فؤاد بلحسن
belahcenfouad@gmail.com
لم يعد السكوت ممكنا ولا مقبولا على خلط بعض الإسلاميين المعتدلين لقواعد العمل السياسي المعقول وعلى إضاعتهم لقدرة فرز العمل الصالح عن العمل الفاسد. فقد باتوا لا يميزون بين الجنون والحكمة، بين الإرهاب والثورة، بين العنف والسياسة، وبين الإنسان والحجر. وهاهم يركبون عصبياتهم أكثر مما يمتثلون لمرجعياتهم، القرآنية والنبوية. لم يعد الإسلام عند هؤلاء أَوْلى من الاتباع من مذهبياتهم؛ فالمذهب صار حاكما على الإسلام، وليس العكس. ولا أجد أكثر من هذا زيغا وانحرافا وظلما وانغماسا في الضلال والظلام. فأن يصبح حفظ نفس المسلمين، بمختلف أطيافهم، في آخر سلم المقاصد، فاقرأ، إذاً، على قلوبهم وعقولهم سورة الناس، وتمنى صادقا أن تنزل بركاتها- في هذه الأيام المباركة التي ما عادوا يراعون لها حرمة- على قلوبهم التي ما فتئت تتلوث بالعنف والخشونة والعصبية العمياء ضد المختلف. من مصر إلى سوريا إلى العراق إلى غيرهم، بات التفكير في حفظ حياة الإنسان، مسلما وغير مسلم، آخر ما يفَكَّر فيه؛ فالحكم بات مقصد المقاصد. وهكذا باتوا يتساوون، في هذا الشأن، مع البعث والبعثيين العلمانيين، بنموذجيهما السيئين في سوريا وعراق صدام، ومع عسكر مصر العاض على السلطة لحوالي خمسة عقود ضدا عن إرادة المصريين، ومع علمانيي مصر الذين ما عادوا يرون للإنسان وحقوقه حرمة ما دام قتل المتظاهرين المخالفين يمهد لهم حكم الدولة، بالشراكة مع الديكتاتور السيسي، بعد أن أفلسوا وعجزوا عن تسلق سلم السلطة عبر طريقها الشرعي، الديمقراطية. وباتوا يتساوون أيضا مع علمانيي تونس الذين رفعوا "قميص عثمان" (حادثة استشهاد قياديين معارضين) من أجل أن يربكوا، عبر التعنت الطفولي والعبثي، المسار الدستوري والسياسي والحكومي لتونس الثورة.
وما أعظم المصيبة الجديدة التي صار فيها جهلة الدين وقليلو العقل من أنصار العنف والإرهاب يقودون تفكير المعتدلين من الإسلاميين. فاليوم، تُقدم ساحة العراق نموذجا لارتخاء عضلات عقول هؤلاء المعتدلين الذين أعلن بعضهم، صراحة وبلا خجل، أن "الثورة الداعشية" التي يقودها الجناح الأعنف في القاعدة (تنظيم داعش) "ثورة شعبية" عارمة!
أخطأ القرضاوي وزملائه من العلماء في تقدير الموقف في العراق بإصدارهم فتوى متسرعة تعطي الإرهابيين غطاء شرعيا وسياسيا وتمهد الطريق لتحويل العراق إلى سوريا ثانية. فهم، إذ يفعلون، يكررون خطأ آخر اقترفوه وهم بصدد تقدير الموقف في سوريا لما صبوا الزيت على نار أضرمها مجانين، علمانيون وإسلاميون، فحولوا هذا البلد إلى دولة تحمل كل صور العجز ومظاهر البؤس الممكن تصورها: قتل متبادل لعشرات آلاف المدنيين، تهجير إلى الملاجئ والمخيمات لملايين السكان، مجاعة وسوء تغذية في أكثر من منطقة، دمار للبنية التحتية، تسول للمجتمع الدولي، تسخير المرافق العامة للقتل والقتل المضاد، ترسيخ ذهنية العنف والانتقام... باختصار، حولوا، بفعل الشراكة في الجنون، البلد إلى أرض منكوبة بلا حكومة تدير الدولة أو جيش يحمي الحدود أو شعب تلمه هوية جماعية.
وأقول، بالكثير من اليقين، أن فتواهم تلك، حول العراق، ستكون في صدر ميزان سيئاتهم أمام الله؛ إذ دفعوا الدين والمتدينين البسطاء في الزاوية الخطأ، زاوية الإرهاب العاري من أي وازع شرعي أو أخلاقي.
وللتدليل على ما أقول، أسرد بعضا من منجزات "الثوار الجدد" بعد أقل من أسبوعين من "ثورتهم الشعبية" التي أشادت بها الفتوى: إعدام للمدنيين، اغتصاب للقاصرات، جلد للأطفال، تهديد للسكان، حرق للمساجد والكنائس، تفجير لمراقد الصالحين والأولياء الذين يشكلون جزء من الهوية الجماعية، كسر لتماثيل رموز الثقافة الوطنية، سرقة للتراث المادي التاريخي أو على الأقل إهمال غير مبرر له، إطلاق سراح المجرمين من السجون، والقائمة طويلة...
هل صدرت فتوى جديدة تدين هذا الأمر من القرضاوي وزملائه الذين طالهم الخَدَر وعلت أعينهم الغشاوة؟! لم ينبسوا – إلى حدود كتابة هذه السطور – بكلمة، واستمروا ملاحظين صامتين، فكانوا بذلك شياطين خرساء. وهم، لذلك، لا يستحقون احترامنا.
ثم ماذا قال القرضاوي في فتوى "الشيخ" عبد الملك السعدي، التي أشْرعَت أبواب المكبوتين والمجرمين على استحلال اغتصاب القاصرات والنساء تحت غطاء "ديني" وحجج تنهل من السخف والبلاهة وضعف التدين وقلة الحياء من الله والجرأة على تعاليمه؟ أين هي فتاوى القرضاوي وزملائه التي تُحصِّن ما أسموه، فِرية، بـ"الثورة الشعبية" من الانحراف عن خط الثورة الوطنية؟ وفي هذا الإطار، ألا تبدو فتوى السيستاني وحِجاجه السياسي ضد الفكر التكفيري والإرهاب الداهم أكثر حكمة وتنويرا وتهذيبا وشرعية ووطنية، وهو الذي يتابع، أولا بأول، ما يجري بتوجيهات منبرية مخافة أن تنزلق الأمور بعيدا عن مقاصد الشرع والدفاع المشروع عن البلد؟ ألا يبدو السيستاني، في هذه الحالة، خط دفاع شرعي ضد هجمة جيش مرتزقة مدعوم من قبل عشائر تنتصر لعصبياتها أكثر مما تنتصر للعراق ووحدته وسلامة أراضيه وحياة أبنائه؟
إن شيوخنا العاملين، الذين حسِبناهم من أهل الحكمة والحيطة، قد عميت أعينهم فما عادوا يبصرون، وهاهم لا يدَّخرون جهدا لإهداء العراق لمن يختزل قيم الإسلام ورؤيته الحضارية في إطالة اللحى وارتداء الجلابيب القصيرة واستعمال السواك وتحطيم المقابر غير المسطحة! هاهم يمهدون العراق لتحكمه فئة لا تمسك من معنى النص غير حرفيته وظاهره، وما مرَّنوا عقولهم، ولا لهم النية لفعل ذلك، على أصول الدين ومناهج الاستنباط وقواعد التأويل وأدب المناظرة والفقه المقارن. أما إنجاز الحضارة، أما السبق الحضاري التي تحث عليها «كنتم خير أمة أخرجت للناس» فلا شأن لهم بهما، ما دام الحكم الشرعي – بحسب قراءتهم البئيسة للنص المقدس- سيجد طريقه إلى "التنزيل". أما اقتدار الدولة، مدنيتها، تنظيمها، رفاهية الإنسان فيها وتعليمه وتطبيبه، فهي، الأخرى، خارج معادلات "الثوار الجدد". وحتى حث الرسول الأكرم لكل مسلم على التعلم، سيجدون ألف حجة وحجة ليستثنوا منه النساء ويحشروهن في زوايا البيت ويغلقون عليهن الأبواب. فالدولة في نظرهم دولة حتى وإن كانت بلا مشروع إنماء وإعمار أو قامت فوق دمار؛ إذ أن أقصى ما يطمحون إليه، كنموذج، هو دولة طالبان. ولن يستبدلون غير شيء واحد: حشيش أفغانستان بنفط العراق.
إن هذا المجرم عبد الملك السعدي – وأنا أقوم بتوصيف شرعي وقانوني مجرد لفتواه المتخلفة – وأصدقاءه يفعلون كل شيء ليسيئوا للإسلام، بل وليجعلوه هُزْأة للعالم كله. ومع ذلك، يبشروننا بدولتهم في العراق والشام. دولة ستكون، لا محالة، عارا وشيْـناً للإسلام ولنا، في وقت طالَبنا النبي الأكرم أن نكون زينا للإسلام، ولروحه الشريفة وللمسلمين.
وفي الوقت الذي يردد الرجال: لسنا فَـرَّارِين (الفاضل السيد محمد بديع)، يتخفى "جهاديو" داعش في زي النساء هربا من جيش العراق وحُماته، و يكتفون باستعراض بطولاتهم على شواهد المقابر المسيحية عبر تدميرها ورفسها بالأرجل! هم الجبناء حقا، حتى لو انتصروا. فالقط لا يصير أسدا أبدا: فغسل الدماغ الذي يخضعون له وقت الاستنفار القتالي، على يد مشايخ يُصدرون فتاوى الجهاد ثم يختلون في الشقق بالنساء أو يركبون السيارات رباعية الدفع والمكيفة بعيدا عن ساحات القتال، لا يلبث أن تنتهي آثاره بعد أول مواجهة مع جيش وطني يدافع عن بلده من أجل تحريرها، لا من أجل أموال تقدمها السعودية ودعم لوجستي تضمنه أمريكا.
إن السيد محمد بديع، مرشد الإخوان بمصر، وهو على بعد أيام قليلة من مشنقة الانقلابيين - لا سمح الله- لا يدعو إلى قتال ولا إلى فتنة، بل يدعو للثبات على الحق، والصبر على الاعتقال والسجن والتصدي لإرهاب دولة العسكر بالصدور العارية والبطولة والنضال. ولقد ترك في الجهلة كلمة ثانية تكتب بالذهب لو كانوا يعقلون: «سِلميتنا أقوى من الرصاص». وإذ تبقى هذه الكلمة شاهدة على الروح الاسلامية المستنيرة والإنسانية التي لا تدمر الوطن من أجل أهداف ومصالح فئوية، نجد، في المشهد الآخر، مرتزقة الدواعش والقاعدة والسلفية الجهادية والوهابيون المتطرفون وجبهة النصرة يخطون، بدماء الأبرياء، فصولا مشينة من قصص التعصب والعنف والتدمير وكراهية الآخر والتضحية بالإنسان والأوطان خدمة، بوعي تارة وبلا وعي تارات أخرى، لأجندات خارجية رخيصة، وعلى رأسها أجندتا إسرائيل وأمريكا اللتان تريدان من منطقتنا أن تكون منطقة "للفوضى الخلاقة" التي تكرس وجودنا، باستمرار، كبشر من الدرجة الثانية؛ نتوسل المساعدات الخيرية الدولية وقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام للفصل بيننا نحن أبناء الوطن الواحد والأمة الواحدة والدين الواحد واللغة الواحدة والمصير المشترك.
وأزيد تذكير القرضاويين الجدد والدواعش وأنصارهم بموقف السيد محمد مرسي، الذي تربى على أفكار الإمام حسن البنا التنويرية. فقد كانت آخر وصاياه لأنصار الشرعية، قبل اختطافه من داخل قصر الاتحادية من قبل العساكر، أن لا ينساقوا وراء الاستفزازات التي تريد الدفع بهم إلى دوامة العنف؛ إذ رأى أن الوطن أكبر من كرسي رئاسته، وأن دم أنصاره ودم مخالفيه أهم من حياته هو. أين القرضاويون والدواعش من هذه الروح التي تفكر في الإنسان – كل إنسان، حتى المختلف - قبل التفكير في النفس والعصبة والعشيرة و الطائفة والمذهب!
ولا أحتاج التذكير هنا أن هامش الحريات الذي تمتع به معارضو السيد نوري المالكي يزيد آلاف المرات عن الهامش الذي بين يدي معارضي الانقلاب في مصر. ومع ذلك فضل هؤلاء الحكمة والمصلحة الوطنية وعدم الانجرار وراء نزعة العنف والانتقام، بينما فضل أولئك احتضان الإرهابيين وممارسة العنف والإرهاب واستقطاب المرتزقة.
أفضل أن أموت إخوانيا، بالمعنى وبالفعل، مائة ألف مرة ولا أموت ولو لمرة واحدة في صف الدواعش الفرَّارين.
وفي الواقع، لا أجد غباء أشد من غباء بعض العشائر العراقية، المدعومة بفتاوى أنصاف العلماء، التي تحمل السلاح مع داعش وتجاهد في خندقها؛ إذ ما اتعظت بما وقع وما يزال على بعد أميال فقط منها في سوريا: ألم يَقتل الدواعش إخوتهم في العقيدة والمنهج (جبهة النصرة) شر قتلة بعد أن تمكنوا من بعض السلاح والمال والنفوذ؟ ألا يرون ما يجري في نفس أسبوع إطلاق عملهم المسلح المشترك ما تقوم به داعش في دير الزور، بسوريا، من تنكيل وتقتيل لـ "إخوتها" في "الجهاد" في «الجيش السوري الحر»؟. وإنما لا تعمى القلوب ولكن تعمى القلوب التي في صدور.
وسيرى العشائريون أي منقلب ينقلبون حين يصيرون بين يدي الدواعش الجهلة.
ومن البلية ما يضحك: فقد وجد أنصار الدواعش ومؤيدي فتوى "الثورة الشعبية" السخيفة، من داخل العراق وخارجه، في عزة الدوري – نائب الرئيس العراقي السابق صدام حسين – ملجأ لهم ولعارهم، بعد أن انكشفوا أمام العالم بتأييدهم لحركة إرهابية. وهكذا، شرعوا جاهدين من أجل أن يصنعوا منه بطل الثورة وقائدها ووجهها الناصع، غير الداعشي، لكن فاتهم أنهم بفعلهم ذاك يسقطون في تناقض يكشف زيفهم ويزيدهم افتضاحا أكثر: كيف يجتمع انتقاد والدعوة إلى الثورة على المالكي بسبب "طائفيته" و"لاديمقراطيته" مع تأييد عزة الدوري الذي كان على رأس نظام بعثي حكم الشعب العراقي بالحديد والنار، ضربه بالكيماوي، حفر له مقابر جماعية، فرض عليه ديكتاتورية الحزب الواحد لعقود من الزمن، وورطه في حروب خاسرة مع جيرانه؟!
ثم إنه من حقنا، أيضا، أن نعرف أين كان أغلب أولئك الإسلاميون المعتدلون عندما كان صدام حسين يقصف مساجد ومراقد الشيعة بأسلحة المدافع، يغتال علمائهم، يخنف حرياتهم وشعائرهم، يمنع تأطيرهم، يُهَجر قادتهم، يصنع لهم مقابر جماعية ويستعرض ديكتاتوريته بكل فخر؟ لماذا لم يقولوا إنه طائفي مقيت كما يقولون اليوم بشأن نوري المالكي الذي انتُخب على رأس القوائم الفائزة في ثلاثة انتخابات عامة، نزيهة، شفافة وغير متنازع بشأن نتائجها حتى من قبل الفرقاء السياسيين المنافسين؟ ولماذا يتعمدون حجب حقيقة كون نوري المالكي لم يحظر لا التعدد السياسي، ولا حرية التعبير ولا التجمهر السلمي ولا انتقاده شخصيا، كما أنه صان استقلالية الهيئة العليا للانتخابات وأشرك الفرقاء الآخرين سنة وشيعة في الحكم، وفي قيادة البرلمان وفي الجيش أيضا (ذلك الجيش الذي لو أنه كان طائفيا فعلا لما سقطت محافظة الموصل بفعل خيانة قادتها الميدانيين الذين رجحوا انتماءاتهم الطائفية على قسمهم وولائهم للدولة)؟ و كيف يستقيم لهم انتقاد انقلاب السيسي ضد الرئيس الشرعي لمصر دون الوقوف، في المقابل، مع رئيس شرعي آخر دهم بلده مرتزقة لم يتركوا سوءا ما جربوه؟
عندما يشرع الإسلاميون المعتدلون في تقدير مواقفهم من الوقائع السياسية استنادا على المقولة الجاهلية: "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما" فاعلم أن مدرستهم هي مدرسة العشيرة والطائفة والمذهب ، لا مدرسة الإسلام.
وفي خضم هذا الهرج والمرج، لا ننسى أمريكا أوباما وأوباما أمريكا... فكلاهما ينجزان أدوارا تختلف في الأداء وتلتقي في الأهداف: فإذا كانت أمريكا تحارب الإرهاب الذي يفخخ بلدها وبلاد من تحميهم في الخليج، فإنها لا تجد أي مانع في دعم ذاك الذي يخدم استراتيجياتها التدميرية (القاعدة ضد روسيا، النصرة ضد بشار، ومنظمة خلق ضد إيران). أما السيد "المحترم جدا" أوباما الذي يستلم جائزة السلام بيد، نجده، باليد الأخرى، يضغط على زر طائراته بدون طيار «الدرونز» لتقتل الأطفال والنساء والشيوخ في أفغانستان وباكستان واليمن تحت مسمى "محاربة الإرهاب"، لكنه يماطل في توجيه ضربات للدواعش الذي بلغ خبر إرهابهم كل آفاق الدنيا وجرى على ألسن كل العقلاء. وكَم كان المالكي سخيفا وهو يدعوه إلى توجيه ضربات جوية ضد قواعد الدواعش؛ إذ كيف يثق - وهو اللبيب الذي أخرج عساكر أمريكا أذلاء من دون أدنى امتيازات على أراضي العراق عكس ما فعلت "قبائل قريش" الحاكمة في الكثير من دول الخليج – في رئيس دولة مستكبرة لا هَم لها إلا تمزيق خريطتنا العربية-الإسلامية لصالح الكيان الإسرائيلي؟! وكيف ينتظر الضربات المناسبة في الوقت المناسب من رئيس يرى في ضعف الدول العربية والإسلامية قوة لبده ولنفوذها في منطقتنا، ويصلي ليل نهار ويتمنى، بعد أن ساهم وما يزال في تدمير سوريا، أن تدمر تركيا، وإيران، والسودان ولبنان، ولن يدخر جهدا لتحويل هذه الدول إلى دول فاشلة، منشغلة بشؤونها الداخلية ونزاعات طوائفها ومذاهبها ونخبها السياسية، بعيدا عن مشاريع التطوير العلمي، الإنماء الاقتصادي-الاجتماعي، والاقتدار العسكري الذي يحمي شعوبها وأوطانها من استباحة مارينز أمريكا وبربرية الجيش الإسرائيلي؟
أخطأ الشيعة عندما راهنوا على السعودية ودول الخليج، بدل الإخوان المسلمون وغيرهم من المعتدلين والعقلاء في المنطقة، لإقامة حوار سني- شيعي يجنب المنطقة عشرات آلاف الأرواح، وأخطأ السنة عندما شرعوا في اعتبار إيران وحزب الله أعداء للدين والمنطقة، بدل أمريكا وإسرائيل.
وها نحن نحصد سوء تقديرات الإسلاميين المعتدلين
بل ها نحن نحصد نتائج نفاقهم: إنهم مستعدون للحوار مع الآخر الغربي، مع البابا، مع العلماني، مع الملحد، ومع غيرهم من الأصناف، في الوقت الذي يسدون كل أبواب الحوار على إخوتهم في الدين... فالسني والشيعي، ممن استولى عليهم الهوى، لا يريا في بعضهم البعض غير مواطن الاختلاف، أما المشترك، أما المساحات التي يمكن أن تكون منطلقا للحوار، أما المصلحة المشتركة التي يفرضها العيش المشترك على جغرافية واحدة وداخل الوطن الواحد، أما المصير المشترك الذي يرزح تحت الاحتلال الصهيوني والاستكبار الأمريكي والذي يتطل وحدة الصف وإشراك الجهد، فإنهما لا يريا أي شيئا من هذا. وهاهم اليوم يستبيحون الشجر، والحجر والبشر في حروب بينية تبدأ ولا تنتهي، تنطلق ولا تنطفأ، تدمر ولا تبني .. من أجل ماذا ؟ من أجل إشباع غريزة القضاء على «الآخر» المختلف، الذي لا يكون في نهاية المطاف، سوى «الأنا» بتفاصيل مختلفة بسيطة، ترجع لجغرافية وتنشئة هذا الإنسان المسلم أو ذاك أكثر مما ترجع لقناعاته المكتسَبة. فأغلب السنة هم سنة لأنهم ولدوا ونشئوا في أوساط سنية، كما أن أغلب الشيعة هم شيعة لأنهم ولدوا ونشئوا في أوساط شيعية. بالضبط كما أن أغلب الملحدين هم ملحدون لأنهم ولدوا ونشئوا في أوساط ملحدة. وكذلك الأمر بالنسبة للكاثوليكي والبروتستانتي، وقس على ذلك.
لقد جرب المسلمون السنة والشيعة كل أشكال الصراع، وثبت لهم فشلها. وهم إذ يجربون بعض أشكال الحوار والتقارب في نقط صغيرة ومناسباتية، لا يلتفتون إلى الأيادي الخفية والخبيثة التي تخنق التجربة في المهد. وما هي إلا حادثة هنا أو أخرى هناك حتى تكون صولة جديدة من الصراع قد دقت طبولها تحت عناوين جديدة.
فأي جنون هذا الذي ينخرط فيه بعض الإسلاميين المعتدلين، اليوم، وهم يجترحون إثم التحريض على قتل النفس المحرمة بدم بارد لأهداف (دحر الآخر المختلف أو الغلب عليه، والوصول إلى السلطة) تبث أنها لا تتحقق بخسائر صفرية أو باليسر المفترض لأي طرف من الأطراف المتورطة في مهرجان القتل المتبادل!
وفي ظل هذا الجنون الجماعي، مطلوب من الإسلاميين، أكثر من غيرهم، الإعلان بصوت عال، أكثر من ذي قبل، أنه لا تطبيع مع الدواعش و مع الإرهاب عموما. فالأَوْلى حفظ الإنسان من الموت، لا حفظ ثقافة الموت عبر التضحية بالإنسان...
فلا نقبل من الإسلاميين بلعهم للسانهم؛ فجرم الصمتِ "الداعِشْ" لا يقل عن جرم القول الآثم...
كما لن نقبل من الشيوخ مضغهم للكلمات وخلطهم للمفاهيم وإساءتهم للإسلام من خلال فتاوى مفلسة تفيد التجهيل لا التنوير وتقف في صف الإرهاب ضد الإسلام والمسلمين، أنفسهم، بمختلف مذاهبهم. فكما هم مدانون علماء السلطان (في مصر والمغرب...) مدانون أيضا علماء الأمريكان (في السعودية وقطر...).
ولن نقبل من القرضاوي أن يُبدل نضالنا ضد إسرائيل والاستكبار العالمي بعداوة ضد إخوتنا من المسلمين الشيعة. ولن نقبل منه أن يستحمرنا بفتاواه السخيفة التي ما فتئت تتزايد. ففي الوقت الذي رأى في خروج البحرينيين في تظاهرات سلمية، ضد أمراء الدولة الحاكمين، "ثورة طائفية"، يرى اليوم في خروج الدواعش والعشائر في تظاهرات مسلحة "ثورة شعبية". وفي الوقت الذي يفتي علماء بالدعاء في الحج على أمريكا والاستكبار العالمي، يأتي هو ليحث طرفا من المسلمين أن يرفعوا أيديهم بالدعاء ضد طرف ثان منهم؛ ليجعل من الحج ساحة للتنازع الإسلامي-الإسلامي لا مساحة للوحدة الإسلامية تحت النداء الرباني الجامع: لبيك اللهم لبيك. وفي الوقت الذي يحرص العلماء الشرفاء على الابتعاد عن صغائر الأمور التي تذهب بالوقار وتبعث على السخرية، يجري هو وراء فتاة الثلاثين عاما، فيتزوجها ومعها حباة الفياكَرا المقوية!. وفي الوقت الذي يعلم الصغير والكبير قواعد امريكا في قطر، ينكر هو على السائل علمه بالأمر. فمتى كان المفتي يكيل بمكيالين، مراوغا وكاذبا؟!
وكم نأسف أنه، إذ يجري وراء هكذا مغامرات فتوائية، فإنه يسيئ إلى رجال عهدناهم من ذوي الحكمة والمروءة، كالسيد الفقيه الريسوني، الذي نتمنى أن يعلن البراءة من هذا السخف الذي يتغطى بالدين، ثم يأتي السوء على غفلة من المؤمنين.
وإذ يتعين على الأمة الإسلامية بسنتها وشيعتها أن ترفض السفهاء من السنة والشيعة على السواء، وخاصة أولئك منهم الذين يرتدون لباس أهل الدين ويتكلمون بلسان أهل النفاق، فإنها مدعوة إلى أن تعيد صلاتها برجالاتها من علماء الدين المستنيرين من أمثال جمال الدين الأفغاني الوحدوي، الإمام محمد عبده المستنير، الإمام البنا الباني، الإمام الخميني الثائر، الفقيه محمد باقر الصدر الفيلسوف، الشيخ فتحي يكن الواعي، العلامة محمد حسين فضل الله الحكيم، المرشد عبد السلام ياسين المربي، علي شريعتي المعلم، وبنظرائهم من العلماء والمفكرين الإسلاميين المجددين لدى السنة كما لدى الشيعة، من أهل الحكمة والوعي والنور الرباني .. أولئك العاشقين لله والإنسان والبحر والشجر... والياسمين.
ولا شك أن مسؤولية الإسلاميين المعتدلين في النهوض بهذه المهمة أكبر وأعظم، بعد أن زلت بالكثير منهم الأقدام وتاهت بهم السبل وجعلوا آلهتهم أهوائهم.
ولنا أن نسأل علمائنا من منطلق شرعي:
لفائدة من تفتون عندما تمهدون الطريق لتدمير البلدان الإسلامية الواحدة تلو الأخرى؟
هل تعلمون مجموع مساحة الموصل ونينوى بالنسبة لمساحة العراق حتى تتسرعوا في القول إننا أمام "ثورة شعبية" أم أن الحاكم هنا هو رغبتكم في إشعال نار فتنة عمياء تحرق الأخضر واليابس؟
هل حاسبتم أنفسكم حول ما وصلت إليه سوريا وقد كان لكم مساهمة في الدفع والتحريض والحشد لطاحونة القتل المتبادل هناك؟
كيف تنامون ملء جفونكم بعد أن دفعتم، بصورة عبثية وغير مسؤولة، عشرات الألاف من شباب المسلمين في أتون معارك على الأرض السورية بلا أفق سياسي واضح أو مشروع وطني بديل أو خطة ثورية موحدة، وبعد أن حشرتموهم في مثلث براميل النظام السوري الحارقة، خطط السعودية الظلامية، ومساعدات أمريكا التي تلعب على توازن معادلة «سلاح النظام- سلاح المعارضة» بغاية إنهاء كِلا الطرفين لتخرج هي وإسرائيل منتصرتين، بلا خسائر، في النهاية؟
هل قمتم بمفاضلة شرعية بين أن يبقى العراق تحت حكم المالكي، على عِلاته وبهامش الحريات الذي كان يوفره، أو أن يتحول إلى سوريا ثانية؟
هل فكرتم في مصلحة الإنسان العراقي بكل مذاهبه وأديانه أم لمصلحة مذهبياتكم فقط والتي سرعان ما ستجعل منها الحرب الأهلية مجرد أوهام من إنتاج عقولهم المتخلفة؟
هل تقَدرون الوضع الذي سيكون عليه العراقيون باختلاف أديانهم – مسيحيين مثلا – وباختلاف مذاهبهم – الشيعة مثلا - إذا ما سقط الحكم في يد تنظيم متزمت وعنيف كتنظيم داعش، الذي شرع في قتل أفراد تنظيمات كانت إلى وقت قريب تقاتل إلى جنبه لحوالي 3 سنوات على أرض سوريا بل إن بعضها يشترك معه في الفكر والمنهج والأهداف؟
هل تعتقدون أنه بتسليم العراق إلى تنظيم داعش، الذي لا يعترف إلا بحقيقة واحدة- حقيقته هو، ستدعمون وضع السنة هناك وستضمنون سلامتهم وحرياتهم وأمنهم وإنمائهم بل حتى مذهبهم؟
هل لديكم أجوبة؟ أمْ « بال حمار فاستبال أحمرة» – كما تقول حكمة العرب في من يتبعون صاحب العمل السيء.
وفي الأخير، لا بأس أن نذكر علمائنا من أصحاب الفتاوى المطهوة على طريقة الماكدولاندز المضرة بالصحة، والذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، بقوله تعالى: « فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا. وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ».
وما أعظم المصيبة الجديدة التي صار فيها جهلة الدين وقليلو العقل من أنصار العنف والإرهاب يقودون تفكير المعتدلين من الإسلاميين. فاليوم، تُقدم ساحة العراق نموذجا لارتخاء عضلات عقول هؤلاء المعتدلين الذين أعلن بعضهم، صراحة وبلا خجل، أن "الثورة الداعشية" التي يقودها الجناح الأعنف في القاعدة (تنظيم داعش) "ثورة شعبية" عارمة!
أخطأ القرضاوي وزملائه من العلماء في تقدير الموقف في العراق بإصدارهم فتوى متسرعة تعطي الإرهابيين غطاء شرعيا وسياسيا وتمهد الطريق لتحويل العراق إلى سوريا ثانية. فهم، إذ يفعلون، يكررون خطأ آخر اقترفوه وهم بصدد تقدير الموقف في سوريا لما صبوا الزيت على نار أضرمها مجانين، علمانيون وإسلاميون، فحولوا هذا البلد إلى دولة تحمل كل صور العجز ومظاهر البؤس الممكن تصورها: قتل متبادل لعشرات آلاف المدنيين، تهجير إلى الملاجئ والمخيمات لملايين السكان، مجاعة وسوء تغذية في أكثر من منطقة، دمار للبنية التحتية، تسول للمجتمع الدولي، تسخير المرافق العامة للقتل والقتل المضاد، ترسيخ ذهنية العنف والانتقام... باختصار، حولوا، بفعل الشراكة في الجنون، البلد إلى أرض منكوبة بلا حكومة تدير الدولة أو جيش يحمي الحدود أو شعب تلمه هوية جماعية.
وأقول، بالكثير من اليقين، أن فتواهم تلك، حول العراق، ستكون في صدر ميزان سيئاتهم أمام الله؛ إذ دفعوا الدين والمتدينين البسطاء في الزاوية الخطأ، زاوية الإرهاب العاري من أي وازع شرعي أو أخلاقي.
وللتدليل على ما أقول، أسرد بعضا من منجزات "الثوار الجدد" بعد أقل من أسبوعين من "ثورتهم الشعبية" التي أشادت بها الفتوى: إعدام للمدنيين، اغتصاب للقاصرات، جلد للأطفال، تهديد للسكان، حرق للمساجد والكنائس، تفجير لمراقد الصالحين والأولياء الذين يشكلون جزء من الهوية الجماعية، كسر لتماثيل رموز الثقافة الوطنية، سرقة للتراث المادي التاريخي أو على الأقل إهمال غير مبرر له، إطلاق سراح المجرمين من السجون، والقائمة طويلة...
هل صدرت فتوى جديدة تدين هذا الأمر من القرضاوي وزملائه الذين طالهم الخَدَر وعلت أعينهم الغشاوة؟! لم ينبسوا – إلى حدود كتابة هذه السطور – بكلمة، واستمروا ملاحظين صامتين، فكانوا بذلك شياطين خرساء. وهم، لذلك، لا يستحقون احترامنا.
ثم ماذا قال القرضاوي في فتوى "الشيخ" عبد الملك السعدي، التي أشْرعَت أبواب المكبوتين والمجرمين على استحلال اغتصاب القاصرات والنساء تحت غطاء "ديني" وحجج تنهل من السخف والبلاهة وضعف التدين وقلة الحياء من الله والجرأة على تعاليمه؟ أين هي فتاوى القرضاوي وزملائه التي تُحصِّن ما أسموه، فِرية، بـ"الثورة الشعبية" من الانحراف عن خط الثورة الوطنية؟ وفي هذا الإطار، ألا تبدو فتوى السيستاني وحِجاجه السياسي ضد الفكر التكفيري والإرهاب الداهم أكثر حكمة وتنويرا وتهذيبا وشرعية ووطنية، وهو الذي يتابع، أولا بأول، ما يجري بتوجيهات منبرية مخافة أن تنزلق الأمور بعيدا عن مقاصد الشرع والدفاع المشروع عن البلد؟ ألا يبدو السيستاني، في هذه الحالة، خط دفاع شرعي ضد هجمة جيش مرتزقة مدعوم من قبل عشائر تنتصر لعصبياتها أكثر مما تنتصر للعراق ووحدته وسلامة أراضيه وحياة أبنائه؟
إن شيوخنا العاملين، الذين حسِبناهم من أهل الحكمة والحيطة، قد عميت أعينهم فما عادوا يبصرون، وهاهم لا يدَّخرون جهدا لإهداء العراق لمن يختزل قيم الإسلام ورؤيته الحضارية في إطالة اللحى وارتداء الجلابيب القصيرة واستعمال السواك وتحطيم المقابر غير المسطحة! هاهم يمهدون العراق لتحكمه فئة لا تمسك من معنى النص غير حرفيته وظاهره، وما مرَّنوا عقولهم، ولا لهم النية لفعل ذلك، على أصول الدين ومناهج الاستنباط وقواعد التأويل وأدب المناظرة والفقه المقارن. أما إنجاز الحضارة، أما السبق الحضاري التي تحث عليها «كنتم خير أمة أخرجت للناس» فلا شأن لهم بهما، ما دام الحكم الشرعي – بحسب قراءتهم البئيسة للنص المقدس- سيجد طريقه إلى "التنزيل". أما اقتدار الدولة، مدنيتها، تنظيمها، رفاهية الإنسان فيها وتعليمه وتطبيبه، فهي، الأخرى، خارج معادلات "الثوار الجدد". وحتى حث الرسول الأكرم لكل مسلم على التعلم، سيجدون ألف حجة وحجة ليستثنوا منه النساء ويحشروهن في زوايا البيت ويغلقون عليهن الأبواب. فالدولة في نظرهم دولة حتى وإن كانت بلا مشروع إنماء وإعمار أو قامت فوق دمار؛ إذ أن أقصى ما يطمحون إليه، كنموذج، هو دولة طالبان. ولن يستبدلون غير شيء واحد: حشيش أفغانستان بنفط العراق.
إن هذا المجرم عبد الملك السعدي – وأنا أقوم بتوصيف شرعي وقانوني مجرد لفتواه المتخلفة – وأصدقاءه يفعلون كل شيء ليسيئوا للإسلام، بل وليجعلوه هُزْأة للعالم كله. ومع ذلك، يبشروننا بدولتهم في العراق والشام. دولة ستكون، لا محالة، عارا وشيْـناً للإسلام ولنا، في وقت طالَبنا النبي الأكرم أن نكون زينا للإسلام، ولروحه الشريفة وللمسلمين.
وفي الوقت الذي يردد الرجال: لسنا فَـرَّارِين (الفاضل السيد محمد بديع)، يتخفى "جهاديو" داعش في زي النساء هربا من جيش العراق وحُماته، و يكتفون باستعراض بطولاتهم على شواهد المقابر المسيحية عبر تدميرها ورفسها بالأرجل! هم الجبناء حقا، حتى لو انتصروا. فالقط لا يصير أسدا أبدا: فغسل الدماغ الذي يخضعون له وقت الاستنفار القتالي، على يد مشايخ يُصدرون فتاوى الجهاد ثم يختلون في الشقق بالنساء أو يركبون السيارات رباعية الدفع والمكيفة بعيدا عن ساحات القتال، لا يلبث أن تنتهي آثاره بعد أول مواجهة مع جيش وطني يدافع عن بلده من أجل تحريرها، لا من أجل أموال تقدمها السعودية ودعم لوجستي تضمنه أمريكا.
إن السيد محمد بديع، مرشد الإخوان بمصر، وهو على بعد أيام قليلة من مشنقة الانقلابيين - لا سمح الله- لا يدعو إلى قتال ولا إلى فتنة، بل يدعو للثبات على الحق، والصبر على الاعتقال والسجن والتصدي لإرهاب دولة العسكر بالصدور العارية والبطولة والنضال. ولقد ترك في الجهلة كلمة ثانية تكتب بالذهب لو كانوا يعقلون: «سِلميتنا أقوى من الرصاص». وإذ تبقى هذه الكلمة شاهدة على الروح الاسلامية المستنيرة والإنسانية التي لا تدمر الوطن من أجل أهداف ومصالح فئوية، نجد، في المشهد الآخر، مرتزقة الدواعش والقاعدة والسلفية الجهادية والوهابيون المتطرفون وجبهة النصرة يخطون، بدماء الأبرياء، فصولا مشينة من قصص التعصب والعنف والتدمير وكراهية الآخر والتضحية بالإنسان والأوطان خدمة، بوعي تارة وبلا وعي تارات أخرى، لأجندات خارجية رخيصة، وعلى رأسها أجندتا إسرائيل وأمريكا اللتان تريدان من منطقتنا أن تكون منطقة "للفوضى الخلاقة" التي تكرس وجودنا، باستمرار، كبشر من الدرجة الثانية؛ نتوسل المساعدات الخيرية الدولية وقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام للفصل بيننا نحن أبناء الوطن الواحد والأمة الواحدة والدين الواحد واللغة الواحدة والمصير المشترك.
وأزيد تذكير القرضاويين الجدد والدواعش وأنصارهم بموقف السيد محمد مرسي، الذي تربى على أفكار الإمام حسن البنا التنويرية. فقد كانت آخر وصاياه لأنصار الشرعية، قبل اختطافه من داخل قصر الاتحادية من قبل العساكر، أن لا ينساقوا وراء الاستفزازات التي تريد الدفع بهم إلى دوامة العنف؛ إذ رأى أن الوطن أكبر من كرسي رئاسته، وأن دم أنصاره ودم مخالفيه أهم من حياته هو. أين القرضاويون والدواعش من هذه الروح التي تفكر في الإنسان – كل إنسان، حتى المختلف - قبل التفكير في النفس والعصبة والعشيرة و الطائفة والمذهب!
ولا أحتاج التذكير هنا أن هامش الحريات الذي تمتع به معارضو السيد نوري المالكي يزيد آلاف المرات عن الهامش الذي بين يدي معارضي الانقلاب في مصر. ومع ذلك فضل هؤلاء الحكمة والمصلحة الوطنية وعدم الانجرار وراء نزعة العنف والانتقام، بينما فضل أولئك احتضان الإرهابيين وممارسة العنف والإرهاب واستقطاب المرتزقة.
أفضل أن أموت إخوانيا، بالمعنى وبالفعل، مائة ألف مرة ولا أموت ولو لمرة واحدة في صف الدواعش الفرَّارين.
وفي الواقع، لا أجد غباء أشد من غباء بعض العشائر العراقية، المدعومة بفتاوى أنصاف العلماء، التي تحمل السلاح مع داعش وتجاهد في خندقها؛ إذ ما اتعظت بما وقع وما يزال على بعد أميال فقط منها في سوريا: ألم يَقتل الدواعش إخوتهم في العقيدة والمنهج (جبهة النصرة) شر قتلة بعد أن تمكنوا من بعض السلاح والمال والنفوذ؟ ألا يرون ما يجري في نفس أسبوع إطلاق عملهم المسلح المشترك ما تقوم به داعش في دير الزور، بسوريا، من تنكيل وتقتيل لـ "إخوتها" في "الجهاد" في «الجيش السوري الحر»؟. وإنما لا تعمى القلوب ولكن تعمى القلوب التي في صدور.
وسيرى العشائريون أي منقلب ينقلبون حين يصيرون بين يدي الدواعش الجهلة.
ومن البلية ما يضحك: فقد وجد أنصار الدواعش ومؤيدي فتوى "الثورة الشعبية" السخيفة، من داخل العراق وخارجه، في عزة الدوري – نائب الرئيس العراقي السابق صدام حسين – ملجأ لهم ولعارهم، بعد أن انكشفوا أمام العالم بتأييدهم لحركة إرهابية. وهكذا، شرعوا جاهدين من أجل أن يصنعوا منه بطل الثورة وقائدها ووجهها الناصع، غير الداعشي، لكن فاتهم أنهم بفعلهم ذاك يسقطون في تناقض يكشف زيفهم ويزيدهم افتضاحا أكثر: كيف يجتمع انتقاد والدعوة إلى الثورة على المالكي بسبب "طائفيته" و"لاديمقراطيته" مع تأييد عزة الدوري الذي كان على رأس نظام بعثي حكم الشعب العراقي بالحديد والنار، ضربه بالكيماوي، حفر له مقابر جماعية، فرض عليه ديكتاتورية الحزب الواحد لعقود من الزمن، وورطه في حروب خاسرة مع جيرانه؟!
ثم إنه من حقنا، أيضا، أن نعرف أين كان أغلب أولئك الإسلاميون المعتدلون عندما كان صدام حسين يقصف مساجد ومراقد الشيعة بأسلحة المدافع، يغتال علمائهم، يخنف حرياتهم وشعائرهم، يمنع تأطيرهم، يُهَجر قادتهم، يصنع لهم مقابر جماعية ويستعرض ديكتاتوريته بكل فخر؟ لماذا لم يقولوا إنه طائفي مقيت كما يقولون اليوم بشأن نوري المالكي الذي انتُخب على رأس القوائم الفائزة في ثلاثة انتخابات عامة، نزيهة، شفافة وغير متنازع بشأن نتائجها حتى من قبل الفرقاء السياسيين المنافسين؟ ولماذا يتعمدون حجب حقيقة كون نوري المالكي لم يحظر لا التعدد السياسي، ولا حرية التعبير ولا التجمهر السلمي ولا انتقاده شخصيا، كما أنه صان استقلالية الهيئة العليا للانتخابات وأشرك الفرقاء الآخرين سنة وشيعة في الحكم، وفي قيادة البرلمان وفي الجيش أيضا (ذلك الجيش الذي لو أنه كان طائفيا فعلا لما سقطت محافظة الموصل بفعل خيانة قادتها الميدانيين الذين رجحوا انتماءاتهم الطائفية على قسمهم وولائهم للدولة)؟ و كيف يستقيم لهم انتقاد انقلاب السيسي ضد الرئيس الشرعي لمصر دون الوقوف، في المقابل، مع رئيس شرعي آخر دهم بلده مرتزقة لم يتركوا سوءا ما جربوه؟
عندما يشرع الإسلاميون المعتدلون في تقدير مواقفهم من الوقائع السياسية استنادا على المقولة الجاهلية: "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما" فاعلم أن مدرستهم هي مدرسة العشيرة والطائفة والمذهب ، لا مدرسة الإسلام.
وفي خضم هذا الهرج والمرج، لا ننسى أمريكا أوباما وأوباما أمريكا... فكلاهما ينجزان أدوارا تختلف في الأداء وتلتقي في الأهداف: فإذا كانت أمريكا تحارب الإرهاب الذي يفخخ بلدها وبلاد من تحميهم في الخليج، فإنها لا تجد أي مانع في دعم ذاك الذي يخدم استراتيجياتها التدميرية (القاعدة ضد روسيا، النصرة ضد بشار، ومنظمة خلق ضد إيران). أما السيد "المحترم جدا" أوباما الذي يستلم جائزة السلام بيد، نجده، باليد الأخرى، يضغط على زر طائراته بدون طيار «الدرونز» لتقتل الأطفال والنساء والشيوخ في أفغانستان وباكستان واليمن تحت مسمى "محاربة الإرهاب"، لكنه يماطل في توجيه ضربات للدواعش الذي بلغ خبر إرهابهم كل آفاق الدنيا وجرى على ألسن كل العقلاء. وكَم كان المالكي سخيفا وهو يدعوه إلى توجيه ضربات جوية ضد قواعد الدواعش؛ إذ كيف يثق - وهو اللبيب الذي أخرج عساكر أمريكا أذلاء من دون أدنى امتيازات على أراضي العراق عكس ما فعلت "قبائل قريش" الحاكمة في الكثير من دول الخليج – في رئيس دولة مستكبرة لا هَم لها إلا تمزيق خريطتنا العربية-الإسلامية لصالح الكيان الإسرائيلي؟! وكيف ينتظر الضربات المناسبة في الوقت المناسب من رئيس يرى في ضعف الدول العربية والإسلامية قوة لبده ولنفوذها في منطقتنا، ويصلي ليل نهار ويتمنى، بعد أن ساهم وما يزال في تدمير سوريا، أن تدمر تركيا، وإيران، والسودان ولبنان، ولن يدخر جهدا لتحويل هذه الدول إلى دول فاشلة، منشغلة بشؤونها الداخلية ونزاعات طوائفها ومذاهبها ونخبها السياسية، بعيدا عن مشاريع التطوير العلمي، الإنماء الاقتصادي-الاجتماعي، والاقتدار العسكري الذي يحمي شعوبها وأوطانها من استباحة مارينز أمريكا وبربرية الجيش الإسرائيلي؟
أخطأ الشيعة عندما راهنوا على السعودية ودول الخليج، بدل الإخوان المسلمون وغيرهم من المعتدلين والعقلاء في المنطقة، لإقامة حوار سني- شيعي يجنب المنطقة عشرات آلاف الأرواح، وأخطأ السنة عندما شرعوا في اعتبار إيران وحزب الله أعداء للدين والمنطقة، بدل أمريكا وإسرائيل.
وها نحن نحصد سوء تقديرات الإسلاميين المعتدلين
بل ها نحن نحصد نتائج نفاقهم: إنهم مستعدون للحوار مع الآخر الغربي، مع البابا، مع العلماني، مع الملحد، ومع غيرهم من الأصناف، في الوقت الذي يسدون كل أبواب الحوار على إخوتهم في الدين... فالسني والشيعي، ممن استولى عليهم الهوى، لا يريا في بعضهم البعض غير مواطن الاختلاف، أما المشترك، أما المساحات التي يمكن أن تكون منطلقا للحوار، أما المصلحة المشتركة التي يفرضها العيش المشترك على جغرافية واحدة وداخل الوطن الواحد، أما المصير المشترك الذي يرزح تحت الاحتلال الصهيوني والاستكبار الأمريكي والذي يتطل وحدة الصف وإشراك الجهد، فإنهما لا يريا أي شيئا من هذا. وهاهم اليوم يستبيحون الشجر، والحجر والبشر في حروب بينية تبدأ ولا تنتهي، تنطلق ولا تنطفأ، تدمر ولا تبني .. من أجل ماذا ؟ من أجل إشباع غريزة القضاء على «الآخر» المختلف، الذي لا يكون في نهاية المطاف، سوى «الأنا» بتفاصيل مختلفة بسيطة، ترجع لجغرافية وتنشئة هذا الإنسان المسلم أو ذاك أكثر مما ترجع لقناعاته المكتسَبة. فأغلب السنة هم سنة لأنهم ولدوا ونشئوا في أوساط سنية، كما أن أغلب الشيعة هم شيعة لأنهم ولدوا ونشئوا في أوساط شيعية. بالضبط كما أن أغلب الملحدين هم ملحدون لأنهم ولدوا ونشئوا في أوساط ملحدة. وكذلك الأمر بالنسبة للكاثوليكي والبروتستانتي، وقس على ذلك.
لقد جرب المسلمون السنة والشيعة كل أشكال الصراع، وثبت لهم فشلها. وهم إذ يجربون بعض أشكال الحوار والتقارب في نقط صغيرة ومناسباتية، لا يلتفتون إلى الأيادي الخفية والخبيثة التي تخنق التجربة في المهد. وما هي إلا حادثة هنا أو أخرى هناك حتى تكون صولة جديدة من الصراع قد دقت طبولها تحت عناوين جديدة.
فأي جنون هذا الذي ينخرط فيه بعض الإسلاميين المعتدلين، اليوم، وهم يجترحون إثم التحريض على قتل النفس المحرمة بدم بارد لأهداف (دحر الآخر المختلف أو الغلب عليه، والوصول إلى السلطة) تبث أنها لا تتحقق بخسائر صفرية أو باليسر المفترض لأي طرف من الأطراف المتورطة في مهرجان القتل المتبادل!
وفي ظل هذا الجنون الجماعي، مطلوب من الإسلاميين، أكثر من غيرهم، الإعلان بصوت عال، أكثر من ذي قبل، أنه لا تطبيع مع الدواعش و مع الإرهاب عموما. فالأَوْلى حفظ الإنسان من الموت، لا حفظ ثقافة الموت عبر التضحية بالإنسان...
فلا نقبل من الإسلاميين بلعهم للسانهم؛ فجرم الصمتِ "الداعِشْ" لا يقل عن جرم القول الآثم...
كما لن نقبل من الشيوخ مضغهم للكلمات وخلطهم للمفاهيم وإساءتهم للإسلام من خلال فتاوى مفلسة تفيد التجهيل لا التنوير وتقف في صف الإرهاب ضد الإسلام والمسلمين، أنفسهم، بمختلف مذاهبهم. فكما هم مدانون علماء السلطان (في مصر والمغرب...) مدانون أيضا علماء الأمريكان (في السعودية وقطر...).
ولن نقبل من القرضاوي أن يُبدل نضالنا ضد إسرائيل والاستكبار العالمي بعداوة ضد إخوتنا من المسلمين الشيعة. ولن نقبل منه أن يستحمرنا بفتاواه السخيفة التي ما فتئت تتزايد. ففي الوقت الذي رأى في خروج البحرينيين في تظاهرات سلمية، ضد أمراء الدولة الحاكمين، "ثورة طائفية"، يرى اليوم في خروج الدواعش والعشائر في تظاهرات مسلحة "ثورة شعبية". وفي الوقت الذي يفتي علماء بالدعاء في الحج على أمريكا والاستكبار العالمي، يأتي هو ليحث طرفا من المسلمين أن يرفعوا أيديهم بالدعاء ضد طرف ثان منهم؛ ليجعل من الحج ساحة للتنازع الإسلامي-الإسلامي لا مساحة للوحدة الإسلامية تحت النداء الرباني الجامع: لبيك اللهم لبيك. وفي الوقت الذي يحرص العلماء الشرفاء على الابتعاد عن صغائر الأمور التي تذهب بالوقار وتبعث على السخرية، يجري هو وراء فتاة الثلاثين عاما، فيتزوجها ومعها حباة الفياكَرا المقوية!. وفي الوقت الذي يعلم الصغير والكبير قواعد امريكا في قطر، ينكر هو على السائل علمه بالأمر. فمتى كان المفتي يكيل بمكيالين، مراوغا وكاذبا؟!
وكم نأسف أنه، إذ يجري وراء هكذا مغامرات فتوائية، فإنه يسيئ إلى رجال عهدناهم من ذوي الحكمة والمروءة، كالسيد الفقيه الريسوني، الذي نتمنى أن يعلن البراءة من هذا السخف الذي يتغطى بالدين، ثم يأتي السوء على غفلة من المؤمنين.
وإذ يتعين على الأمة الإسلامية بسنتها وشيعتها أن ترفض السفهاء من السنة والشيعة على السواء، وخاصة أولئك منهم الذين يرتدون لباس أهل الدين ويتكلمون بلسان أهل النفاق، فإنها مدعوة إلى أن تعيد صلاتها برجالاتها من علماء الدين المستنيرين من أمثال جمال الدين الأفغاني الوحدوي، الإمام محمد عبده المستنير، الإمام البنا الباني، الإمام الخميني الثائر، الفقيه محمد باقر الصدر الفيلسوف، الشيخ فتحي يكن الواعي، العلامة محمد حسين فضل الله الحكيم، المرشد عبد السلام ياسين المربي، علي شريعتي المعلم، وبنظرائهم من العلماء والمفكرين الإسلاميين المجددين لدى السنة كما لدى الشيعة، من أهل الحكمة والوعي والنور الرباني .. أولئك العاشقين لله والإنسان والبحر والشجر... والياسمين.
ولا شك أن مسؤولية الإسلاميين المعتدلين في النهوض بهذه المهمة أكبر وأعظم، بعد أن زلت بالكثير منهم الأقدام وتاهت بهم السبل وجعلوا آلهتهم أهوائهم.
ولنا أن نسأل علمائنا من منطلق شرعي:
لفائدة من تفتون عندما تمهدون الطريق لتدمير البلدان الإسلامية الواحدة تلو الأخرى؟
هل تعلمون مجموع مساحة الموصل ونينوى بالنسبة لمساحة العراق حتى تتسرعوا في القول إننا أمام "ثورة شعبية" أم أن الحاكم هنا هو رغبتكم في إشعال نار فتنة عمياء تحرق الأخضر واليابس؟
هل حاسبتم أنفسكم حول ما وصلت إليه سوريا وقد كان لكم مساهمة في الدفع والتحريض والحشد لطاحونة القتل المتبادل هناك؟
كيف تنامون ملء جفونكم بعد أن دفعتم، بصورة عبثية وغير مسؤولة، عشرات الألاف من شباب المسلمين في أتون معارك على الأرض السورية بلا أفق سياسي واضح أو مشروع وطني بديل أو خطة ثورية موحدة، وبعد أن حشرتموهم في مثلث براميل النظام السوري الحارقة، خطط السعودية الظلامية، ومساعدات أمريكا التي تلعب على توازن معادلة «سلاح النظام- سلاح المعارضة» بغاية إنهاء كِلا الطرفين لتخرج هي وإسرائيل منتصرتين، بلا خسائر، في النهاية؟
هل قمتم بمفاضلة شرعية بين أن يبقى العراق تحت حكم المالكي، على عِلاته وبهامش الحريات الذي كان يوفره، أو أن يتحول إلى سوريا ثانية؟
هل فكرتم في مصلحة الإنسان العراقي بكل مذاهبه وأديانه أم لمصلحة مذهبياتكم فقط والتي سرعان ما ستجعل منها الحرب الأهلية مجرد أوهام من إنتاج عقولهم المتخلفة؟
هل تقَدرون الوضع الذي سيكون عليه العراقيون باختلاف أديانهم – مسيحيين مثلا – وباختلاف مذاهبهم – الشيعة مثلا - إذا ما سقط الحكم في يد تنظيم متزمت وعنيف كتنظيم داعش، الذي شرع في قتل أفراد تنظيمات كانت إلى وقت قريب تقاتل إلى جنبه لحوالي 3 سنوات على أرض سوريا بل إن بعضها يشترك معه في الفكر والمنهج والأهداف؟
هل تعتقدون أنه بتسليم العراق إلى تنظيم داعش، الذي لا يعترف إلا بحقيقة واحدة- حقيقته هو، ستدعمون وضع السنة هناك وستضمنون سلامتهم وحرياتهم وأمنهم وإنمائهم بل حتى مذهبهم؟
هل لديكم أجوبة؟ أمْ « بال حمار فاستبال أحمرة» – كما تقول حكمة العرب في من يتبعون صاحب العمل السيء.
وفي الأخير، لا بأس أن نذكر علمائنا من أصحاب الفتاوى المطهوة على طريقة الماكدولاندز المضرة بالصحة، والذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، بقوله تعالى: « فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا. وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق