توجهت، كغيري من المواطنين،
لحضور فعاليات المعرض الجهوي للكتاب في دورته السادسة المنظمة بمدينة الخميسات بين
7 و 11 أكتوبر 2015. وأنا أتجول، برفقة صديق، في الأروقة الجميلة التي نظمت
بالمناسبة، حصل معي ما لم يكن في الحسبان. فبعد تبادل التحيات وشيئا من المجاملات
عير المتكلفة، قال لي موظف من اللجنة المنظمة للمعرض ينتمي لوزارة الثقافة: «ننتظر
أن تكتب شيئا حول هذا الحدث. نريد أن نسمع بعضا من نقدك لما أنجزناه». بجملته
البسيطة هذه قلب تجوالي الاستكشافي رأسا على عقب. لقد حول رغبتي في ممارسة سياحة
ثقافية بريئة إلى سؤال مُقلق ينتمي إلى الفضاء العام: ما الذي أستطيع قوله أو
كتابته بشأن معرض لا أحيط بتفاصيل تنظيمه، أو ربما لا شيء يحفزني للكتابة بشأن شكل
إجرائه أو مدى نجاحه؟!
بين هذا وذاك، شيء بسيط رجح
ضرورة الكتابة لدي، وهو المسؤولية الاجتماعية التي أبداها هذا الرجل بشأن دوره
كموظف يريد أن ينصِت إلى غيره، وإلى ما يمكن أن يقوله شخص ما حول هذا الحدث
الثقافي على سبيل المشاركة في النقاش العام وتدوير زوايا النظر للحقائق والخبايا.
فكَّرتُ مليا في الموضوع، إلى
أن استقر رأيي على أهمية الكتابة على موضوع ذي علاقة وطيدة بالأمر، يصُب في نفس
الهدف: خدمة الكتاب والثقافة والمجتمع المحليين.
انطلقت من ملاحظة أولية: عدم مشاركة الخزانة البلدية لمدينة الخميسات في هذا العرس الثقافي الذي لم تشهده المدينة لأزيد من 20 سنة خلت أو أكثر.
ففي هذا الحدث الكبير، رفضْتُ
المقولة الفرنسية التي تقول: بعيدا عن العين بعيدا عن القلب. فالخزانة برغم بعدها
عنا من حيث المسافة، تحتضنها قلوبنا؛ لأننا، كسكان محليين، نعتبرها، شاءت ذلك أم
أبت، رئة ثقافيةً لنا.
جُلت بعيني على مدار أروقة
المعرض، فلم أجد عنوانا لرواق خاص يحمل اسم «الخزانة البلدية للخميسات». تساءلْت:
كيف للمدينة أن تستضيف النسخة السادسة من معرضٍ جهوي خاص بالكتاب في غياب مطلق لأي
حضور أو مشاركة رسمِيَّين للخزانة العمومية الوحيدة التابعة للمجلس البلدي؟!
بدا غياب الخزانة فادحا!
وهكذا، مرة أخرى، اختارت الخزانة
أن تحتجب وراء أشجار غابة المقاومة (مْرَابُّو) بعيدا عن الناس وعن الرهان الثقافي
للمدينة! هل يعود الأمر إلى الكسل، أم التقاعس، أم العجز أم إلى عدم المسؤولية؟!
لنفكك هذا السؤال عبر محاولة
الإجابة عن سؤال آخر يمكن قياس الأجوبة المطابقة له بعيدا عن المهاترات: أين
أخطأَت الخزانة هذه المرة أيضا؟
1. الخطأ الأول: إضاعة فرصة اللقاء
مع جمهور عريض من الساكنة المحلية.
فبالنظر إلى بعدها (أو إبعادها)
عن مركز المدينة وتواجدها على الهامش، فإن الخزانة لم تشكل أبدا مركز جذب تلقائي
للساكنة المحلية بما فيهم الباحثين والطلاب والتلاميذ والمهتمين بالكتاب عموما.
ولهذا، فإن تماسَّها وتفاعلها مع المرتفقين المحتملين يحدث في حدود دنيا؛ وعدد
الزوار اليومي أو السنوي لمرافق المكتبة من شانه أن يعطي فكرة واضحة عن فشل هذا
المرفق العمومي في أداء دوره المنتظر. وليس غريبا أن تجد عددا لا باس به من
المعنيين مباشرة بالمجال الثقافي والدراسي لا يعلمون بوجود هذه المكتبة من الأصل!
لقد كان من شأن مشاركة المكتبة
في هذا المعرض أن يقدم خدمة جليلة في التعريف وربط الاتصال بين المكتبة والساكنة.
هذه المشاركة لم تجر.
(في هذا المقام، تصير الإشارة
إلى أن المكتبة لم تكلف نفسها حتى المشاركة، عبر ممثلة أو ممثل لها، في افتتاح
المعرض من نافلة القول!)
2. الخطأ الثاني: ضعف مساهمتها في
التعبئة لهذا الحدث الثقافي.
إن ضعف التعبئة لهذا الحدث
الثقافي يعد مسؤولية تتقاسمها الخزانة مع العديد من الفعاليات الثقافية والاعلامية
بلا شك. فليست الخزانة، بلا شك، هي المسؤول الوحيد عن هذا الأمر. غير أنه إذا
اعتبرنا أن الخزانة هي الوجه الثقافي الأساسي للمدينة فإنه مسؤوليتها الكبيرة تظهر
كنار على علم، خاصة على صعيد ضعف مساهمتها في التعبئة لهذا الحدث بقصد إنجاحه.
فهذه المهمة لم تتم. لقد كان الإعلان الوحيد اليتيم الذي نشرته صفحة الخزانة على شبكة التواصل الاجتماعي يحمل
تاريخ 5 أكتوبر 2015؛ أي يومان قبيل انطلاق فعاليات. وانحصر التعريف عن هذا الحد. كما أنها لم توزع أي إعلانات على المدارس والثانويات
ودور الشباب لحث الأطفال والتلاميذ والشباب وهيئات المجتمع المدني على الحضور
والمشاركة. كما أنها لم تصدر أي بيان يدعو الساكنة إلى الحضور في الفعاليات
المبرمجة. وفي الأخير، وبعد انتهاء المعرض، لم تُجر أي متابعة إعلامية بشأنه [يمكن
العودة إلى صفحة الخزانة التفاعلية لمعاينة هذا الأمر[1]].
3. الخطأ الثالث: عدم مشاركتها
برواق خاص.
كما لا نستطيع تصور وجود مهرجان
موسيقي محلي بدون مغنين يمثلون الفلكلور أو الأغنية المحلية للمدينة المنظِّمة، لا
نستطيع أن نفهم كيف تغيب الخزانة المحلية للكتب لمدينة الخميسات عن الحضور برواق
خاص داخل معرض خاص بالكتاب والثقافة. وللأسف - وهذه فضيحة - حضرت الأغنية
والفلكلور المحليين للمدينة وللمنطقة في معرض الكتاب هذا، بينما غابت الخزانة
البلدية المفترض فيها أنها مسؤولة عن رعاية الكتاب ونشر الثقافة!!!
كان الغياب دراماتيكيا بحق!
في هذا المعرض، 100 سنة من
التاريخ الحديث لهذه المدينة ومئات أو آلاف السنين من تاريخ المنطقة لم تنل سوى
القليل من الزمن والعرض...
العديد من الأحداث الثقافية
والفنية والسياسية التي كانت المدينة مسرحا لها لم يتم التذكير بها أو عرضها...
عشرات الكتب لكتاب محليين، وعلى
رأسهم كتاب المقاوم المرحوم السي أحمد بوبية، لم يتم الاحتفاء بها...
بعض الصور والمطويات التعريفية
الخاصة بالخزانة البلدية لم يجر عرضها أو توزيعها على الحضور على سبيل الدعاية
للخزانة وبالتالي خدمة الكتاب والثقافة بالمدينة...
هذه وغيرها من الأنشطة التي كان
يمكن لرواق الخزانة البلدية أن يحتضنها لو تم إعداده وتجهيزه وتنشيطه. لكن لم يتم
أي شيء من هذا!
...
هذا الغياب غير المبرر وغير
المسؤول والذي ينم عن لامبالاة حقيقية بالأهمية الاستراتيجية للخزانة البلدية
ولدورها الحيوي في المدينة، يدفعنا لنفتح صفحة جديدة من نقاش جدي في موضوع «الدور
الثقافي للخزانة البلدية». هو نقاش كان الجزء الأكبر منه في الكواليس سابقا،
والجزء الأصغر منه رشح إلى الخارج. بينما الآن، حان الوقت لتصير المكتبة العمومية
للمدينة موضوعة على طاولة النقاش العام المحلي ليشارك فيها الجميع. انطلاقا من
المسؤولين عن اللجنة الثقافية في المجلس البلدي ورئيس المجلس نفسه، مرورا
بالمسؤولين عن الخزانة أنفسهم، وصولا إلى ذاك التلميذ الذي يزور الخزانة ولا
يستطيع أن يدخل مرحاضها لأنه صار مُـخوصَصا!!!
في البدء، أُدين - كما فعل غيري
وما يجب أن يفعله كل غيور - القرار شبه-الإجرامي في حق الثقافة والمدينة على
السواء الذي سبَق وأن وُقِّع ونـُـفِّذ من لدن المجلس البلدي وأدى إلى نقل مقر
الخزانة البلدية إلى هامش المدينة لا إلى قلبها، إلى إبعادها عن المستفيدين لا إلى
تقريبها أكثر منهم. هذا القرار يفسر حجم تخلف العقلية التي اتخذته ومدى عدوانيتها
الصريحة أو الضمنية تجاه الثقافة والمعرفة حتى ولو ادعت العكس. لقد اتخذوا قرارا
بهذا الحجم في غياب أي دراسة للجدوى؛ فكانت النتيجة أن حولوا هذه الخزانة إلى مأوى
للصمت بحيث صار يمكن تعداد زوارها اليوميين بأصابع اليد الواحدة![2].
على سبيل المقارنة: هل يستطيع المجلس البلدي أو رئيسه أن يتخذا، مثلا، قرارا
بتحويل مقر البلدية إلى محاذاة السوق الأسبوعي (سوق الثلاثْ) في الحدود
الشمالية-الغربية للمدينة أو إلى حدودها الجنوبية قرب محطة أداء الطريق السيار أو
إلى ما وراء حي السعادة؟! ألن يعتبر الناس قرارا من هذا القبيل ضربا من التخلف أو
الجنون؟ ألن يكون قرارا كهذا مدخلا لإثارة انتقادات بالجملة - وربما انتفاضات -
لها أول وليس لها آخر؟ بالتأكيد نعم! لكن الجميع اليوم يصمت على هذه الجريمة
الثقافية التي أجهزت على رئتنا الثقافية عبر إبعادها إلى هامش الهامش.
ما هي القرارات الاستعجالية
الواجب اتخاذها لبث الروح في الخزانة البلدية وإخراجها من موتها السريري؟
1. ضرورة انفتاح المكتبة على
محيطها أكثر:
هناك مؤشر أساسي على مدى سريان
الحياة في روح كل مكتبة، وهو عدد زوارها. ومن ثم فإن رفع عدد الزوار يجب أن يشكل
رهانا تدبيريا وثقافيا أساسيا. المطلوب أن نُـنهي الطابع الموسمي لعمل المكتبة
(نشاط كثيف خلال الأسبوعين اللذين يسبقان امتحانات الباكالوريا وكساد كبير قبل ذلك
وبعده على امتداد السنة!). في هذا الصدد نحتاج إلى مجهود مزدوج: فمن جهة، ضرورة
تنظيم أنشطة تواصلية من قبل المكتبة تستهدف جميع النقط التي يتواجد بها التلاميذ
والطلاب والباحثون وهيئات المجتمع المدني والمهتمين بالثقافة عموما. خاصة وأن
الكثير من هؤلاء ليسوا على علم بوجود هذه المكتبة أو أنهم لا يقدرون طبيعة
الفضاءات التي تحتوي عليها والتي تسمح بتنظيم العديد من الأنشطة المختلفة شكلا
ومضمونا [تتوفر المكتبة على: قاعة كبيرة صالحة لتنظيم الندوات والمعارض الفنية،
فضاء خارجي في الهواء الطلق يصلح لتنظيم أنشطة تربوية وترفيهية للأطفال، زوايا
مناسبة لتنظيم الورشات، نادي لقصص الأطفال، زيادة على قاعة المطالعة وطاولات
المناقشة الجماعية وآلاف الكتب وغيرها]. ومن جهة أخرى، إلى ضرورة مبادرة الجمعيات
إلى طرق أبواب الخزانة لتنظيم أنشطة ثقافية بانتظام من خلال التنسيق معها (معارض،
ورشات، تنشيط تربوي، وغيرها).
2. ضرورة إعادة النظر جذريا في
مهام الخزانة البلدية:
إن إيقاع السلحفاة الذي تسير
عليه الخزانة البلدية اليوم صار أمرا غير مقبول. إنها جد متأخرة حتى بالمقارنة مع
بعض خزانات الأحياء في بعض المدن المجاورة. لقد حان الوقت أن يتم التفكير جديا في
تحريك عقل ومحرك المكتبة أكثر لتحسين منتوجها النهائي.
يمكن الانطلاق من إعادة تجميع
مهام الخزانة في المهام الثلاث التالية. بحيث يجري تنظيم الإدارة والتسيير
بالارتكاز عليها:
أولا: مهمة حفظ الذاكرة؛
ثانيا: مهمة خدمة الكتاب
والمعرفة؛
ثالثا: مهمة التنشيط الثقافي.
لننفكك، بما يسمح به المقام، كل
مهمة على حدة.
♦
مهمة حفظ الذاكرة:
بالنظر إلى افتقار المدينة إلى
متحف خاص، لا مناص من أن تشكل الخزانة البلدية ملجأ مؤقتا للذاكرة المحلية. أرشيف
المجلس البلدي، أرشيف صور المدينة، جناح خاص بالكتب والتقارير والدراسات والمقالات
التي كُـتبت حول المدينة، جناح خاص بجميع الكتب التي ألفها أبناء المدينة، وغيرها
من المواد التي تصلح لأن تشكل رافدا في بحر التاريخ الخاص للمدينة، كل ذلك يجب أن
يجب أن يجد له مكانا مميزا داخل رفوف الخزانة. إنها مهمة استراتيجية بامتياز. فما
دام أرشيف المدينة مشتتا في هذه الزاوية أو تلك، في هذا المكان أو ذاك، سيبقى
عقلنا العام مشتتا أيضا. إن التوجه العام الذي يسير عليه العالم، بما فيه المغرب
من خلال مشروع الجهوية، هو تثمين البعد المحلي وجعله قيمة مضافة في التشكيلة
الوطنية العامة. وهذا ما لا يتم في غياب تجميع وحفظ الثروات الرمزية المحلية.
أن تبقى الخزانة مكتوفة الأيدي
على هذا الصعيد هي جريمة ثقافية أخرى في حق هذه المدينة وتاريخها الخاص.
♦
مهمة خدمة الكتاب والمعرفة:
وهي المهمة الكلاسيكية للمكتبة.
بيد أن هذه المهمة يتعين أن يعاد فيها النظر بشكل جوهري. فخدمة الكتاب لا تتوقف
عند تقديم هذا المؤلف أو ذاك لفائدة من يطلبه في عين المكان. دورة إنتاج «خدمة
الكتاب»، تبدأ من طبيعة عملية اقتنائه، إلى شكل تنظيمه، مرورا بأولوية التعريف
بوجوده ثم إعارته، وصولا إلى استرجاعه وصيانته. هذه الحلقات تحتاج، بالنظر إلى
مظاهر الضعف التي تسجلها عمليات تدبيرها من قبل الخزانة، إلى تصحيحها وتجويدها في
نفس الوقت. وذلك بالارتكاز على ثلاثة مبادئ أساسية: (أ) مبدأ المساواة بين
المواطنين، (ب) مبدأ صيانة الأملاك العامة و اخيرا (ج) مبدأ تجويد الخدمة
العمومية.
كما أن تكريس فكرة سمو المعرفة
في سلم أوليات الناس يحتاج إلى مجهود إعلامي وتواصلي حثيث ومبرمج وفق خطط واضحة.
وهو ما عجزت عنه الخزانة حتى يومنا هذا.
♦
مهمة التنشيط الثقافي
إذا كانت الإمكانات التي تتوفر
عليها الخزانة جد محدودة، لا تمكنها من تنظيم أنشطة متنوعة بشكل شهري أو دوري، فإن
لا شيء يمنع الخزانة من أن تؤدي دور المسهل للخدمات. إن الفضاءات العديدة
والامكانات الداخلية التي تتوفر عليها تسمح بإجراء عمليات ناجحة للتنسيق أو
الشراكة بينها وبين جمعيات المجتمع المدني المتخصصة في العمل التربوي لفائدة
الأطفال أو في الشأن الفني والمعرفي لفائدة البالغين والطلاب والباحثين. ولهذا،
فإن انفتاح الخزانة على دور الشباب والمؤسسات التربوية وجمعيات الأحياء والجمعيات
العلمية والفنية صار أولية ما عادت تحتاج إلى الإرجاء أو الكسل. او بعبارة اخرى،
مطلوب أن تتحول الخزانة إلى مركز تنشيط ثقافي حقيقي لا مجرد بناية بلا روح، حيث أن
تكلفتها أكبر من منفعتها.
3. ضرورة خلق مراقبة رسمية وشعبية
لأداء الخزانة
نراقب عمل المستشفيات، أداء
المجلس البلدي، ضعف الأمن، قلة الشغل ... لكننا، بالمقابل، نهمل، أشد ما يكون
الاهمال، مراقبة أداء أهم مؤسساتنا الثقافية بالمدينة (الخزانة البلدية ودور
الشباب). هذا الإهمال يجب أن ينتهي غذا ما كنا نطمح إلى إيجاد مؤسسات على مقاس
حلمنا بمدينة تصلح للعيش.
لقد أهمل رئيس البلدية الأسبق،
البويرماني، الشأن الثقافي بصورة فظيعة. وأعتقد أنه لم يزر مقر الخزانة ولو لمرة
واحدة على امتداد ولايته الرئاسية على رأس المجلس. وكذلك فعل أغلب أعضاء المجلس
وأعضاء لجنته الثقافية، باستثناء القلة القليلة، وعلى رأسها المستشار الجماعي
الحسين عصمة.
كما أهمل السكان المحليون
التركيز على مدى جودة خدمات الخزانة بالنظر إلى بعدها عن عيونهم أو ربما بسبب ضعف
رهانهم الثقافي.
والآن، وقد صارَ هم إنماء
المدينة لدى الساكنة أكبر كما أن مشاركتهم في في النقاش العام صارت أوسع،
المطلوب أن يُـمسي الانشغال بمراقبة أداء مؤسساتنا الثقافية في صلب اهتمامنا
كساكنة ومسؤولين وذلك بقصد تجويد وتطوير مناخنا الثقافي المحلي.
ولعل مسؤولية المجلس البلدي
(على علاته) هنا أكبر، انطلاقا من التذكر بأن الخزانة جزء لا يتجزأ من مؤسسات
البلدية لا عضوا غير-وظيفي يتعين فصله عن الجسم المؤسساتي العام!
وهنا لا بد من الإشارة إلى
ضرورة أن ينتهي المنطق الأمني الذي يرى في المعرفة خطرا على الدولة، لأن الخطر
الحقيقي عليها وعلينا كساكنة محلية يأتي من الجهل. إن الثورات والاحتجاجات
والتمردات ما عادت تنبع من المكتبات أو الجامعات أو المسارح أو المدارس. لقد تغيرت
المعطيات والظروف، فيجب، إذا، أن يتغير منطق تحليلنا لها. وما هو أكيد، هو أن
الإرهاب يأتي من الجهل.
ويجب أن ينتهي منطق القرارات
غير المحسوبة كقرار إبعاد المكتبة إلى هامش المدينة في حدودها الشرقية؟! إن
التدبير على طريقة "عِينْكْ مِيزَانْكْ" صارت أمرا مَعيبا ومستهجَنا، بل
ومقززا في مدينة تَتَـرَّيف، من الناحيتين الجمالية والثقافية، على مَـهل!
نريد مناخا ثقافيا محفزا على
الإبداع وداعما للمعرفة ... في عصر الابداع والمعرفة.
نريد خزانة بلدية في حجم رهانات
المدينة.
[هامش لا بد منه على سبيل
التذكير: إنها مناسبة لأجدد الدعوة إلى أفضلية تحويل مقر الخزانة البلدية الحالي
المتواجد بغابة المقاومة (مرابو) إلى متحف عمومي للمدينة. هذا، طبعا، بعد إيجاد
مقر جديد للخزانة بحيث يكون أقرب إلى مركز المدينة ليتسنى لها أن تقوم بدورها
الكامل خدمة للكتاب والمطالعة والبحث والعمل الثقافي عموما. إن علاقة المتحف
بالمكان غيرها بالنسبة للمكتبات العمومية. فالمكتبات، كما دور الشباب، تعيش على
القرب من الناس، كما أنها تُـــــهــْـجَـر لبعدها عنهم. المطلوب أن يتم العثور
على مقر جديد أو تشييده إذا اقتضى الحال. هذه مهمة مستعجلة، حتى ولو اضطر المجلس
البلدي إلى أن يشيد مكتبة تحت-أرضية أسفل ساحة الحسن الأول أو أسفل ساحة المسيرة
أو فوق الملحقة الإدارية الأولى (المقاطعة الإدارية بحي السلام) على سبيل المثال.
هذا مقترح لألا يعارض من يعارض استنادا إلى الحجة المكرورة "غياب العقار
المناسب". بالتأكيد قد نجد مقترحات أخرى غيرها. المهم أن نفكر مليا في الأمر.
فكل تأخير من شأنه أن يقزم، بلا شك، من حظوظ أطفالنا وشبابنا وسكان مدينتنا في
الحصول على حقهم في المعرفة].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق