرومان والوندال و الفنيقيين.
البحث عن الجذور القديمة لا قيمة له حينما نصّعد أكثر من مائة عام. هكذا نحا ابن
خلدون..وهكذا نحا أرلوند توينبي معززا فكرة انسياح الشعوب.. لا يوجد جنس خالص
نقي.. حكاية العرب هنا مميزة لسبب بسيط، وهو أنّهم خلافا لغيرهم، جعلوا من ثقافتهم
جنسا: فمن عاقرها فهو عربي. لذا أمكن إخراج الكثير من العرب من العروبة بعد أن
خرجوا من مروءتها وإدخال الكثير إليها لأنهم اقتربوا من المروءة العربية. فماذا
دهى المغاربة يا ترى؟
ندرك أنّ شرذمة من الأمازيغ وليسوا كلهم لها ردود فعل من الإسفاف العنصري العربي الذي تحترفه بعض الدكاكين التي تتفنن في المزايدات والاستفزاز. ربما وأنا عربي أدرك ذلك لأنّني يزعجني أن أسمع ما من شأنه أن يهين الأمازيغ ، هذه الأمّة المميزة في تاريخها من النبل والشهامة والثقافة.. نحن وليسوا هم فحسب - لأننا معنيون بذلك - في حاجة إلى إعادة كتابة التاريخ..بالفعل لقد جعلوني أكره إكسل ( ما سموه بكسيلة) والسيدة دِيهَا ( = التي سموها بالملكة الكاهنة)..صورة نمطية خاطئة وظالمة.. لأنّ دِيهَا رمز للتحرر والمقاومة..ف ي الطرف الآخر كان الزحف الأموي غازيا سارقا ناهبا سابيا للحرائر حتى ممن أسلمن.. وحين يقول ابن خلدون بأن البربر ارتدوا اثني عشر مرة بالمغرب وأفريقيا، فهو ذو الميل الأموي يعتبر التمرد على الأوليغارشيا الأموية ارتدادا عن الدّين. هذا التاريخ يجب أن يعاد كتابته.. تاريخ مقاومة الأمازيغ للعائلة الأموية واستيعابهم المبكّر لهذا الخداع الذي تسلل تحت غطاء الفتوح..
لم أشعر يوما بأنني أنا العربي نظرت إليهم كشيء آخر سوى أننا هنا. هنا مع بعضنا تداخلت الثقافتان فكنّا مغاربة.. ولا يزعجني هذا المركب الجميل. هل تعتقدون حقّا أن الدارجة المغربية هي لهجة عربية؟ هذا هراء..إنها بين-لهجية..لهجة بقدر ما يمكن نسبتها إلى العرب يمكن نسبتها إلى الأمازيغ.. مخارجها عباراتها موسيقاها... أتدري لماذا لا أتواصل بها مع العرب؟ لوعيي القديم أنّها ليست من اللهجات العربية الخالصة بل لهجة مغربية وكفى..
تفتيت المركب غباء تاريخي وعدوان أنثربولوجي وهزيمة استراتيجية..
ثمة نقاش جرى بين بنسالم حميش (وزير الثقافة الأسبق) وحسن أوريد (مؤرخ المملكة السابق) أخذ منحى الهجاء. ولا إشكال في ذلك ففي الهجاء تكمن حقائق يستفاد منها وهو مزاج عربو-أمازيغي لا يفسد في الودّ قضية.. مثقفان عاقَرا التاريخ من ناحية الرواية.. لا أجد في العمق خلافا استراتيجيا بين الرجلين سوى سوء الفهم الكبير. ينحو بن سالم حميش للانتصار للعربية والعروبة وهو يستند إلى مثال المجموعة التي رامت العنصرية نهجا. لكن حسن أوريد أيضا دافع عن الأمازيغية ولكن في حدود المعقول. وما كان معقولا فهو معقول. قرأت لحسن أوريد مقاطع في رواء مكّة في التمدح بالعربية والعروبة لم أقرأها لعربي قطّ.. كان منصفا ويعاقر العربية كامرئ القيس.. أنصح بنسالم حميش إن لم يكن قرأ رواء مكة أن يقرأها فيكسر سوء الفهم الكبير.. مع أنني أرى في بعض ما رامه بن سالم حميش نقدا لاذعا لمن جعلوا من الحق الأمازيغي جنوحا عربوفيائيا شيء من الصواب.. وأقصد ميل تيار صغير باسم الأمازيغية لمعانقة الكيان الصهيوني كرد فعل على بعض الكائنات عندنا تمارس الحقد باسم العروبة.. هم يحضرون في ملتقيات مناهضة لمعاداة السامية..مع أنهم يكرهون الساميين العرب.. مفارقة لن يحلّها "كجّي" ولا "الدغيرني" وهما يلعبان بشكل مسرحي لا أعطيه جدّية لأنني بخلاف الكثير ممن يريد أن يضخّم القصة، هم يمارسون الضّحك السياسي وفي ظنهم أنهم يسجلون إصابات على سلالة من الممارسين للعمل القومجي بالحقد والمزايدة.. هؤلاء يكرهوننا نحن العرب أكثر من التيار الأمازيغ التطبيعي..إن ردود الفعل ضدّ مثل هؤلاء الحاقدين ستجعلك تتسكع في تل أبيب وتعانق الكفر بالله والإنسانية.. لكن هل الأمازيغ هم هؤلاء؟ كلاّ...ويجب أن نقول: كلاّ..
كثيرة هي الأخطاء التي يحبل بها تاريخنا المشترك. لكن أكثر من ذلك ما يحبل به هذا التاريخ من إنجازات.. حين نقول أن الشخصية المغربية تركبت في التاريخ فهذا لا يسمح بتفتيتها.. لأنّ البنية حين تفكك تفقد وظيفتها وتنتهي في التاريخ أيضا.. التفكيك بين العرب والأمازيغ في المغرب عبثية ساذجة وتسطيح يعزز الجهل بالصيرورة المنطقية للعرق والتاريخ.. إنّ المغربي حين يكون عربوفونيا، لأن الجنس أصبح موصولا بالاختيار الثقافي، فهو يعبر عن عروبته برموز أمازيغية عميقة، والعكس صحيح، لا يوجد شيء خالص هنا.. أخطأنا أم أصبنا هذا هو قدرنا التاريخي.. حتى الآن هناك سؤال لا أجد له جوابا: أين العرب وأين الأمازيغ في مغرب الشمس؟..إذا كانت هناك مشكلات في مورفولوجيا الثقافة فحلّوها بروّية ولا تذهبوا بعيدا..لأنّ التفريق يعيدنا إلى عبثية الظهير البربري.. إلى تدمير الهابتوس المغربي.. للذين يرهنون مصيرهم بالكيان الصهيوني فإنهم وقعوا في مفارقة معاداة السامية العربية.. وهم بذلك يرهنون تاريخ الأمازيغ الأحرار لحركة صهيونية عنصرية تحتل الأرض وتبيد الإنسان. إنّني أشفق عليهم وأدعوا لهم بالهداية. ولأنني أعرف مسبقا أنهم لن يستطيعوا تغيير الواقع باللّعب..إذا صحّ أنّ قوما من الفلسطينيين كانت لهم هجرة منذ 2000 سنة إلى المغرب وامتزجوا بالأمازيغ، سيكون الأمازيغ على مصاهرة مع الفلسطينيين..هل وقف المؤرخ على هذه الحقيقة؟ كلا..وإذن علينا إعادة كتابة التّاريخ..اكتبوه بالعربية أفضل من تيفيناغ أو الحرف اللاّتيني ..حتى نفهمه نحن المعنيين بمصير الهوية..اكتبوه باللغة التي كتب بها صاحب المعسول وإليغ..أو بالحرف العربي الذي كتبت به فارس لغتها من دون عقدة تاريخية..ثم ترجموه للغات الحية..العربية مكسب..والأمازيغية ثقافة..بنو هلال عربوا الأمازيغ ولكن الأمازيغ غيّروا الثقافة العميقة لبني هلال..هل يقال هو شكل من التثاقف(acculturation)؟ نعم، فهويتنا هي ولادة ثانية من رحم هذا التثاقف ومظهر من مظاهر تجربة حضارية خلاّقة..العصبية لا تغيّر حقيقة التاريخ والثقافة والقدر الأنتربولوجي..البحث عن الهوية البسيطة جنوح خرافي وحنين لعصر الأساطير..
ندرك أنّ شرذمة من الأمازيغ وليسوا كلهم لها ردود فعل من الإسفاف العنصري العربي الذي تحترفه بعض الدكاكين التي تتفنن في المزايدات والاستفزاز. ربما وأنا عربي أدرك ذلك لأنّني يزعجني أن أسمع ما من شأنه أن يهين الأمازيغ ، هذه الأمّة المميزة في تاريخها من النبل والشهامة والثقافة.. نحن وليسوا هم فحسب - لأننا معنيون بذلك - في حاجة إلى إعادة كتابة التاريخ..بالفعل لقد جعلوني أكره إكسل ( ما سموه بكسيلة) والسيدة دِيهَا ( = التي سموها بالملكة الكاهنة)..صورة نمطية خاطئة وظالمة.. لأنّ دِيهَا رمز للتحرر والمقاومة..ف ي الطرف الآخر كان الزحف الأموي غازيا سارقا ناهبا سابيا للحرائر حتى ممن أسلمن.. وحين يقول ابن خلدون بأن البربر ارتدوا اثني عشر مرة بالمغرب وأفريقيا، فهو ذو الميل الأموي يعتبر التمرد على الأوليغارشيا الأموية ارتدادا عن الدّين. هذا التاريخ يجب أن يعاد كتابته.. تاريخ مقاومة الأمازيغ للعائلة الأموية واستيعابهم المبكّر لهذا الخداع الذي تسلل تحت غطاء الفتوح..
لم أشعر يوما بأنني أنا العربي نظرت إليهم كشيء آخر سوى أننا هنا. هنا مع بعضنا تداخلت الثقافتان فكنّا مغاربة.. ولا يزعجني هذا المركب الجميل. هل تعتقدون حقّا أن الدارجة المغربية هي لهجة عربية؟ هذا هراء..إنها بين-لهجية..لهجة بقدر ما يمكن نسبتها إلى العرب يمكن نسبتها إلى الأمازيغ.. مخارجها عباراتها موسيقاها... أتدري لماذا لا أتواصل بها مع العرب؟ لوعيي القديم أنّها ليست من اللهجات العربية الخالصة بل لهجة مغربية وكفى..
تفتيت المركب غباء تاريخي وعدوان أنثربولوجي وهزيمة استراتيجية..
ثمة نقاش جرى بين بنسالم حميش (وزير الثقافة الأسبق) وحسن أوريد (مؤرخ المملكة السابق) أخذ منحى الهجاء. ولا إشكال في ذلك ففي الهجاء تكمن حقائق يستفاد منها وهو مزاج عربو-أمازيغي لا يفسد في الودّ قضية.. مثقفان عاقَرا التاريخ من ناحية الرواية.. لا أجد في العمق خلافا استراتيجيا بين الرجلين سوى سوء الفهم الكبير. ينحو بن سالم حميش للانتصار للعربية والعروبة وهو يستند إلى مثال المجموعة التي رامت العنصرية نهجا. لكن حسن أوريد أيضا دافع عن الأمازيغية ولكن في حدود المعقول. وما كان معقولا فهو معقول. قرأت لحسن أوريد مقاطع في رواء مكّة في التمدح بالعربية والعروبة لم أقرأها لعربي قطّ.. كان منصفا ويعاقر العربية كامرئ القيس.. أنصح بنسالم حميش إن لم يكن قرأ رواء مكة أن يقرأها فيكسر سوء الفهم الكبير.. مع أنني أرى في بعض ما رامه بن سالم حميش نقدا لاذعا لمن جعلوا من الحق الأمازيغي جنوحا عربوفيائيا شيء من الصواب.. وأقصد ميل تيار صغير باسم الأمازيغية لمعانقة الكيان الصهيوني كرد فعل على بعض الكائنات عندنا تمارس الحقد باسم العروبة.. هم يحضرون في ملتقيات مناهضة لمعاداة السامية..مع أنهم يكرهون الساميين العرب.. مفارقة لن يحلّها "كجّي" ولا "الدغيرني" وهما يلعبان بشكل مسرحي لا أعطيه جدّية لأنني بخلاف الكثير ممن يريد أن يضخّم القصة، هم يمارسون الضّحك السياسي وفي ظنهم أنهم يسجلون إصابات على سلالة من الممارسين للعمل القومجي بالحقد والمزايدة.. هؤلاء يكرهوننا نحن العرب أكثر من التيار الأمازيغ التطبيعي..إن ردود الفعل ضدّ مثل هؤلاء الحاقدين ستجعلك تتسكع في تل أبيب وتعانق الكفر بالله والإنسانية.. لكن هل الأمازيغ هم هؤلاء؟ كلاّ...ويجب أن نقول: كلاّ..
كثيرة هي الأخطاء التي يحبل بها تاريخنا المشترك. لكن أكثر من ذلك ما يحبل به هذا التاريخ من إنجازات.. حين نقول أن الشخصية المغربية تركبت في التاريخ فهذا لا يسمح بتفتيتها.. لأنّ البنية حين تفكك تفقد وظيفتها وتنتهي في التاريخ أيضا.. التفكيك بين العرب والأمازيغ في المغرب عبثية ساذجة وتسطيح يعزز الجهل بالصيرورة المنطقية للعرق والتاريخ.. إنّ المغربي حين يكون عربوفونيا، لأن الجنس أصبح موصولا بالاختيار الثقافي، فهو يعبر عن عروبته برموز أمازيغية عميقة، والعكس صحيح، لا يوجد شيء خالص هنا.. أخطأنا أم أصبنا هذا هو قدرنا التاريخي.. حتى الآن هناك سؤال لا أجد له جوابا: أين العرب وأين الأمازيغ في مغرب الشمس؟..إذا كانت هناك مشكلات في مورفولوجيا الثقافة فحلّوها بروّية ولا تذهبوا بعيدا..لأنّ التفريق يعيدنا إلى عبثية الظهير البربري.. إلى تدمير الهابتوس المغربي.. للذين يرهنون مصيرهم بالكيان الصهيوني فإنهم وقعوا في مفارقة معاداة السامية العربية.. وهم بذلك يرهنون تاريخ الأمازيغ الأحرار لحركة صهيونية عنصرية تحتل الأرض وتبيد الإنسان. إنّني أشفق عليهم وأدعوا لهم بالهداية. ولأنني أعرف مسبقا أنهم لن يستطيعوا تغيير الواقع باللّعب..إذا صحّ أنّ قوما من الفلسطينيين كانت لهم هجرة منذ 2000 سنة إلى المغرب وامتزجوا بالأمازيغ، سيكون الأمازيغ على مصاهرة مع الفلسطينيين..هل وقف المؤرخ على هذه الحقيقة؟ كلا..وإذن علينا إعادة كتابة التّاريخ..اكتبوه بالعربية أفضل من تيفيناغ أو الحرف اللاّتيني ..حتى نفهمه نحن المعنيين بمصير الهوية..اكتبوه باللغة التي كتب بها صاحب المعسول وإليغ..أو بالحرف العربي الذي كتبت به فارس لغتها من دون عقدة تاريخية..ثم ترجموه للغات الحية..العربية مكسب..والأمازيغية ثقافة..بنو هلال عربوا الأمازيغ ولكن الأمازيغ غيّروا الثقافة العميقة لبني هلال..هل يقال هو شكل من التثاقف(acculturation)؟ نعم، فهويتنا هي ولادة ثانية من رحم هذا التثاقف ومظهر من مظاهر تجربة حضارية خلاّقة..العصبية لا تغيّر حقيقة التاريخ والثقافة والقدر الأنتربولوجي..البحث عن الهوية البسيطة جنوح خرافي وحنين لعصر الأساطير..
أرى
في حكاية النزاع بين العرب والأمازيغ في المغرب هدرا للطاقة التي يجب أن تدّخر
لتعزيز خيارنا التنموي والحضاري، لأنّنا في نهاية المطاف أمّة قادها قدرها بعنف
تاريخي أحيانا وبإرادة التعايش تارة أخرى لكي تكون ذاتا واحدة عندها تهشّمت فكرة
الهوية البسيطة..ولا شكّ أنّ ما نراه اليوم هو مظهر من مظاهر النشاط الذي يتزعمه
هواة التبسيط..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق