فؤاد بلحسن
belahcenfouad@gmail.com
في المحاكمة الرمزية للاستبداد
و الفساد – الجمعية المغربية لحقوق الإنسان – السبت 7 يناير 2011 بمقر جمعية
المحامين الشباب – الخميسات.
السيد الرئيس .. السادة و السيدات أعضاء الجلسة .. السيد
ممثل الشعب ..
تأتي هذه المحاكمة في سياق أعم، و المتمثل في نضال فئات
واسعة من الشعب المغربي ضد الفساد و الإستبداد على أكثر من صعيد سياسي، إعلامي و
ثقافي. و هو نضال تؤدي حركة 20 فبراير الدور الأكبر فيه، باعتبارها حركة مجتمع
مدني، ذات طبيعة احتجاجية وسلمية و مطالب سياسية، اجتماعية، اقتصادية وثقافية.
السيد الرئيس .. السادة و السيدات أعضاء الجلسة .. السيد
ممثل الشعب ..
تقدم حركة 20 فبراير – الخميسات – مرافعتها هذه في ثلاث أقسام: التهم، الأسباب، والمطالب.
أولا، التهم:
إن الحركة تتهم الدولة المغربية – باعتبارها الراعي الأول و
الأكبر للفساد و الإستبداد - بالجرائم التالية:
أ-
ممارسة
العنف الجسدي و الرمزي في حق متظاهرين سلميين، و انتهاك حريات المواطنين في خرق
واضح للمقتضيات القانونية الضامنة لممارسة هذه الحريات.
ب-
مس
حق المواطنين – و خاصة أصحاب الرأي المختلف - في التعبير عن آرائهم و انتهاك الحق
في الوصول إلى المعلومات و سرية المراسلات.
ت-
إهدار
المال العام في محاولتها التشويش و صد احتجاجات حركة 20 فبراير، عبر تمويل أعمال
البلطجة و أعمال غير قانونية أخرى.
ث-
تجاهل
حق المواطنين حاملي الشواهد العلمية في الشغل، و ممارسة العنف المفرط في حق
المطالبين بذلك.
ثانيا، الأسباب:
السيد الرئيس ... السادة و السيدات أعضاء الجلسة .. السيد
ممثل الشعب ..
نبين في التالي مباني
اتهاماتنا:
أ-
على
صعيد الإتهام الأول، لا زال المواطنون - و على رأسهم ناشطو حركة 20 فبراير -
يتعرضون لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. فعلى الصعيد الوطني، طال العديد منهم العنف
الأعمى لقوى الأمن، بل استشهد من جراء ذلك العديد من الناشطين الفبرايريين، و على
رأسهم الشهداء كمال العماري، محمد بودروة و كمال الحساني. ومحليا، تعرض ناشطو الحركة
إلى مختلف أشكال العنف:
-
فبتاريخ 29 ماي 2011، اختطف، بمدينة القنيطرة
الناشط لامين جيلالي و تم رميه – بالإضافة لاثنين من زملائه - بأحواز المدينة على
بعد حوالي 20 كلم؛
-
و تعرض للضرب و الشتم الناشطون: ناصر أورحو،
ادريس باحسن، عبد الصمد آيت عمو، إبراهيم أولحاج، دلال عزا، سفيان الرحالي،
ابراهيم بنصالح و يونس العتيريس و غيرهم.
-
و
تعرض للتهديد المباشر و غير المباشر (أي بواسطة معارف أو المهاتفة أو بغيرهما)
الكثير من ناشطي الحركة، بينهم دلال عزا، الحسين أوكشي، رشيد باحسن، عبد الرحيم
الرضواني، محمد الهواري، عبد المجيد براكسة، المهدي بنبوعبيد، سفيان غسلات، وغيرهم،
بل وتعرضت الناشطة إيمان توفيق للتهديد بالمس بالشرف في أكثر من مناسبة؛
-
و قد بلغت الاعتداءات على ناشطي الحركة حد
محاولة دهسهم – بكل حقد – بسيارة المسؤول عن الأمن الإقليمي – المدعو أحمد طوان –
على مرأى من الناس، قبالة مقر الشرطة المركزي بتاريخ 18 نوفمبر، الأمر الذي خلف
إصابة بعض الناشطين بجروح خفيفة أهمها تلك
التي تعرض لها الجيلالي حسي، و هناك أشرطة مصورة لهذا العمل الإجرامي و منها
الرابط التالي:
http://www.youtube.com/watch?v=41biwNfegEg
-
ثم
إن هذا المسؤول الأخير، لا يتوانى عن توجيه الشتم بعبارات نابية و بذيئة و إطلاق عبارات
تشكيك في وطنية ناشطي الحركة و توجيه تهديدات مباشرة لأعضاء الحركة، فقد سبق في
أكثر مناسبة أن وصفهم بـ "خونة الوطن" و بـ "أعداء الوطن"، بل
وبلغ به المطاف أن هددهم مباشرة بدهسهم بالسيارة و قتلهم إذا ما سنحت له فرصة
ثانية، وذلك عندما حاولوا مد معطلين معتصمين بعمالة الإقليم ببعض الطعام على سبيل
التضامن. و هي تهديدات تأتي في الوقت الذي من المفروض فيه، كممثل لقوة عمومية، التزام
الحياد اتجاه هكذا قضايا.
-
وكذلك
لا ننسى الاعتداءات بالضرب التي تعرض لها المعتقلون على خلفية أحداث 23 و 24
فبراير 2011، و التي حوكم العديد منهم من أجلها. و ذهب ضحية هذه المحاكمات بعض
الأشخاص الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا في الشارع العام، في الوقت
الخطأ بـ "التوقيت الأمني"، ومن دون أن تكون لهم لا ناقة و لا جمل في كل
ما حدث.
-
كما
تتعرض هواتف العديد من الناشطين لعمليات تنصت و تشويش في خرق واضح للقوانين والمساطر
القانونية الواجب احترامها.
-
بل و
يمكن أن نذهب إلى أبعد من هذا عبر التأكيد على أن الدولة ماضية في سياستها المنتهكة
لسرية المراسلات و المعلومات الشخصية بشرائها لبرنامج إلكتروني فرنسي خاص بالتجسس
إلكترونيا – والمسمى بالنسر/Eagle. و هو ما تداولته الصحف مؤخرا و تسربت
وثائق عن صفقة البيع تلك، دون
أن يصدر أي نفي رسمي إلى حدود الساعة.
*
* * *
ب-
بخصوص
التهمة الثانية، تنضاف إلى سلسلة الاعتداءات هذه حلقة الاعتداء على حرية ناشطي
الحركة في التعبير عن آرائهم. ففي 17 و 18 نوفمبر، تم اعتقال 8 نشطاء، بدعوى توزيع
منشورات تدعو لمقاطعة الانتخابات؛ وهم ادريس باحسن، نجيب آيت عمو، عبد الصمد آيت
عمو، خالد بلقصير، إبراهيم أولحاج، لامين جيلالي، لحسن موموش و منصف حنيني. هذا
دون توجيه أي تهم لهم، و هو ما يفسر أن الأمر كان مجرد محاولة يائسة لترهيب نشطاء
الحركة و منعهم من ممارسة حقهم في التعبير جهرا عن رفضهم للأجواء غير الديمقراطية
التي تتم فيها الإنتخابات التشريعية. و هي انتهاكات حقوقية كانت محط إدانة من قبل
هيئات حقوقية وطنية ودولية. و قد أجمعت هذه الإدانات على رفض أن تكون المادة 51 من
القانون التنظيمي رقم 27.11 المنظم لمجلس النواب مطية لقمع حرية التعبير عن
الإرادة السياسية. و قد طالت موجة الاعتقالات هذه، حسب منظمة هيومان رايتس الدولية،
أزيد من 100 معتقل على طول خريطة البلاد لنفس الأسباب و الأغراض.
و هذا الحجم من الاعتقالات يبدو
مناقضا للخبر الكاذب الذي نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، بتاريخ 21 نوفمبر
2011 عن السلطات، و مفاده أن هذه الأخيرة لم تعتقل أي شخص بسبب قيادته حملة مقاطعة
الانتخابات المذكورة!
و بذلك تتأكد صوابية مطالبة
الحركة بتحرير الإعلام، و خاصة العمومي، من سلطة الرأي الواحد ولادمقرطة المشهد
الإعلامي من أجل ضمان حق المواطنين في المعلومة و في تعددية حقيقية.
و من مفارقات الحالة المغربية
أنه في الوقت الذي تقمع السلطات حق الناس
في التعبير و الإحتجاج تبادر إلى فتح الباب أمام سفارات و قنصليات الدول الغربية –
و على رأسها فرنسا و الولايات المتحدة الأمريكية؛ راعيتا الإستبداد و الفساد و
الصهيونية في منطقتنا – للتفاوض مع نشطاء الحركة، في خرق واضح للسيادة الوطنية؛
هذا بدلا عن الحوار الجاد المباشر و المسؤول على أرضية مطالب الحركة المشروعة.
* *
* *
ت-
على
صعيد التهمة الثالثة، تعتبر الحركة الدولة هيئة منفقة بسخاء و غباء و لا مسؤولية،
فأموال دافعي الضرائب تصرف كما لو أنها مورد مالي لا ينضب و بلا مالكين شرعيين أو
مستحقين منتظرين. فبالإضافة إلى الفساد المالي الكبير المعشش بجهاز الدولة و
مؤسساتها، ترى الحركة أنه يمكن إعطاء المرحلة عنوان: المال العام لتمويل أعمال
البلطجة – المنظمة و العشوائية على السواء -
ضد احتجاجات وناشطي حركة 20 فبراير!. فإلى عهد قريب، بادرت السلطات في
مناسبات عدة إلى تمويل الشارع المضاد – بناء على فكرة الشارع الموازي الموالي
للوضع القائم – بقصد التشويش على أنشطة و مطالب الحركة و ترهيبها، و التشويش على
الرأي العام الوطني و الدولي. و لهذا بادرت مثلا إلى تمويل الشارع الداعم لمشروع
الدستور و للانتخابات الأخيرة، و كذلك لتمويل الإحتجاجات؛ التي تلاحق مسيرات وووقفات
الحركة؛ بطقوس بائسة ملئها السب و التخوين و الترهيب المنظم والمدعوم من قبل
السلطات.
و يمكن أن نذكر على هذا الصعيد،
و بأسف كبير، استغلال أشخاص معاقين ذهنيا وجسمانيا (صم وبكم) في أكثر من مناسبة
للتشويش على وقفات و مسيرات الحركة مقابل أموال و وعود جوفاء بتقديم مساعدات.
كما نُـذكر أن برنامج التجسس –
الذي ستشتغل أياديه الإلكترونية التجسسية على هامش القانون بلا ريب – قد كلف خزينة
مال الشعب المغربي حوالي مليونان من الدراهم !
* *
* *
ث-
على
صعيد التهمة الرابعة، لا زال المطالبون بالشغل في مدينتنا – كما في غيرها – يتعرضون
لمعاملات مُهينة و عنيفة أثناء مطالبتهم بحقهم الطبيعي في الشغل و العيش بكرامة. و
قد كان آخر فصول هذه الأسطوانة البئيسة - بعد فصول سابقة من التنكيل بالمعطلين
حاملي الشواهد في أكثر من مناسبة - اعتقال حوالي 8 معطلين بعد الاعتداء عليهم شر
اعتداء، بتاريخ 13 دجنبر 2011. بحيث تم ضربهم – ذكورا وإناثا – بكل عنف في مناطق
حساسة من الجسم (الصدر، الأعضاء التناسلية، وغيرهما). وهي موجة عنف انتهت بضرب ثم اعتقال
ناشطٍ فبرايري - عبد الصمد آيت عمو- وُجد في المكان لتوثيق الحادث و بإحالة ثلاثة من
المعطلات المعنفات إلى القضاء - لازالت إلى هذه الساعة عفاف بن زكري وراء القضبان،
بينما تتم متابعة في حالة سراح كل من جليلة عقابو و نادية شانا.
ثالثا: المطالب
السيد الرئيس .. السادة و السيدات أعضاء الجلسة .. السيد
ممثل الشعب ..
لهذه الأسباب،
تطالب حركة 20 فبراير – الخميسات - المحكمة بالتالي:
1- إدانة الدولة المغربية، باعتبارها مناخا مؤسسيا ملائما للاستبداد
و الفساد، في شخص رجال دولة على رأس مؤسساتها الرسمية و مسؤولين بالإدارة العمومية
لتورطهم المباشر وغير المباشر في انتهاك حقوق الإنسان السياسية، المدنية، الاقتصادية،
الاجتماعية والثقافية.
2- مطالبة الهيئات القضائية بكشف ملابسات استشهاد نشطاء
الحركة، و متابعة المتورطين في القتل والتعذيب والاختطاف، و إطلاق سراح جميع
معتقلي الحركة - على رأسهم الفنان معاد الحاقد - و كافة معتقلي الرأي بالمغرب.
3- دعوة الدولة إلى إطلاق سراح المعتقلين في سياق مطالبتهم
بحقهم المشروع في الشغل وتوقيف كل المتابعات التي تستهدف إسكات أصواتهم.
4-
دعوة
القضاء المالي إلى محاسبة و محاكمة المتورطين في نهب المال العام و في حرمان
المواطنين من شروط العيش الكريم.
5-
الحكم
بتعويض المتضررين و ذويهم – ماديا و معنويا – و حفظ الذاكرة.
6-
نطق الحكم باسم الشعب المغربي.
ملحوظة: ساعد
في كتابة المرافعة الزملاء الناشطون في حركة 20 فبراير – تنسيقية مدينة الخميسات
-
رشيد
أوحتي
-
خالد
بلقصير
-
الجيلالي
لامين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق