فؤاد
بلحسن
belahcenfouad@gmail.com
(كاريكاتير: علي فرزات)
هل يمكن أن نصنف التقرير
الصحفي المنشور بجريدة الصباح، تحت عنوان «الحبس لـ"بلطجية" هاجموا
20 فبراير بالخميسات» لكاتبه "محمد بودالي"، العدد 3607، بتاريخ الجمعة 18-11-2011،
في خانة البلطجة الصحفية؟
للأسف، و بباسطة: نعم !.
و في انتظار اعتذار مدير
الجريدة المذكورة على الرسالة التوضيحية الموجهة له من قبل حركة 20 فبراير – فرع
الخميسات – بتاريخ 20 نوفمبر 2011، التي نفت جملة و تفصيلا ما جاء بالتقرير
المذكور عبر وضع لاءات كبيرة على كل فقرة من فقراته (أنظر التقرير المذكور و رد حركة 20 فبراير الخميسات في ذيل المقال الذي أنكر
جل ما ورد فيه).
باستقراء المعطيات
المحيطة بالتقرير – والتي سيتم عرضها تباعا- يمكن القول بجزم و حزم أنه تقرير غير
مهني، متحامل، مخادع، ماكر، ومضلل ... و لك أن تزيد بدون أدنى حرج. لهذا اختصارا،
قلنا: إنه تقرير صحفي بلطجي؛ فقد عمد التقرير من خلال الحيثيات الواردة فيه إلى
تحقيق نفس الأغراض التي تسعى من أجلها أعمال البلطجة في مشارق الأرض و مغاربها: تحريف
و التشويش على الحقائق بأعمال غير أخلاقية في معركة اكتساب الرأي العام .
لقد ذهب النزق الصحفي
بكاتب المقال -الذي لا نعرف ما إذا كان اسمه المختوم به التقرير حقيقيا أم داخلا
في خانة الفبركة هو أيضا- إلى أن يجمع بين وقائع حادثين تفصلهما مساحة زمية لا تقل
عن شهرين من الزمن و لا تربطهم أي علاقة موضوعية، في تعسف واضح و رغبة أكيدة للي
ذراع الزمن بما يخدم أغراض البلطجة. و ذلك، باختلاق رواية ثالثة لوقائع هجينة –
بما يشبه "خالوطة" – مأخوذة من هنا وهناك بغرض عرض رواية بوليسية خيالية
و رديئة لا أساس واقعي لها، و كل ذلك على حساب الأخلاق المهنية الصحفية!
و عن حق، يخيل لك – كقارئ
مطلع على الأحداث الحقيقية المعنية- كما لو أن الرجل بصدد كتابة سيناريو غير واقعي
لشريط سينمائي يبتغي الإثارة و التسلية.
ففي لحظة تجد:
-
الشرطة
تتوسط فريقين متناقضين: حركة 20 فبراير و البلطجية، عقب هجوم هؤلاء على
أولئك!
-
و " قد انهال المعتدون على قياديين و
نشطاء في الحركة بالضرب و الجرح، و أحضروا قنينات بنزين و حاولوا إحراق مركز ثقافي
لجأ إليه نشطاء الحركة للإحتماء به، كما اعتدوا على رئيس جمعية بالمدينة، ينشط في
20 فبراير. و خلال المواجهة، مُزق العلم الوطني، من طرف مجهولين"!.
يا ساتر! .. بل و لا في
الأفلام!.
و لنفهم ما جرى حقيقة،
تعالوا نعيد عرض وقائع الحادثين التي استند عليها "الكاتب" في إخراج
روايته الثالثة السَّمِجة.
الحادث الأول: قبل حواي
شهرين من الآن، تظاهر بالشارع مجموعة من الأشخاص (يوصف بعضهم بالبلطجية من قبل
حركة 20 فبراير) محتجين على إقامة معرض مؤقت للصناعة التقليدية، مدعين أن منظمي
المعرض متورطون في اختلاسات للمال العام و من تم وجب مسائلتهم على ذلك، و قطعوا
الطريق الرابط بين الرباط و مكناس عبر مدينة الخميسات لبعض الوقت و أشياء أخرى. و
على أثر ذلك بادرت الشرطة إلى اعتقالهم و وضعهم بين يد القضاء بتهم عدة، منها
محاولة إضرام النار في المعرض المذكور. و تلاحظون خلو الرواية من أي وجود أو تصادم
مع حركة 20 فبراير.
الحادث الثاني: في يوم
الخميس، 17 نوفمبر الجاري، اعتقلت الشرطة مساءً 4 أعضاء من حركة 20 فبراير – فرع
الخميسات- أثناء توزيعهم لمناشير تدعو إلى المشاركة في المسيرة المزمع تنظيمها
الأحد 20 نوفمبر بهدف الدعوة إلى مقاطعة الإنتخابات المرتقبة في 25 من نفس الشهر.و
قد أشرف على عملية الإعتقال رئيس الأمن الإقليمي بنفسه (و اسمه أحمد طوان). و أثناء
تنفيذ العملية، بادر هذا الأخير إلى ضرب؛ بواسطة الهاتف اللاسلكي للخدمة؛ أحد ناشطي
الحركة (السيد ادريس باحسن) في جانب وجهه الأيمن ما أدى إلى إدماء وجه هذا الخير، و مطلقا عبارات نابية
يندى لها الجبين (ثمة تسجيل يشهد على ما نطق به الرجل). وقد كان سلوكه غير مبرر
إطلاقا؛ إذ لم يصدر من أعضاء الحركة الحاضرين أي فعل أو رد فعل عدواني أو ما شابه
يبرر لجوئه إلى العنف الجسدي و اللفظي في حق بعضهم. و لم يتوقف الحادث هاهنا؛ فبعد
عملية الإعتقال، توجه باقي أعضاء الحركة و المتعاطفين معها و بعض أولياء المعتقلين
وأصدقائهم إلى المقر المركزي لشرطة المدينة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في شكل
وقفة احتجاجية رفعت خلالها شعارات منددة بالمسؤول المذكور و ممارساته السابقة
الموسومة بممارسة العنف و بالممارسات السلطوية لجهاز أمن الدولة الذي ضيق على حملة
مقاطعة الإنتخابات التي تقودها الحركة. و بعد حوالي أقل من ساعة من انطلاق الشكل
الإحتجاجي، تفاجئ المتظاهرون بخروج نفس المسؤول الأمني على متن سيارته من مقر
الشرطة متوجها صوبهم بشكل غير طبيعي و بصورة فيها الكثير من الحقد و الرغبة في
دهسهم بسيارته. و قد أصيب على أثر ذلك، شخصين على الأقل بإصابات متفاوتة لكن خفيفة
(هناك أيضا تسجيل مصور للواقعة، تم نشره على أوسع نطاق في نفس الليلة على شبكة
الإنترنيت و الفايسبوك، كما كتب عنها أكثر من صحفي و جريدة). و كما تلاحظون هنا
أيضا، لا أثر للبلطجية؛ إذ هناك طرفين لا أكثر: حركة 20 فبراير و قوى الأمن
يتزعمها المسؤول الأمني أحمد طوان.
إذا، نحن أمام حادثين
منفصلين تمام الإنفصال و لكل منهما روايته الخاصة. لكن في التقرير موضوع
"التشريح" يتعانقان بسلاسة، و يتم الزج بهما في معركة "من يتحكم في
توجيه الرأي العام؟".
كيف ذلك؟.
في الحادث الأول، كان
هناك طرفين لا ثالث لهما: محتجون (سموا بلطجية) على إقامة معرض للصناعة التقليدية،
اعتقلوا، و حكم عليهم قضائيا على أساس تهم مختلفة بتاريخ الأربعاء 16 نونبر 2011
من قبل غرفة الجنايات الإبتدائية بمحكمة الإستئناف بسلا من جهة، ومن جهة أخرى قوى الأمن.
في الحادث الثاني، كان
هناك طرفين كذلك: أعضاء حركة 20 فبراير فبراير و قوى الأمن.
و إذا انتبهنا إلى تاريخ
صدور التقرير الصحفي، نجد أنه جاء بعد يوم واحد من الحادث الثاني. هذه الملاحظة
تثير سؤالا مهما: لماذا هذا التاريخ بالتحديد؟!.
و في هذا تفصيل ..
لقد عمل أعضاء حركة 20
فبراير – الخميسات- بكل جهد على إدانة سلوك المسؤول الأمني عبر نشر شريط الإعتداء
بالسيارة على أوسع نطاق – كما فعلوا في مناسبات أخرى ضد نفس الشخص- و كسبوا بذلك
رأيا عاما عريضا. فقد تحدث الجميع عن: المسؤول الأمني الذي حاول دهس ناشطي حركة 20
فبراير بسيارته.
و هنا يدخل التقرير
الصحفي الخط، ليروي رواية ثالثة لا تمت للواقع بصلة؛ بغض تحريف توجه الرأي العام.
فبعد أن كان الجهاز الأمني المدان الوحيد في الحادث الثاني الذي خلف أثرا كبيرا
على الرأي العام، أصبح البلطجية هم المدانون في الرواية المصطنعة التي أخلت ساحة
قوى الأمن من أي تهمة أو شبهة!. لعبة إعلامية قديمة-جديدة: عندما يكون أحد طرفي
قضية على وشك فقدان مصداقيته أمام الرأي العام لفائدة الطرف الآخر، فما على الطرف
الخاسر إلا أن يعمل على توجيه أنظار الناس إلى طرف جديد يتم حشره في القضية عنوة،
وسيكون اختياره موفقا أكثر إذا ما كان الطرف الجديد المحشور في موقع يعجز فيه عن الدفاع
عن نفسه!.
و هكذا كان ...
فبعد إعادة إنتاج الوقائع
و النتائج، و في رمشة عين، تحول الجلاد إلى ضحية. فقد جاء في التقرير: "و
تصدى البلطجية إلى مسيرة حركة 20 فبراير في البداية بمكبرات الصوت، قبل أن يلجؤوا
إلى حمل الأسلحة البيضاء في وجوههم. و عندما تدخلت القوات العمومية لإنقاذ الموقف،
و تهدئة الوضع نالت نصيبها من الضرب و الجرح و القذف بالكلام النابي"!
هذا في الوقت الذي يعد
المسمون بالبلطجية في التقرير بريئون مما نُسب إليهم في حق حركة 20 فبراير براءة
الذئب من دم يوسف.
و حتى إذا جنبنا نية
الكاتب وصف الشيطنة، لا يمكننا بأي حال أن نـبـرِأ آثار تقريره على القارئ من ذلك
الوصف. فتاريخ الحادث الثاني و صدور التقرير يجعلنا نُأول زمنية النشر و مضمون
المنشور المختلق على أنهما بمثابة عمل استباقي لخدمة الجلاد الحقيقي؛ عبر ممارسة
التشويش على الرسالة الحقيقية و الواقعية التي من المفترض أن يستقبلها المتلقي، و
هي ممارسة العنف الجسدي و المعنوي في حق ناشطي حركة 20 فبراير من قبل قوى الأمن و مسؤولها
الإقليمي بالخميسات.
لكن علم الإجراء يعلمنا
بكل ثقة: لتعرف المجرم الحقيقي في أي جريمة (و لا أخطر من جريمة القلم حينما يطعن
الحقيقة)، ابحث عن المستفيد الأكبر من وقوع الجرم. فالتقرير المشرَّح كان أداة الجرم-
علم بذلك كاتبه أم لم يعلم- التي عملت على التستر على جلاد حركة 20 فبراير. و في
جميع الأحوال، إنه يحكي فصلا جديدا من فصول خدمة القلم للسيف!
لم يكن الداعي إلى تسليط
الضوء على هذا التقرير سوى الرغبة في كشف أن هناك نوع آخر من الكتابات التي تعمل
على ستر الحقائق و خلق بديل عنها، بحيث تتطوع لذلك أقلام تقبل لنفسها أدوارا مهينة أو تختار الخيارات السهلة: الكتابة المأجورة أو
الكتابة من وراء المكاتب- بلا حجة أو دليل- عما يجري في الشارع!
و عند القول، أن لا شيء
من كل ما روي بالتقرير وقع بالفعل بالشكل المروي، و أن كل ما قيل مجرد اختلاق لا
سند واقعي يقوم عليه، يبقى أن نقول: أكثرت يا رجل!.
فمن تـكون يا "محمد
البودالي"؟!
(كاريكاتير: علي فرزات)
هل يمكن أن نصنف التقرير
الصحفي المنشور بجريدة الصباح، تحت عنوان «الحبس لـ"بلطجية" هاجموا
20 فبراير بالخميسات» لكاتبه "محمد بودالي"، العدد 3607، بتاريخ الجمعة 18-11-2011،
في خانة البلطجة الصحفية؟
للأسف، و بباسطة: نعم !.
و في انتظار اعتذار مدير
الجريدة المذكورة على الرسالة التوضيحية الموجهة له من قبل حركة 20 فبراير – فرع
الخميسات – بتاريخ 20 نوفمبر 2011، التي نفت جملة و تفصيلا ما جاء بالتقرير
المذكور عبر وضع لاءات كبيرة على كل فقرة من فقراته (أنظر التقرير المذكور و رد حركة 20 فبراير الخميسات في ذيل المقال الذي أنكر
جل ما ورد فيه).
باستقراء المعطيات
المحيطة بالتقرير – والتي سيتم عرضها تباعا- يمكن القول بجزم و حزم أنه تقرير غير
مهني، متحامل، مخادع، ماكر، ومضلل ... و لك أن تزيد بدون أدنى حرج. لهذا اختصارا،
قلنا: إنه تقرير صحفي بلطجي؛ فقد عمد التقرير من خلال الحيثيات الواردة فيه إلى
تحقيق نفس الأغراض التي تسعى من أجلها أعمال البلطجة في مشارق الأرض و مغاربها: تحريف
و التشويش على الحقائق بأعمال غير أخلاقية في معركة اكتساب الرأي العام .
لقد ذهب النزق الصحفي
بكاتب المقال -الذي لا نعرف ما إذا كان اسمه المختوم به التقرير حقيقيا أم داخلا
في خانة الفبركة هو أيضا- إلى أن يجمع بين وقائع حادثين تفصلهما مساحة زمية لا تقل
عن شهرين من الزمن و لا تربطهم أي علاقة موضوعية، في تعسف واضح و رغبة أكيدة للي
ذراع الزمن بما يخدم أغراض البلطجة. و ذلك، باختلاق رواية ثالثة لوقائع هجينة –
بما يشبه "خالوطة" – مأخوذة من هنا وهناك بغرض عرض رواية بوليسية خيالية
و رديئة لا أساس واقعي لها، و كل ذلك على حساب الأخلاق المهنية الصحفية!
و عن حق، يخيل لك – كقارئ
مطلع على الأحداث الحقيقية المعنية- كما لو أن الرجل بصدد كتابة سيناريو غير واقعي
لشريط سينمائي يبتغي الإثارة و التسلية.
ففي لحظة تجد:
-
الشرطة
تتوسط فريقين متناقضين: حركة 20 فبراير و البلطجية، عقب هجوم هؤلاء على
أولئك!
-
و " قد انهال المعتدون على قياديين و
نشطاء في الحركة بالضرب و الجرح، و أحضروا قنينات بنزين و حاولوا إحراق مركز ثقافي
لجأ إليه نشطاء الحركة للإحتماء به، كما اعتدوا على رئيس جمعية بالمدينة، ينشط في
20 فبراير. و خلال المواجهة، مُزق العلم الوطني، من طرف مجهولين"!.
يا ساتر! .. بل و لا في
الأفلام!.
و لنفهم ما جرى حقيقة،
تعالوا نعيد عرض وقائع الحادثين التي استند عليها "الكاتب" في إخراج
روايته الثالثة السَّمِجة.
الحادث الأول: قبل حواي
شهرين من الآن، تظاهر بالشارع مجموعة من الأشخاص (يوصف بعضهم بالبلطجية من قبل
حركة 20 فبراير) محتجين على إقامة معرض مؤقت للصناعة التقليدية، مدعين أن منظمي
المعرض متورطون في اختلاسات للمال العام و من تم وجب مسائلتهم على ذلك، و قطعوا
الطريق الرابط بين الرباط و مكناس عبر مدينة الخميسات لبعض الوقت و أشياء أخرى. و
على أثر ذلك بادرت الشرطة إلى اعتقالهم و وضعهم بين يد القضاء بتهم عدة، منها
محاولة إضرام النار في المعرض المذكور. و تلاحظون خلو الرواية من أي وجود أو تصادم
مع حركة 20 فبراير.
الحادث الثاني: في يوم
الخميس، 17 نوفمبر الجاري، اعتقلت الشرطة مساءً 4 أعضاء من حركة 20 فبراير – فرع
الخميسات- أثناء توزيعهم لمناشير تدعو إلى المشاركة في المسيرة المزمع تنظيمها
الأحد 20 نوفمبر بهدف الدعوة إلى مقاطعة الإنتخابات المرتقبة في 25 من نفس الشهر.و
قد أشرف على عملية الإعتقال رئيس الأمن الإقليمي بنفسه (و اسمه أحمد طوان). و أثناء
تنفيذ العملية، بادر هذا الأخير إلى ضرب؛ بواسطة الهاتف اللاسلكي للخدمة؛ أحد ناشطي
الحركة (السيد ادريس باحسن) في جانب وجهه الأيمن ما أدى إلى إدماء وجه هذا الخير، و مطلقا عبارات نابية
يندى لها الجبين (ثمة تسجيل يشهد على ما نطق به الرجل). وقد كان سلوكه غير مبرر
إطلاقا؛ إذ لم يصدر من أعضاء الحركة الحاضرين أي فعل أو رد فعل عدواني أو ما شابه
يبرر لجوئه إلى العنف الجسدي و اللفظي في حق بعضهم. و لم يتوقف الحادث هاهنا؛ فبعد
عملية الإعتقال، توجه باقي أعضاء الحركة و المتعاطفين معها و بعض أولياء المعتقلين
وأصدقائهم إلى المقر المركزي لشرطة المدينة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في شكل
وقفة احتجاجية رفعت خلالها شعارات منددة بالمسؤول المذكور و ممارساته السابقة
الموسومة بممارسة العنف و بالممارسات السلطوية لجهاز أمن الدولة الذي ضيق على حملة
مقاطعة الإنتخابات التي تقودها الحركة. و بعد حوالي أقل من ساعة من انطلاق الشكل
الإحتجاجي، تفاجئ المتظاهرون بخروج نفس المسؤول الأمني على متن سيارته من مقر
الشرطة متوجها صوبهم بشكل غير طبيعي و بصورة فيها الكثير من الحقد و الرغبة في
دهسهم بسيارته. و قد أصيب على أثر ذلك، شخصين على الأقل بإصابات متفاوتة لكن خفيفة
(هناك أيضا تسجيل مصور للواقعة، تم نشره على أوسع نطاق في نفس الليلة على شبكة
الإنترنيت و الفايسبوك، كما كتب عنها أكثر من صحفي و جريدة). و كما تلاحظون هنا
أيضا، لا أثر للبلطجية؛ إذ هناك طرفين لا أكثر: حركة 20 فبراير و قوى الأمن
يتزعمها المسؤول الأمني أحمد طوان.
إذا، نحن أمام حادثين
منفصلين تمام الإنفصال و لكل منهما روايته الخاصة. لكن في التقرير موضوع
"التشريح" يتعانقان بسلاسة، و يتم الزج بهما في معركة "من يتحكم في
توجيه الرأي العام؟".
كيف ذلك؟.
في الحادث الأول، كان
هناك طرفين لا ثالث لهما: محتجون (سموا بلطجية) على إقامة معرض للصناعة التقليدية،
اعتقلوا، و حكم عليهم قضائيا على أساس تهم مختلفة بتاريخ الأربعاء 16 نونبر 2011
من قبل غرفة الجنايات الإبتدائية بمحكمة الإستئناف بسلا من جهة، ومن جهة أخرى قوى الأمن.
في الحادث الثاني، كان
هناك طرفين كذلك: أعضاء حركة 20 فبراير فبراير و قوى الأمن.
و إذا انتبهنا إلى تاريخ
صدور التقرير الصحفي، نجد أنه جاء بعد يوم واحد من الحادث الثاني. هذه الملاحظة
تثير سؤالا مهما: لماذا هذا التاريخ بالتحديد؟!.
و في هذا تفصيل ..
لقد عمل أعضاء حركة 20
فبراير – الخميسات- بكل جهد على إدانة سلوك المسؤول الأمني عبر نشر شريط الإعتداء
بالسيارة على أوسع نطاق – كما فعلوا في مناسبات أخرى ضد نفس الشخص- و كسبوا بذلك
رأيا عاما عريضا. فقد تحدث الجميع عن: المسؤول الأمني الذي حاول دهس ناشطي حركة 20
فبراير بسيارته.
و هنا يدخل التقرير
الصحفي الخط، ليروي رواية ثالثة لا تمت للواقع بصلة؛ بغض تحريف توجه الرأي العام.
فبعد أن كان الجهاز الأمني المدان الوحيد في الحادث الثاني الذي خلف أثرا كبيرا
على الرأي العام، أصبح البلطجية هم المدانون في الرواية المصطنعة التي أخلت ساحة
قوى الأمن من أي تهمة أو شبهة!. لعبة إعلامية قديمة-جديدة: عندما يكون أحد طرفي
قضية على وشك فقدان مصداقيته أمام الرأي العام لفائدة الطرف الآخر، فما على الطرف
الخاسر إلا أن يعمل على توجيه أنظار الناس إلى طرف جديد يتم حشره في القضية عنوة،
وسيكون اختياره موفقا أكثر إذا ما كان الطرف الجديد المحشور في موقع يعجز فيه عن الدفاع
عن نفسه!.
و هكذا كان ...
فبعد إعادة إنتاج الوقائع
و النتائج، و في رمشة عين، تحول الجلاد إلى ضحية. فقد جاء في التقرير: "و
تصدى البلطجية إلى مسيرة حركة 20 فبراير في البداية بمكبرات الصوت، قبل أن يلجؤوا
إلى حمل الأسلحة البيضاء في وجوههم. و عندما تدخلت القوات العمومية لإنقاذ الموقف،
و تهدئة الوضع نالت نصيبها من الضرب و الجرح و القذف بالكلام النابي"!
هذا في الوقت الذي يعد
المسمون بالبلطجية في التقرير بريئون مما نُسب إليهم في حق حركة 20 فبراير براءة
الذئب من دم يوسف.
و حتى إذا جنبنا نية
الكاتب وصف الشيطنة، لا يمكننا بأي حال أن نـبـرِأ آثار تقريره على القارئ من ذلك
الوصف. فتاريخ الحادث الثاني و صدور التقرير يجعلنا نُأول زمنية النشر و مضمون
المنشور المختلق على أنهما بمثابة عمل استباقي لخدمة الجلاد الحقيقي؛ عبر ممارسة
التشويش على الرسالة الحقيقية و الواقعية التي من المفترض أن يستقبلها المتلقي، و
هي ممارسة العنف الجسدي و المعنوي في حق ناشطي حركة 20 فبراير من قبل قوى الأمن و مسؤولها
الإقليمي بالخميسات.
لكن علم الإجراء يعلمنا
بكل ثقة: لتعرف المجرم الحقيقي في أي جريمة (و لا أخطر من جريمة القلم حينما يطعن
الحقيقة)، ابحث عن المستفيد الأكبر من وقوع الجرم. فالتقرير المشرَّح كان أداة الجرم-
علم بذلك كاتبه أم لم يعلم- التي عملت على التستر على جلاد حركة 20 فبراير. و في
جميع الأحوال، إنه يحكي فصلا جديدا من فصول خدمة القلم للسيف!
لم يكن الداعي إلى تسليط
الضوء على هذا التقرير سوى الرغبة في كشف أن هناك نوع آخر من الكتابات التي تعمل
على ستر الحقائق و خلق بديل عنها، بحيث تتطوع لذلك أقلام تقبل لنفسها أدوارا مهينة أو تختار الخيارات السهلة: الكتابة المأجورة أو
الكتابة من وراء المكاتب- بلا حجة أو دليل- عما يجري في الشارع!
و عند القول، أن لا شيء
من كل ما روي بالتقرير وقع بالفعل بالشكل المروي، و أن كل ما قيل مجرد اختلاق لا
سند واقعي يقوم عليه، يبقى أن نقول: أكثرت يا رجل!.
فمن تـكون يا "محمد
البودالي"؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق