فؤاد بلحسن
belahcenfouad@gmail.com
ارتأيت
أن تُكتب وتُنشر هذه الدراسة الآن، وليس بعدُ، رغبة في ألا تدخل
خانة المزايدات السياسية ضد طرف
سياسي لحساب
طرف سياسي آخر، وفي أقل تقدير إدراجها في خانة التشويش الإعلامي
الاستباقي الذي يسبق عادة
الاستحقاقات الانتخابية المختلفة؛وها هي واحدة تُطل في الأفق: الانتخابات المحلية. وعلى الرغم من مصادفة هذه الدراسة "للنقاش" الحاد
الجاري بين البلدية وبعض الساكنة والقوى السياسية والمدنية حول مشروع تصميم تهيئة المدينة،
فإن رغبة كاتب السطور لا تريد أن تجعل من هذه الدراسة رصاصة داعمة لجبهة الإغارة
على المشروع، ولا درعا في جبهة الدفاع عنه. لا أقول أن هذه الدراسة بعيدة عن هؤلاء
وأولئك، أو عن مشروع تصميم التهيئة ذاته، ولكنها تفضل أن تراهم جميعا من زاوية
أخرى؛ زاوية العلوم التدبيرية وتحليل السياسات العامة. هي دراسة ستضع اليد، بكل
تأكيد، على أداءالمجلس البلدي، وبالتالي على رئيسه ومكوناته، وعلى السلطات المحلية،
بَيْد أن هدفها يسمو على كل هذا كذلك، ليعانق سؤال تدبير الشأن العام في تأمل كلي
يتجاوز التفاصيل الأحداثية والطابع الظرفي لوجود بعض الأشخاص في هذا الموقع من
المسؤولية أو ذاك. يريد كاتب السطور من هذه الدراسة أن تكون نصا هادئا يتأسس على
تفكير جدي في مسألة مُحرجة للساكنة،وحساسة بالنسبة للرأي العام المحلي وللمسؤولين
المحليين على السواء، وهي: مسألة التنمية في مدينة تجمع كل مؤهلات الانماء، لكن
بالمقابل تفتقر لمظاهره على أكثر من صعيد.هي مفارقة محيرة إذا!
لهذا
الغرض، تَم، إلى جانب البحث التوثيقي، الاعتماد على أدبيات العلوم التدبيرية (خاصة
المتعلقة منها بمراقبة التدبير، التدقيق والتقييم المستند على مفاهيم التنمية البشرية
(ليس بمعناها المبتذل اليوم في المجال المغربي) والنجاعة
والحكامة). كما سيستند هذا المقال على مقابلاتأجراها كاتب السطور مع رئيس المجلس
البلدي[1] والكاتب العام للبلدية وبعض
أعضاء المجلس البلدي ومع أطر بعمالة الإقليم وببعض المديريات الترابية للوزارات
وكذا بعض مثقفي المدينة[2].
لماذا
ترزح،حتى الآن، هذه المدينة في ركود إنمائي مزمن؟ ليكن هذا السؤال المنطلق لهذه
الدراسة.
* *
*
في
السياق العام والرؤية التنموية وأنماط التدبير
صدَّر
المجلس الأعلى للحسابات تقريره حول تدبير الجماعة الحضرية للخميسات سنة 2008،
بالتعريف التالي: "يعتمد
اقتصادها على الأنشطة التجارية المرتبطة بالقطاع الفلاحي وعلى الصناعة التقليدية
خصوصا الزرابي". هل نحن أمام مدينة من القرون الوسطى لا ينقصها سوى عربات تجرهاالبِغال
و قُطعان الماعز؟!
لا
يبدو من السيرة المهنية المحترمة للمجلس الأعلى للحسابات المذكور أنه يحترف غواية
المبالغة؛ فالحقيقة لا تجانب ما قاله على أي حال. ففي مقال سابق تحت عنوان "صعوبات
تعترض الطلاب الدارسين خارج أقاليم إقامتهمالعائلية .. طلاب إقليم الخميسات نموذجا"[3] انتهيت إلى ما يشبه ذلك الوصف؛ إذ ورد فيه ما يشبه تلخيصا
للمناخ العام الاجتماعي والاقتصادي للمدينة على الشكل التالي:
-
شبه غياب لطبقة متوسطة !
-
اقتصاد محلي يغلب عليه الطابع الفلاحي، مرتبط بشكل شبه
كامل بتقلبات المناخ (اقتصاد غير مستقر) !
-
استثمار- عام و خاص-مشلول، بل يتراجع القهقرى !
-
مرافق اجتماعية (جامعات؛معاهد؛...) محدودة، في ظل سياسات
اجتماعية مغشوشة !
هذا
ما انتهى إليه تشخيصين سابقين مستقلين. والآن، يُمكن إضافة، إلى جانب الطابع
التقليدي لاقتصاد المدينة، طابعه الطفيلي (تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج،
والمساعدات المقدمة للأسر من قبل أبنائها العاملين بالمدن الصناعية كطنجة، سلا
والقنيطرة مثلا). نحن، إذا، أمام اقتصاد ضعيف وتابع في نفس الوقت: دورة إنتاج
هزيلة لا توفر فرصا كافية جديدة للشغل.
كيف
وصلنا إلى هذا الوضع؟
استنادا
إلى الملاحظة والمتابعة، وإلى معلومات بعض المطلعين والمتتبعين لتطور الخميسات
التاريخي، يمكن تقسيم التاريخ الانمائي للمدينة، انطلاقا من تاريخ تحولها إلى مركز
للإقليم، إلى ثلاثة أقسام[4]:
القسم
الأول: يبتدئ من سنة 1973؛ سنة تأسيس إقليم الخميسات وجعل مدينة الخميسات مركزا
له؛ إلى حدود بدايات التسعينات. وهو ما يمكن تسميته بالمرحلة الذهبية للمدينة؛ إذ عرفت
المدينة خلال هذه المرحلة دينامية كبيرة على صعد كثيرة: تأسيس المصالح الخارجية
للوزارات (الداخلية، الفلاحة، التجهيز، ...)، بناء المرافق الخدماتية، التعمير السكني،
إنشاء الحي الصناعي،هيكلة بعض الأحياء السكنية الصفيحية (حي السينما نور، حي سيدي غريب، ...)، تزايد
وتيرة التشغيل بالقطاع العام؛ ... إلخ.
وهي
فترة عرفت تعاقب رجال سلطة (عمال بالأساس) طبعوا وجودهم بسمعة لا بأس بها لدى
الرأي العام، حتى أن بعضهم عُرف بعمله الدؤوب وحضوره الدائم والشخصي في الأوراش الميدانية.
المرحلة
الثانية: وهي التي تمتد من سنوات التسعينات إلى حدود بداية الألفية الثالثة. وهي
مرحلة ما يمكن تسميته بمرحلة محاولة الحفاظ على المكتسبات السابقة؛ بحيث أن
المجالس المتعاقبة على تسيير المدينة وكذلك العمال الذين واكبوا هذه الفترة، كان
همهم المحافظة على الوضع القائم ومحاولة الحفاظ على المكتسبات.
وقد تزامنت
هذه المرحلة مع ما يمكن تسميته بالوضع الحرج للاقتصاد والاجتماع المغربيين (نتذكر
الإصلاحات الضريبية التي باشَرها المغرب وأزمتَي المقاولات العامة والدَّين العام
أواخر الثمانينات، ثم تقرير البنك الدولي لسنة 1995 الذي وضع اليد على مواطن الخلل
في التدبير العمومي المغربي، ثم تبلور مفهوم السكتة القلبية على لسان الحسن الثاني
كمؤشر على النفق الذي دخله المغرب).
كل
هذا انعكس بلا ريب على مستوى الاستثمار والتجهيز بالمدينة، لكن حدته لم تظهر بشكل
كبير؛ نظرا لأن الفلاحة وكذا الظرفية الاقتصادية الدولية آنذاك التي كانت في أوج
تطورها كانا يخففان من وقع الأزمة.
يمكن
القول أن المدينة اجتازت هذه الفترة في صمت وترقب للمجهول، بدل العمل على إيجاد
البدائل الممكنة. هي مرحلة الكمون.
المرحلة
الثالثة: والتي تبتدئ من أوائل العشرية الأولى من القرن الجديد إلى حدود الآن.
إنها مرحلة الانحدار واليأس. كل شيء يبدو في تراجع خلال هذه الفترة: المرافق،
الخدمات، التشغيل،... ويمكن القول، على سبيل المزاح، أن المؤشر الوحيد الذي عرف الارتفاع
هو مؤشر الجريمة وضعف الأمن![5]. وفي الواقع، إن هبوط
مؤشرات الإنماء في المدينة خلال هذه الفترة يتطابق مع وصول مجالس بلدية وعمال يحملون
طوابع الفشل على جباههم ! وهكذا، خَرِبَتْ !
إذن،
من سوء حظ الساكنة اليوم أنها تعيش
على إيقاع هذه المرحلة !
في
مداخل نهضة أي مدينة مغربية، نجد مجموعة من الطروحات، التيتحتاجفرضياتها، بلا شك، إلى
التجريب بشكل كافي. نقدم بعضها هنا.
الطرح
الأول: لتُحرزمدينة معينة مستوى مُرض من الإنماء، فإنها تحتاج إلى نخب يدعمونها، أو
على الأقل رجلا قويا وصاحب نفوذ في أوساط القرار. وتقدم بعض الشواهد من التاريخ نماذج
من ثنائيات تبعث على الدهشة: مدينة سطات / ادريس البصري؛ مدينة أصيلا / محمد
بنعيسى[6]؛ مدينة بنݣرير / فؤاد
عالي الهمة؛ ...
الطرح
الثاني:لتحرز أي مدينة الإنماء لا بد من زيارة ملكية،تصاحبها مشاريع إنمائية تقدر بملايين
الدراهم. هي نظرية مرتبطة على ما يبدو ببعض التقاليد المخزنية (نتذكر هنا «حْرْكَة السلطان»
لإخماد مظاهر«السِّيبة» في بعض
المناطق، ومن ثَم إطلاق حياة جديدة عبر استصدار القرارات وتعيين القُياد وإعادة توزيع النفوذ والخير العام بنفس المناطق).
الطرح
الثالث: وهو طرح ينبني على نقد الطرحين السابقين؛ من منطلق أنهما ينتميان إلى نمط تدبير
يعود إلى مرحلة ما قبل الدولة العقلانية التي توزع الموارد العامة استنادا إلى
معايير موضوعية وتشخيصات وافية المرام ونظرة متوازنة للتراب والجهات. يرى هذا
الطرح أنه لتتقدم المدينة مطلوب أن يتم استقطاب مشاريع مندمجة إليها، يكون من
شأنها توفير فرص للشغل وتحريك دينامية المدينة الاقتصادية والاجتماعية. وهو طرح
يؤكد أن الطرحان السابقان مرتبطان باعوجاج
أساسي قائم في تصور الإدارة المركزية لنمط تنمية المجال قبل أن يكونالاعوجاج محليا: ففي غياب
نظرة مندمجة لتهييء التراب الوطني تبقى احتمالات تحقيق التنمية مفتوحة على المصادفات
السعيدة وليس استنادا إلى التدبير العقلاني للموارد والمجال عموما.
وبذلك
يظهر أن هذا الطرح يؤكد على ضرورة ايجاد نقطة التقاء بين ما هو إستراتيجي وطني وما
هوتدبيري محلي. هو طرحعقلاني يؤكد على «ما يجب أن يكون» تماشيا مع أدبيات الحكامة، لكنه يصطدم مع الطرحين
الأوليين، ليس في القدرة على تحديد مسالك ممكنة للإنماء، ولكن عند أول تجريب في الميدان.
ميدان مُثقل، بشكل زائد على المطلوب، بفكرة «يد النفوذ أطول من يد العدالة التوزيعية
للموارد»، وبتقاليد سلطانية لم تقطع بعد مع فكرة «مركزية حضور الملك»!.
واليوم
يشهد المجلس البلدي تفاعل هذه الطروحات داخل مداولاته. وبقدر ما يبدو هذا التفاعل ترجمة
لرغبة المنتخَبين في إحراز مخارج
تنموية لمدينة مأزومة، فإنه يعكس استبداد اليأس بهم كذلك في إحراز المراد[7].
كيف
ذلك؟!
هذا
التفاعل، الذي يتمحور حول إيجاد مخارج لأزمة الإنماء، أفضى، داخل المجلس، إلى
تقديم رأيين مختلفين في ظاهرهما متناقضين في جوهرهما:
·
هناك من دَفعه اليأس إلى الاستنجاد بـ «الزيارة الملكية»،
انقاذا للمدينة، أو ربما تبريرا لعجزه، أو ربما انتصارا لشعبيته التي ينتظرها
امتحان انخابي قريب. أيا كان السبب، فالنتيجة المرجوة واحدة: الحصول على«بركة
السلطان». وقد تم الشروع داخل هذه المداولات في نقاش مدى إمكانية وكيف يمكن تقديم
التماسا في الموضوع للبلاط.
·
وهناك، على ما يبدو، من يسعى إلى طَرق أكثر من باب، وكأن
لسان حاله: "اللـي عندو باب واحد، الله يْسَدو عْليهْ": أصحاب هذا
التوجه يفكرون في كيفية جلب موارد جديدة للمدينة وبالتالي تحسين مستوى التجهيز والاستثمار، عبر طرح مشاريع للجهات
الوزارية والإدارية المعنية.
يدور
النقاش ويطول، وفي أكثر من مناسبة ينفتح على مقترحات عملية. بعضها يُـفعل،
بعضها يَـتعثر، وبعضها الآخر يُجهَض !
في
وقت من الأوقات، وتحديدا سنة 2011، اتُّفِـق على إعداد ما يمكن تسميته ببرنامج
إنمائي استعجالي للمدينة. صاغ المجلس، على يد بعض أعضائه،البرنامج المذكور ثم أرسله لوزارة الداخلية - الوصية. رجع الملف بملاحظات
تدعو لمراجعات. تمت مراجعة الملاحظات ورُدَّ الملف ثانيا للوزارة. بعد حين، أرجعته
الوزارة بملاحظات جديدة ... وفي الأخير جُمد البرنامج الاستعجالي المذكور!
في
مبادرة أخرى، انبثقت عن فاهمةِ أعضاء المجلس فكرة، رؤوا أنها تستحق الاختبار: إعداد
ملف اجتماعي واقتصادي والتوجه به إلى العاصمة الرباط والدخول في اتصالات مع مراكز
النفوذ – السياسية والإدارية–هناك. بعد إعداد الملف، دَخل العامل على الخط داعيا
المجلس إلى التريث وانتظار ثمار اتصالات أجراها هو بنفسه في نفس الموضوع، فتوقفت
المبادرة قبل بداية تفعيلها رجاء في الموعود. طال الانتظار، فقرر المجلس تحريك
المبادرة من جديد، فتدخل العامل للمرة الثانية. والنتيجة: أوقِـفت
المبادرة مجددا!
وبعد
ذلك، توجه الرئيس والكاتب العام إلى مديرية الجماعات المحلية –وزارة الداخلية-
بتنسيق مع العامل، وحصلوا منها على وعود لتمويل بعض المشاريع، ثم على دفعة أولى
لتمويل بعض الدراسات حول المدينة بحوالي 5 مليون درهم. أما الدفعات المتعلقة
بتمويل المشاريع التنموية فهي مُعلقة إلى حين !
قد
يحار المرء في تحديد جميع الأسباب التي تقف وراء لعبة الشطرنج هذه، ولكن هناك أكثر
من حركة على الرقعة يمكن التقاط معناها بلا جهد كبير.
على
صعيد مواز، وفي محاولة لفهم بعض
سلوكيات العامل الحالي، تم عَرض، على كاتب السطور، مجموعة من المعلومات. بعضها
يبعث على القلق، والبعض الآخر يبعث على الحيرة.
فبالإضافة
إلى نمط سلوكه مع المجلس الجماعي المذكور آنفا، رُوِي أن
الرجل وحتى كتابة هذه السطور لم يسبق له
أن عقد لقاءً رسميا- بعد أزيد من سنتين على توليه المسؤولية- مع بعض رؤساء أقسام
العمالة ولا لمرة واحدة! على العكس تماما لما كان عليه الحال مع عمال سابقين
والذين كانوا على اتصال ببعض التقنيين والإداريين الصغار، بَلْهَ الأُطر المسؤولة
عن معالجة ومتابعة الملفات. ولا حاجة للتذكير بأن مجهودات هؤلاء والتنسيق والاتصال
الدائم معهم أمرا ضروريا في كل عملية بحث لتحسين أداء الإدارة الاقليمية، أو كما
يقول أهل المنطق والفقه: ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب. وفي ظل هذا النوع من
التراتبية الإدارية الصارمة والمبذرة للوقت والمعطلة لحسن الأداء والتفاعل
الداخليين، يميل العامل، عند التعاطي مع الملفات، إلى واسطة الكاتب العام للعمالة.
نقطة سلبية تضرب في العمق المنطق الحديث في التدبير، المبني على تثمين المعلومة وجودتها وانفتاح المدبر على
موظفيه! هل نحن أمام تجربة للتدبير من وراء الأسوار العالية [8]؟!
في
محاولة لتفسير سلوك الرجل الوظيفي، استنادا إلى ما تقدم من ملاحظات وغيرها من
المعلومات المتوفرة بهذا الخصوص، تتعدد التفسيرات والنتيجة واحدة.
يمكن
عرض نمطين من التفسيرات التي تترد على لسان بعض المقربين من كواليس تدبير شؤون
المدينة، وهي تحتاج على أي حال إلى معطيات كافية لتأكيدها:
التفسير
الأول: يقول أن انتماء الرجل إلى «حزب الأصالة والمعاصرة» يدفعه إلى الإتيان
بسلوكيات غير طبيعية اتجاه الفرقاء داخل المجلس البلدي وخارجه واتجاه الملفات
المطروحة. وهي سلوكيات لا يمكن فهمها إلا من مدخل تأثير انتمائه ذاك على طبيعة
تصرفاته.
التفسير
الثاني: استحكام المفهوم التقليدي للسلطة في عقل الرجل يدفعه إلى التعاطي مع
الأمور بشكل تقليدي أيضا. ويقدم أصحاب هذا التفسير بعض الحجج منها، أنه يُلح، بشكل
مستمر وحثيث، في طلب المعلومات حول الشخص الذي يقف وراء هذا الملف الإداري أو ذاك
قبل التعاطي مع الملف ذاته بشكل موضوعي.
ولقد
صادف كاتب السطور سلوكا في إدارة عمالة الإقليم لم يسبق أن تمت مصادفته، أو بعبارة
أخرى: Made in khemisset.
ففي هذه الإدارة، عندما يتم إيداع طلب إداري ما بمكتب الضبط، لا يمكنك أن تحصل على
توقيع من قبل هذا الأخيرة يفيد أنك مررت من هذه الإدارة يوما ووضعت طلبا ما وأنك تنتظر
جوابا أو خدمة في أقرب وقت. تضع طلبك، ويقال لك: هنا، لا نكتفي بالاستلام، والسلام!
أَإلى
هذا الحد تكون هذه الإدارة علبة مغلقة عن الخارج؟!
سبق
وأن سمعت على لسان العديد من الموظفين، وكذا المواطنين، أن الرجل الذي على رأس هذه
الإدارة–أي العامل - لا يفتح، على عكس سابقيه، أبواب مكتبه لمن يدقونها إلا لماما.
لا نحتاج الكثير من الذكاء لنفهم أن سلوك كتابة الضبط، المذكور آنفا، ما هو إلا
فرع عن هذا الأصل!
هي
تفسيرات تحتاج إلى تدقيق، أما النتيجة فهي واحدة: استمرار السلطة المحلية في نهج
منطق في التدبير أكل عليه الدهر وشرب!
وحينما
يتبخر المفهوم الجديد للسلطة في السماء تكون هناك، بالمقابل، ضريبة أخرى تدفعها
المدينة على حساب تنميتها.
* * *
في
الاستثمار والمشاريع العمومية:
بـ 105018
نسمة حسب إحصاءات 2004 (مصادر من داخل المجلس تقدر الرقم الآنبـ 120000 إلى 130000
نسمة)، يبدو أن المسؤولون الذين تعاقبوا خلال أزيد من عشر سنوات الأخيرة على التدبير
المحلي وقفوا عاجزين عن تقديم بدائل تنموية للمدينةمن شأنها احتواء آمال هؤلاء.
ولهذا، تجدهميصطدمون، تباعا، مع تطلعات الساكنة. فلا عجب، إذا ذُكر هنا، أن
المدينة عاشت لسنوات في غياب مخطط متعدد السنوات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية[9]؛إذ لايمثلمخطط 2000-2004[10]سوى مجرد استثناء على هذا
الصعيد.
نعم،
تم وضع مخطط من قبل المجلس الحالي – والجماعة الحضرية للخميسات هي الوحيدة التي
تتوفر على مخطط من بين جميع الجماعات على تراب الإقليم. وهي نقطة تسجَّل في رصيد
هذا المجلس.
وفي
الواقع، إن التأكيد على ضرورة وضع المخطط يترجم رغبة أعضاء المكتب المسير للبلدية
في الحصول على رؤية للمستقبل، بالشكل الذي يقطع مع التدبير الارتجالي لشؤون
المدينة. وقد ساعدهم هذا الأمر في التخفيف من حدة النزاعات التي تحصل أثناء
المداولات حول اختيار البرامج، كما أنه أعطى للمكتب المذكوررؤية وسكة عمل.
ولا
شك في أن رغبة المكتب المسير في العمل وفق منهجية صحيحة، دفعته، وبشكل يبعث على
الإعجاب حقيقة، إلى الاستعانة في مجموعة منمبادراته على خدمات مكاتب للدراسات.
ويمكن القول أن المدينة اليوم تتوفر، بفعلهذه الرغبة، على العديد من الدراسات التي
تهم الكثير من المجالات (النقل،
السير، التعمير،...).
ومع
ذلك، لا يُخفي بعض أعضاء الأغلبية داخل المجلس وغيرهم بعض مظاهر العجز الذي عرفته
عملية تنزيل المخططعلى الأرض بالشكل المطلوب.
لم
يُنكر الكاتب العام للبلدية، مثلا، الطابع الحالم للمخطط عندما قال: لا يجب أن
ننكر أن المخطط يترجم حلما أكثر منه مشروعا، لذا كان لابد أن يصطدم مع الإمكانات
المتاحة والمتوقعة.
بينما
رأى الرئيس أن أهم مشكل في تنزيل المخطط هو:"الفلوس، الفلوس، الفلوس"
رددها هكذا. واستطرد: "الجماعة فقيرة. فطبيعتها شبه الفلاحية وشح الموارد
المالية يعرقلان كل شيء". هذا التقدير وافقه عليه كل أعضاء المكتب الذين تمت
مقابلتهم.
لكن
بين أن تكون ندرة الموارد السبب الحقيقي المبرر للعجز عن التنفيذ الكلي للمخطط
وبين تحميل المسؤولية الأولى للمكتب المسير ذاته هناك مساحة تُدخلنا في نقاش لا
ينتهي، خاصة إذا امتزج بالأهواء السياسية؛ إذ، عندها، سرعان ما سيدخل إلى نقاش "من
يخلق الآخر" : إيجاد دينامية استثمارية هو الذي يخلق القيمة المضافة،وبالتالي
توفير موارد جديدة للبلدية أم أن التوفر على الموارد المالية هو الكفيل بإيجاد
بنية تحتية وفوقية من شأنها خلق دينامية استثمارية وإنماء المدينة؟! وهكذا يظهر كم
هو سهل تحريف النقاش إلى المستنقع السياسوي حيث لا جواب عن من السابق ومن اللاحق في علاقة البيضة
بالدجاجة!
في
الواقع، وإلى حد كبير، ليس من الصعب توقع عدم نجاح الرئيس والمجلس الحاليين في
تدبير شؤون المدينة. فالرجل– بعد سيرة غريبة من القفز السياسي؛ مِن حزب رابطة
الحريات إلى الاستقلال وأخيرا حزب الأحرار-لم يكن يتوفر على تجربة تدبيرية سابقة
داخل مصلحة عامة ما، كما أنه يفتقر للتكوين العلمي الذي يمكن اعتباره "شرط
الحد الأدنى"، وهو أيضا لم يكن رجل أعمال مخضرمولا مقاولا كبيرا ناجحا: هي
الصدف تلعب لعبتها وتقفز بالبعض إلى رأس المجلس المدبر. وقد كان واحدا من روافد هذه
الصدف سمعة الرجل الطيبة لدى الكثير من الناس، بل حتى خصومه يعترفون له بقدر كبير
من طيبة النفس.
لكن،
كل هذا لا يشفع له أمام واجب المساءلة والنقد. فطيبة النفس شيء وتحمل مسؤولية
تدبير مصالح الناس شيء آخر: لا يقاس حسن التدبير بحسن النوايا، وإنما بمدى تحقيق
النتائج.
وما
يقال عن الرئيس ينطبق بشكل كبير على أغلب أعضاء المكتب المسير. وأقل ما يمكن قوله
بشأن هذا الأخير، هو أنه يفتقد إلى التجانس الأغلبي المطلوب كما صرح بعض أعضائه في
الأغلبية - على الرغم من أن البعض الآخر منهميشير، بفخر،إلى المكتب
مرحلة جديدة من التجانس عبر تحقيق اندماجأكبر بين مكوناته.
عودة
إلى الرئيس. كفاءة الرجل وخبرته المحدودتين دفعت الكثيرين من المحيطين به إلى
اعتباره رجلا يفتقد لحس الاحترافية في العمل ولمسة المدبر صاحب الرؤية. لا
أظنهمقتنع، كفاية، أن شرط تحريك الانماء في المنطقة رهين بجعلها دينامية اجتماعية
تُوَلد القيمة المضافة في الاقتصاد كما في الثقافة. وهو ما يفسر كيف أن الاستثمار
بقي في عهده فكرة مجمدة. إذ لمتشهد المدينة خلال الفترة الأخيرة أي مشروع استثماري
كبير يـوَلد فرص اللشغل وينعش التجارة والاقتصاد عموما. ولا ندري إلى متى
سيُبقي المسؤولون هذه المدينة ترزح بين خيارات محدودة، مُحزنة ومُهدرةلكرامة
الإنسان: الهجرة والغُربة، خارج الوطن وداخله.هي خيارات محدودة تقف عقبة أمام طموح
الجميع:الطموح في العمل بالنسبة للفئة النشيطة،واستكمال الدراسة في المستوى العالي
بالنسبة للشباب.
حتى
الأسر مرهونة بشكل كبير بهذه الخيارات المحدودة: لا نملك عدد الأسر التي تعيش على
التحويلات المالية لأبنائها المهاجرين والمغتربين، ولكن على أي حال النسبة كبيرة
بالنظر إلى تطلع شباب المنطقة المستمر للهروب من براثن البطالة بالمدينة في اتجاه
ما وراء البحر ومصانع بعض المدن المغربية.
هناك
نسبة لا بأس بها من الموظفين يعملون لدى الدولة ويستلمون أجورهم منها، وتشكل فئة
منهم ما يمكن تسميته بالطبقة المتوسطة، ولكن الأمر الذي يمكن إثباته بعملية
محاسبية (لو أن إداراتنا تمسك
محاسبة تحليلية في إطار نظامها المحاسبي) هو أن نفقاتهم تلك تزيد بشكل كبير على حجم القيمة
المضافة التي ينتجونها للمدينة.
وهكذا،
وفي غياب استثمار حقيقي، تضيع المدينة في دوامة تكرس البطالة وتهدر الطاقات
المحلية وتعرقل تحريك عجلة الاقتصاد.
اقتصاد
المدينة أصبح منكمشا باستمرار ويولد قيمة مضافة بسيطة جدا بالنظر إلى طبيعة
الاقتصاد ذاته الواردة أعلاه. والنشاط الغالب داخل المدينة اليوم، هو التجارةالصغيرة
في الحجم و في قيمة الرأسمال[11] والمحدودة القدرة على
التشغيل،وليس الإنتاج [تصنيع، خدمات، ابتكار].
هذا
من جانب، ومن جانب آخر تمثل مداخيل السوق الأسبوعي ومداخيل سوق الجملة أهم موارد
الجماعة الذاتية (مثلا، يُدِر هذا الأخير حوالي 15% من مجموع مواردها). ومع ذلك، يتخبط هذان المرفقان في سوء تدبير كبير. وإذا أضفنا
لهما واقعة أن يد الإدارة تبدو في أغلب الأحيان مشلولة أمام استفحال ظاهرة «الباقي
استخلاصه»، سيبدو تحجج المجلس بضعف الموارد كلاما عبثيا، ما دام لا يُحسن إدارة
الموارد المالية التي يتوقف أمر تدبيرها على قرارات منه أو مبادرات حازمة يتخذها من
أجل تحصيلها.
وهكذا،
يمكن القول أن المكتب المسير لا هو أحسن تدبير الموارد المتوفرة على مرمى من يده،
ولا هو انخرط في خطة عمل واضحة ومتكاملة لاستقطاب الاستثمار، ومن ثم لا يبقى لسؤال
"أيهما أولى، تحريك دينامية الاستثمار أم التوفر على الموارد؟" أي معنى!
يرى، عن حق،بعض أعضاء المكتب المسير (الرئيس وبعض خلفائه
تحديدا) أن أهم الأسباب التي تعرقل الاستثمار تعود إلى التالي:
-
أن المدينة عبارة عن نقطة سوداء بالنسبة للمستثمرين
نتيجة الأحداث الماضية المتعلقة بالنزاعات الاجتماعية التي دارت في بعض معامل الحي
الصناعي قبل حوالي عقدين من الآن، والتي كان طرفاها العمال والعاملات والنقابات من
جهة وأرباب العمل من جهة أخرى. وهي أحداث تعكس إلى أي مدى يمكن ان تشكل بعض
الوقائع التاريخية معالم المستقبل لجماعة من الناس. فعلى أثر تلك الأحداث أغلقت
معامل، وتم نقل أخرى إلى مدن أخرى [طنجة مثلا].
-
ضعف البنية العقارية للمدينة. ويحكي رئيس البلدية أنه
عجز في مرة من المرات عن توفير 50 هكتارا لمستثمر أراد الاستثمار، بل واعتبر أن
توفير 5 هكتارات اليوم لمشروع مابات أمرا صعبا.
-
غياب عقلية الاستثمار لدى من يملكون رؤوس أموال من سكان
المدينة.وقد قالها رئيس البلدية بصراحة: لا أحد هنا يريد الاستثمار!
سأل
كاتب السطور رئيس البلدية: هل وضع المكتب المسير خطة عمل حول الاستثمار للترافع
بشأنها داخل وخارج المدينة وأمام المستثمرين، على غرار الملف العام الذي وضعوه بين
أيدي وزارة الداخلية في وقت سابق؟فظهر أن الأمر لم يتم.
أكثر
من هذا، وعلى الرغم من أن مشروع تصميم التهيئة الحالي يقضي بإنشاء منطقة صناعية
للمدينة، فإن حماسة بعض أعضاء المكتب المسير والكاتب العام تبدو ضعيفة استنادا إلى
تقديرهم أن نجاح هذه المنطقة سيكون محدودا بالنظر إلى أن المنطقة الصناعية بعين
الجوهرة ستأخذ، لا محالة، حصة الأسد على صعيد استقطاب الاستثمارات في المنطقة.
كما
أنهم يدعمون تنبؤاتهم هذه – كما يعتقدون – بقصة فشل مشروع مشاتل المقاولات المهنية
الخاصة بالشباب (أمام السوق الأسبوعي).
وفي
الوقت الذي نُذكر أن المشروع الأخير فشل على المستوى الوطني وليس في الخميسات فقط،
كما سجل تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات، نؤكد أن ضعف الحماسة الملحوظ من شأنه
أن يضيع على المدينة فرصة طال انتظارها. ولعل البديل عن هذا يكون عبر وضع خطة
لحملة إشعاعية للتعريف بالمؤهلات الجيواقتصادية والبشرية للمدينة ولإعلام المنعشين
العقاريين والمستثمرين عموما بالدعم
والتسهيلات التي يمكن الحصول عليها إذا ما قرروا الاستثمار بالمدينة. فلا شك أن
الرأسمال يتبع الاغراء حتى ولو كان مصدر ندائهقلب الصحراء.
سألت،
بغتة، في حضور الرئيس وبعض نوابه والكاتب العام، بعد أن كان الحديث سجالا: كم معدل
البطالة لدينا في المدينة؟
شرَع
بعضهم ينظر في وجه البعض الآخر. وبعد أن خيم الصمت على الجلسة للحظة من الزمن،
وبدوا وكأن على آذانهم وقر، نظر إلي الكاتب مبتسما، وأجاب، بعد أن شكك بشكل مرتبك
نوعا ما، في نوايا السؤال وما إذا كان القصد منه إظهارهم في موقف جهل: على أي حال،
معدلها كبير في المدينة. جواب وافقه عليه الحضور وأنا معهم. لكن الأهم من الجواب
في حد ذاته كان بالنسبة لي، إظهارهم الفجوة التي تفصل المنتخَبين المدبرين عن
المنتخِبين من الساكنة. وفي الواقع، هذا مؤشر يُثير القلق، وحتى الريبة في مدى
جدية البعض في التعاطي مع شؤون وشجون المدينة!
أشك–وقد
أكون مخطئا، لا بل أتمنى ذلك– أن الرئيس المذكور حمل يوما هاتفه واتصلبرئيس بلدية
أخرى قائلا له: لقد سمعت أن تجربتكم التدبيرية تتقدم بشكل يبعث على الرضى، ماذا لو
جلسنا لبعض الوقت لنتحدث عن تجاربنا بحُلوِها ومُرها، فنتقاسم بذلك التجارب والخبرات".
إننا
أمام رؤساء يرتمون في الضباب بلا خطط استراتيجية ولا حرص على التدبير الجيد.وعلى
أي حال،إن فاقد الشيء لا يعطيه!فلا عجب إذا تحول بعض رؤساء الجماعات الترابية إلى
مجرد واجهة يدير من ورائها الكتاب العامون للبلديات[12]والباشاوات والعمال شؤون
البلاد والعباد.
وباستثناء
خدمات النظافة التي عرفت تحسنا لا بأس به (بِغض النظر عما يمكن قوله بشأن التوقيت الذي أطلقت فيه
عملية تنفيذ المشروع[13])، وكذامشاريع تهيئة بعض
الطرقات (بغض النظر، هنا أيضا، عن الشكل الانتقائي الذي لازال يتم التعامل به، في
بعض الأحيان، عند تحديد أماكن تنفيذ صفقات تهيئة الأزقة والشوارع المذكورة[14])، بقيت الخدمات الأخرى
تتراوح بين الإهمال وسوء التدبير. ويمكن الإشارة هنا إلى المحلات المهنية
للمقاولين الشباب قرب السوق الأسبوعي والأسواق المغطاة [سوق المعمورة وسوق السعادة][15].ففي الوقت الذي ظلت المدينة
تفتقر إلى بصمة خاصة للرئيس والمجلس البلدي الحاليين، الملاحظ أنهم لم يبادروا حتى
إلى استكمال المشاريع القائمة. وبسبب ذلك يستمر تجميد استثمار ملايين الدراهم التي
رُصدت لهذا الغرض وتعريض منشآت بعض المشاريع غير المكتملة للتلف المستمر وتضييع المئات
من فرص الشغل!
لكن
هذا لا يجب أن ينسينا جانبا من المسؤولية الواجب ربطها بأطر البلدية (مهندسون
وإداريون)[16]
الذين كثيرا ما فشلوا في تقديم دراسات من شأنها توجيه القرارات بهذا الخصوص.
فكثيرة هي المشاريع التي اتُّخِذ القرار بشأنها بالرغم من ضعف الدراسات الأولية
الكافية وغياب لتقدير الجدوى ودون تقديم البدائل الاستثمارية الممكنة[مشاتل
مقاولات الشباب، مثلا].
وفي
مجال محاربة السكن غير اللائق، يشهد الجميع تعثر المجالس المتعاقبة على تدبير
المدينة على مستوى مهمة إعادة هيكلة حي السعادة والأحياء الصفيحية المجاورة له. فعلى الرغم من أنه أقدم حي صفيحي
في تاريخ المدينة - إذ يعود تاريخه إلى سنة 1940- وبالرغم من الاتفاقياتالموقعة
بشأنه والمبالغ المرصودة له، لم يشهد الواقع المعاش هناك سوى تحسينات طفيفة وبطيئة
ومتعثرة خلال العشرين سنة الأخيرة.ولا زال سكان تلك الأحياء يفتقرون إلى العديد من
الخدمات الأساسية (الماء الشروب، الكهرباء، الإنارة العمومية والطرقات). بل حتى
الأماكن التي تتواجد بها أعمدة للإنارة العمومية تفتقر إلى المصابيح وأعمال
الصيانة الضرورية[17]: فصل حزين آخر في مدارات الحزن التي يدور في متاهاتها
الناس هناك.
يدفع
المسؤولون عن هذه الأوراش اللوم عن أنفسهم، بالقول أن سبب تعرقل التنفيذ يرجع إلى
الساكنة المعنية نفسها التي تتعثر، إلى حدود الساعة،في تنظيم نفسها على شكل
وداديات أوجمعيات لتصفية النزاعات البينية وتبادل القطع الأرضية؛ بما يسمح بتنفيذ
المشروع في أجواء توافقية غير إكراهية. قد يتفهم المتابع هذه التبريرات، ولكن الذي
لا يمكن تفهمه هو تعليق هذه المشاريع المهيكِلة للأحياء، والتي تقدر بملايين الدراهم،
لا لسبب إلا لأن صاحب هذه البقعة أو تلك، أو صاحب مصلحة هنا أو هناك داخلالحي
موضوع الهيكلة يمتنع عن التوافق ويضع العراقيل!وبالتالي تفويت الفرصة على معظم
الساكنة وعلى التطور العمراني والإنمائي للمدينة بوجه عام.
هذه
التبريريات التي يقدمها هؤلاء، تدفع بنا إلى الرجوع إلى مساءلة نمط تصور تلك
المشاريع ذاته، الذييفتقر إلى التقدير الكافي للإكراهات التي من المحتمل أن
تواجهها عملية تنزيل المشاريع (أو ما يسمى بـ «تقدير المخاطر على المشاريع
المبرمجة»)، ومن ثَم توقع واقتراح الحلول المناسبة لها. ولعل من مظاهر عُوار ذلك
النمط من التصور، نجد افتقار بعض المشاريع إلى آفاق زمنية للإنجاز: يُقدَّم
المشروع ويصادق عليه ويُترك أمر تنفيذه في المستقبل إلى تقلبات الظروف!
وهكذا تتحول المشاريع من عمليات لتدبير الممكن إلى عمليات للارتماء في المجهول؛ نتيجة
عدم ضبط مَجاهل المعادلات التدبيرية كاملة!
وهنا
لا ننسى أن عمالة الإقليم تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية بخصوص تعثر مشاريع
الهيكلة هذه، باعتبارها طرفا معنيا وشريكا.فلا يخفى دورها في إقناع والاقتراح
على الساكنةبدائل ممكنة لتسهيل عملية
تنظيمهم وفك النزاعات التي تنشأ أثناء إعادة ترسيم البقعفيما بينهم.ضعف انخراط
مختلف المعنيين بتنزيل هذه المشاريع، يعد مظهرا ثانيا من مظاهر الضعف القائم على
مستويي تصور وتنفيذ مشاريع هيكلة الأحياء الصفيحية.
وفي
مستوى آخر، لا يفوت هنا التذكير بالاستغلال السيئ الذي طال ملعب التنس. وقد سبق للمجلس
الجهوي للحسابات أثناء مراقبته لتسيير المجلس البلدي الأسبق أن أثار العديد من
الجوانب المرتبطة بهذا الموضوع. فبالإضافة إلى وضع اليد على الملعب من قبل جمعية
بشكل لا سند له ومستفز مما جعل المكلف الحقيقي بتسيير الملعب يُزاح إلى الهامش[18]، سجل التقرير ملاحظات أخرى
ومنها:
·
استخلاص مداخيل المرفق لفائدة الجمعية المذكورة بدون سند
قانوني؛ إذ تستفيد هذه الجمعية التي تسير النادي من المداخيل المتعلقة باستغلال
مرافقه دون أن تكون لها الأهلية لذلك. علما أن هذه المداخيل قد بلغت 747138 درهم
برسم السنة الرياضية 2006/2007.
·
تغيير الواجهة الأمامية للمسبح وتحويل المقهى التابعة له
إلى حانة دون سند قانوني. إذ يقوم رئيس نادي رياضي والمستشار البلدي للخميسات
باستغلال حانة بالمسبح البلديبدون توفره على سند قانوني يسمح له بذلك. كما لاحظ
المجلس الجهوي للحسابات قيام هذا الأخير بإنجاز أشغال بالمسبح البلدي دون التوفر
على إذن صريح للقيام بذلك. وقد حرر المأمور البلدي المكلف بمراقبة مخالفات قانون
التعمير محضرا بشأنها، إلا أن رئيس المجلس البلدي[19] امتنع عن استكمال
الإجراءات القانونية لمتابعة هذه الوضعية[20].
وهكذا،
يتم التفريط في المصالح الجماعية خدمة لمصالح خاصة. وهذا هو عين تبذير المال العام[21]، وفي أقل تقدير غياب
الشجاعة وتحمل المسؤولية من المعهود له بالمحافظة على الأملاك الجماعية وصيانة المال
العام!
وعلى
صعيد الاستثمار، شهدت المدينة تصحرا متتابعا زحف على مَهل بحيها الصناعي إلى أن ضَربه
في مقتل، فجعل منه خبرا بعد عين!
فبعد
أن كان الحي المذكور يشكل نواة إنتاجية لتوفير فرصا للشغل وخلق القيمة المضافة
بالمدينة خلال المرحلتين الأولى والثانية من تاريخها مُذ صارت مركزا للإقليم، صارت
المدينة، اليوم، دينامية اجتماعية بلا نواة اقتصادية إنتاجية. كان الحي الصناعي
المذكور وليد الشطر الأول من موجة تصنيعية أطلقتها الدولة (وزارة التجهيز)، حيث مَول
صندوق الإيداع والتدبير عمليات التجهيز التحتي لهذا الحي قبل حوالي عقدين ونيف من
الآن. بعض المدن انتقلت إلى الشطر الثاني من الموجهة، وربما الثالث في بعض التجارب؛
عبر استئناف تصنيع أحياء جديدة؛ هذا في الوقت الذي عاد الزمن إلى الوراء بحينا
الصناعي وبالعقل المدبر للمدينة على السواء. قد لا يزيد كاتب السطور جديداإذا قال–أو
بالأحرى، ذكَّر- أن المكان حيث كان مقررا إضافة الشطر الثاني، تحول إلى تجزئة
سكنية في رمشة عين أو قل في "ضْرْبَهْ عْلى الشْعَا".
وأهلابالعجب
إذا علمنا أن المدينة تفتقر، حتى الآن، إلى تصميم لتهيئة تراب الجماعة[22]. حينها يُصبح الحديث عن
مبادرات لخلق حي صناعي جديد عبر إيجاد بنية استقباليةوعقار مجهز لاستقطاب
المستثمرين من ترف القول.
وقد
سبق للمجلس الجهوي للحسابات – الرباط- أن أشار، سنة 2010، إلى نفس هذا الخلل في
تقريره لسنة 2008 المذكور سابقا. حيث أشار إلى أنه "تمت المصادقة على آخر
تصميم تهيئة ببلدية الخميسات بتاريخ 29 يناير 1986. لذلك فالجماعة لا تتوفر منذ
تاريخ 29 يناير 1996 (...) على تصميم تهيئة مصادق عليه...[23]".
ولذلك
أوصى المجلس الجهوي المذكور الجماعة بأن تحث الأطراف المعنية على التسريع في
الإجراءات المتعلقة بالإعداد والمصادقة على تصميم التهيئة وفق مقتضيات قانون التعمير.
والطامة الكبرى، هي أن
مصالح المجلس في ولاية سابقة قامت في فترة من الفترات بإعداد التصميم المذكور
مستوفية كل إجراءات إعداده باستثناء المصادقة إلى أن تم تجاوز الأجل القانوني
المنصوص عليه في الفصل 27 من قانون التعمير (12 شهرا)، الأمر الذي جعل من أحكام
المشروع غير لازمة التطبيق !وهنا يكون الحذر
مطلوباخشية أن يدخل مشروع المجلس الحالي نفس هذا النفق المُعطِّل، في ظل صراعات بدأت تطفو على واجهة النقاش العام
المحلي ويتداخل فيها الشخصي بالمصلحي، وبالسياسيوبالانتخابي، وبأغراض أخرى في نفوس اليعقوبيين، تحت يافطةٍ يستسهل الجميع العمل في ظل ما تختزن من مشروعية
وقدرة على التعبئة:"مصلحة المدينة والساكنة"! إذ من المحتمل جدا ألا نُعدَم إعادة إنتاج المشهد البهلواني الذي طالما تكرر، حيث
الكل يدافع عن مصلحة المدينة ويطعن في مشروع التصميم طولا وعرضا، وفي النهاية
ينزوي هذا المشروع الذي يحتاجه التطور السليم لمستقبل المدينة إلى ركن يصبح فيه
نسيا من منسيا ضدا عن مصلحة المدينة ذاتها!إن الأهم من انتقاد
المشروع اليوم هو تقديم عناصر بديلة عنه، خاصة من قبل القوى المدنية والسياسية
المعارضة له، وعدم الاكتفاء بالصراخ من أجل الظهور بلبوس الناطق الرسمي باسمالمتضررين
أو مصلحة المدينة، أو من أجل تعطيل المشروع رأسا!
قبل التفكير في الحشد
وجلب التعاطف الشعبي، المطلوب من الجميع التفكير، ولو مرة واحدة، في مستقبل إعمار
وتعمير المدينة.
* *
*
في الثقافة
والسياحة:
نفس
مُنحنى الانحدار الذي عرفته المدينة على صعيد الإنماء، يترجمه ويعكسه بشكل متطابق
منحنى تدهور وضعها الثقافي العام. فبعد تاريخ غني ومشرف من العمل الثقافي الرائد
على الصعيد الوطني خلال السبعينات والثمانينات، هاهي المدينة تتدحرجبقوة دفع كبيرة
نحو الدرك الأسفل الثقافي بالمقارنة مع حواضر صغيرة الحجم [مدينتي تيفلت والحاجب، على سبيل
المثال].
وفي
ولاية المجلس الحالي للمدينة، يبدو
أن الثقافة لم تنل موقعها المطلوب في
الأجندة السياسية.
هناك
العديد من الروايات تحكي كيف أن بعض الرؤساء السابقين للبلدية كان لهم احتكاك،
بشكل أو بآخر، بالجانب الثقافي للمدينة. يروي شاعر كيف أن أحد الرؤساء السابقين[24] كان يهتم بمؤلفاته الأدبية
ويقتني منها عشرات النسخ دعما له – كأديب محلي - وترويجا للمنتوج الثقافيللمدينة وخدمة
لإشعاعها[25].
ورئيس آخر كان حريصا على زيارة الخزانة البلدية للكتب مرة كل شهر ليقف على مستوى
أداء خدماتها.
وفي
نفس الإطار، الملاحظ أن المكتب المسير الحالي، وعلى عكس ما عليه الأمر في العديد
من التجارب على امتداد تراب البلاد، عجَز عن إطلاق مهرجان ثقافي سنوي، يجمع أدباء
وفناني المدينة وفعالياتها الثقافية عموما؛ بحيث يكون أرضية لانطلاق تفاعل ثقافي
جاد وفرصة لظهور مواهب المدينة، ومنصة لتكريم أولئك الذي أثْروا خزانة المدينة والبلاد
عموما[26]، وفضاء تعبيريا منفتحا على
التجارب الأدبية والفنية في مختلف أشكالها (مسرح، رواية، قصة، شعر، رسم، تصوير
وغيرها).
تجتمع
كل هذه الشهادات ضد المجلس الحالي ورئيس المجلس بالأولوية؛ فقد كانوا بعيدين كل
البعد عن هكذا مبادرات. وليس من الصعب هنا إجراء علاقة تناسب بين حجم حضور «الثقافي»
في فكر كل رئيس وبين الإهمال الكبير الذي تعرضت له الثقافة في واقع المدينة في
عهده. وهكذا، نلاحظ أنه باستثناء المبادرات التي أطلقتها بعض الجمعيات الثقافية في
المقام، بدت اهتمامات المجلس الحالي ورئيسه بعيدة كل البعد عن هذا المجال.
أذكر أنه في
المقابلة التي أجريتها مع الرئيس الحالي، لم ألاحظ وجود أي كتاب أو مجلة أو جريدة على
المائدة الصغيرة التي تقابل مكتبه، ولا وجودالرفوف مكتبة على الجدران المحيطة بهذا
الأخير. فقط هناك مجلة واحدة تحمل اسم "الشرطة" !!!
ما
يقال عن البلدية ينطبق على إدارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية؛ فهذه الأخيرة،
على ما يبدو، مازالت تجد في الثقافة استثمارا غير ذي بال. ولعل أكبر دليل على ذلك
تخبط الملحقة الثقافية للوزارة، كما ورد في أحد التقارير الصحفية، في وضع يُرثى له
(تحويل مقر المندوبية إلى سكن خاص، تـَـغيب مستمر للموظفين، عدم التوفر على
ميزانية قارة)[27].
إنه
حظ الثقافة اللعين!
يُضاف
إلى جانب هذا،إهمال المجلس الحالي، والمجالس السابقة أيضا، الجانب السياحي
للمدينة. قد يبدو في الأمر نوعا المبالغةبالنظر إلى افتقار المدينة إلى مؤهلات
سياحية كبيرة ومهمة بالنسبة إلى تاريخ المغرب[28]، خاصة على صعيد التراث المادي،
إلا أن البعد التاريخي والرمزي للمدينة، باعتبارها عاصمة منطقة زمور يجب أن ينال
حظه من الاهتمام داخل الفسيفساء الثقافي الوطني. فالمدينة على هذا الصعيد تحتضن العديد
من الشواهد والرموز والأحداث التاريخية التي يمكنها مجتمعة أن تُستثمر كمادة خام من
شأنها تشكيل الذاكرة الجماعية للمدينة وللمغرب على حد سواء. فتاريخ المدينة يشرُف
على المائة عام، وقد تقاطعت في جغرافيتها أحداث اجتماعية وسياسية مهمة (أسباب نشأة
المدينة في حد ذاتها، الوجود الاستعماري بها، حركة المقاومة السياسية والمسلحة
ضده، انتفاضة 22 أكتوبر 1937، زيارات وخطابات لقادة سياسيين وطنيين كبار في ساحة الاحتفالات
القديمة[29]، عمران نوعي أسس النواة الأولى للحياة الاجتماعية الحضرية
خاصة بحي التقدم[30][=«حومة
القايْد[31]»] وبمحيطه، ...).
وإلى
حدود الآن، لا تتوفر المدينة على متحف بلدي ما كان ليحتاج نفقات ضخمة من أجل تشييده
وإغنائه بالمواد الأثرية والثقافية المرتبطة بالمدينة وتاريخها وبيئتها الحاضنة؛
وذلك انطلاقا من قصاصات الجرائد التي تعود إلى بداية القرن العشرين، إلى أزياء
المنطقة ونمط عيشها التقليدي، والصور الأولى لها وغيرها من المواد المتوفرة
والزهيدة الثمن. وقد كان من الممكن أن يتم تحويل المقر الحالي للخزانة البلدية للكتب
الموجودة داخل غابة «المقاومة» إلى متحف، على أن يتم نقل الخزانة إلى داخل المدينة
فتكون بذلك أقرب إلى الزوار وأحسن أداء لما أُنشأت من أجله، بدل تطويحها إلى هامش
المدينة ![32]وبذلك نضرب عصفورين بحجر واحد: إحداث متحف هناك من جهة، ومن
جهة أخرى تقريب خدمات الخزانةالبلدية للكتب أكثر إلى الساكنة؛ إذ لا ينفُض الغبار
عن الكتب ولا يُوفِّر الدفء لرفوف المكتبات إلا تقريبها من حركة الناس. هنا فقط
تصبح الثقافة جزءا من المعيش اليومي، وبالتالي تتحول إلى رصيد لحَفز الإنماء العام
للساكنة.
لا
بل كان مطلوبا أن تَدخل الجماعة الحضرية للخميسات في اتفاقيات شراكة مع الجماعات
الحضرية والقروية المحيطة بالمدينة، لتحسين استغلال المواقع الطبيعية والتاريخية
المتوفرة عبر ترميمها وحماية مؤهلاتها السياحية. ويمكن ذكر منها: مغارة إفْري نْ عْمرو
موسى التي ترجع إلى حوالي 3000 عام،قنطرة أُوفْلوس التي تعود إلى عهد السعديين، ضاية
رومي، ضاية الݣنزرة، واد بهت، وغيرها من المواقع. فبالنظر إلى موقعها - كنقطة عبور
رئيسية - كان من شأن مدينة الخميسات أن تتحول إلى بنية لاستقبال السياح- الخارجيين
والداخليين- والباحثين في تراث المنطقة على السواء. وبذلك تسهم في تحريك دورة
الاقتصاد السياحي بشكل أكبر.
وفي الوقت
الذي تنعدم المبادرات ويسود الكسل، يطال الإهمال ما هو بين اليد: ديور الحومر، في
المدخل الشرقي للمدينة. لقد كانت منازل هذا الحي تحمل خصوصية عمرانية، وتضفي على
المدينة مسحة من التنوع في الشكل واللون (إطلالتها من مرتفَع على مدخل المدينة، ولونها الأحمر الاستثنائي). وكان مطلوبا من أحد رؤساء مجالس الجماعة الذين تعاقبوا
على إدارة المدينة أن يُصدروا، في إطار سُلطاتهم في مجال الشرطة الإدارية
(المادتين 38 و 41 من الميثاق الجماعي على وجه التحديد[33])، قرارا يقضي بإلزام
الساكنة بالحي المذكور بالمحافظة على خصوصية المكان وعدم تعريضه للتشويه. في غياب
ذلك، صار الحي يتلون بكل الألوان غيراللون الأحمر!خسارة جديدة!
وحتى
مشروع السينما يبدو أنه يتعثر بين قرار الاقتناء وبداية الاستغلال؛ إذ أن
الترتيبات الإدارية لعملية الاقتناء لا تسير بالسلاسة المطلوبة. لقد كان من شأن
الشروع في تسريع عملية اقتناء واستغلال دار السينما فوراأن يصب في رصيد المجهود
الثقافي للمجلس ويعزز البنية الثقافية للمدينة. فرصة أخرى ضائعة على المجلس والمدينة
على السواء!
* *
*
جمالية
المدينة وأماكن الترفيه:
بعد
الزحف الكبير للزليج، هاهي المدينة تدخل عهد التصحر المزمن!
بقدر
ما تبدو هذه العبارة مبالغة بالقدر نفسه التي تبلغ قمتها في التعبير الكاريكاتوري
عن مدينة يفتقد مهندسوها ومدبروها تخطيطا بيئيا وحسا جمالياكافيين.
يتذكر كثيرون كيفأنه إلى عهد قريب كانت ساحة المسيرة مكسوة
بالخضرة، والآنصار البديل صحراء
رمادية إسمنتية.
ليس
في الأمر ما يدعو إلى إنكار الإنجاز المهم على صعيد ترصيف العديد من ساحات وشوارع
المدينة بالحجارة، بالزليجأو بالإسفلت؛هو تطور ملحوظ لا يمكن تجاهله. لكن ليس هناك
ما يدعو للقول أن جودة المنجَز بلغت درجة تبعث على الرضى: فبالإضافة إلى طبيعة
المواد المستعملة[34]،
ظل البعد البيئي، تحديدا، غائبا بشكل كبير.
في
وقت سابق، باشَر المكتب المسير عملية تشجير شارع ابن سينا في اتجاه شارع خالد بن
الوليد، بيد أن النتيجة
بقيت محدودة جدا، بسبب عدم بلوغ تلك العملية أهدافها؛ إذ لم تبلغ أغلب الأشجار
هناك الكِبر. لا يكفي التشجير لنقول «قمنا بشيء» بل المطلوب تحقيق
النتائج كاملة. فالغرض هو توسيع حجم الخضرة لا وضع الفسائل وتركها تتعرض للإهمال أو
التخريب. قد يبدو للوهلة الأولى أنه لا قدرة للمجلس في أن يراقب كل الناس -الأطفال
تحديدا- وهم يعيثون فسادا بتلك الفسائل الأمر الذي يحد من نموها، إلا أن تجارب
محلية مقارنة تبرز أن زرع أشجار بحجم
متوسط أمر ممكن وأكثر ضمانا لسلامة الفسائل على المدى الطويل. ثم، إن تسييجهابشكل أمتن،
في حالات أخرى، كفيل بتحقيق النتائج
المرجوة.
قبلحوالي
سنتين من الآن، أُجـِريت، داخل غابة المقاومة (الغابة الوحيدة التي تقع داخلالحدودالجغرافية
للمدينة)، عملية تشجيرٍ غيرَ مخططة وغيرَ مَحمية من المخاطر المحتملة على
العملية برمتها. إطلالةعلى المكان، الآن،
تُظهر الفشل الذريع للعملية. وهكذا، تشيخ الأشجار هناك ويقتلعها الريح
باستمراروبسهولة[35]،
ويستمر انجراف التربة بشكل مهول بفعل السيول الجارفة التي يزيد من قوتها فقر
التربة والانحدار الشديد لسطح الأرض. رويدا رويدا، تتحول الرئة الوحيدة للمدينة
إلى "كَرنفال" مستمر لتساقط الأشجار، انجراف التربة وتصحر الأرض.
ويمكن
القول بلا تردد، في ظل نمط التعاطي مع الموقع حتى الآن: لا مستقبل لغابة المقاومة!
يجري
كل هذا والمدينة تعرف وجود العشرات من الجمعيات المهتمة بالبيئة!هنا، لك أن تطرح أكثر من سؤال!
في
جانب آخر، يتم تخطيط التجزئات السكنية وتُشَيد البنايات والمرافق بلا تصور
لجماليات المكان ولا لحق قاطنيه في وسط يستجيب للحد الأدنى من الشروط البيئية
السليمة.المُنى، كُومَاندار، السينما نور، الكْتانية،حومة صحراوة، سيدي غريب،
حَكمات وغيرها من الأحياء، تَنبت ككتل إسمنتية، مجردة من
المناطق الخضراء، بله الخدمات. يتزايد التعمير بالمدينة بلا مراعاةللانسجام
والتكامل المطلوبينبين مكونات المجال الحضري: أحياء للنوم فقط، كوظيفة المقابر
بالنسبة للموتى!
وعلى
غرار المناطق الخضراء، تفتقر معظم الأحياء إلى أماكن للترفيه؛ لا تسَع الأرض، في
منطق المستثمرين العقاريين، لهكذا خدمات: كل شيء للتجزيء، كل شيء للبيع، كل شيء للسكن.
منطق يسعى إلى الربح لا يقابله منطق يحرص على تحقيق مصلحة الجماعة في أن يكون لها
أماكن للترفيه، للصغار بدرجة أساسية (تفتقر العديد من الأحياء إلى مساحات خاصة
بالرياضة وباللعب عموما).
على
نفس الصعيد، تتذكر الساكنة المعرض
السنويالذي كان يقام في الثمانينات بالملعب الكبير لكرة القدم، وهو مهرجان كبير للتسوق
والترفيه واللقاء. هذا المهرجان أصبح مجرد ذكرى تتناقلها العجائز!
ونشير
هنا أيضا إلى أن حرص السلطات المحلية بالمدينة على "تشطيب" الشوارع من
الباعة المتجولين، لا يقابله، وبنفس الإصرار، حرصها على تشطيب الأرصفة من كراسي
المقاهي وبضائع المحلات التي تزحف، في عشوائية، محتلة الملك العمومي [مقاهي ومحلات
بيع الأثاث والأحذية والملابس بشارع السينما نور- الزرقطوني، ومقاهي شارع ابن سينا،
مثلا]. خارج إطار القانون، وبدون وجه حق، وتحت أعين السلطات، وبعيدا عن أي مبادرة
للرقابة والردع، يتم انتهاك حقوق الغير بالتتابع: تحتل
المقاهي والمحلات الأرصفة، يحتل المارة الشوارع، وتحتل السيارات والدراجات النارية
الفضاء بصخب المنبهات، فيتعرقل السير ثم تنغمس المدينة فيفوضى مثيرة للشفقة وتلويث
بصري يبعث على الغثيان!
فيغيابالمجلس
الجماعي والسلطة المحلية تستمر الصورة على ما هي عليه! لكن تذكيرهم بمبدأ عام أساسي،
وهو ضرورة التعامل على قدم المساواة بين جميع المواطنين، أمر لا بد منه، خاصة وأن
الباعة المتجولون الذين تم طردهم من الشارع هم أكثر هشاشة بأضعاف مضاعفة من أولئك
الذين يستثمرون أموالهم في مقاهي يقدر رأسمالها بعشرات الملايين من
السنتيمات.
* *
*
في
التواصل والإعلام:
الملاحظ،
وهو أمر يثير الاعجاب، أن إدارة البلدية أكثر انفتاحا على الساكنة مما قد يفترض
البعض. وهي ميزة حميدة عز أن تجدها في إداراتنا العمومية. ربما يرجع الأمر بدرجة أساسية
لطبيعة شخصية الرئيس الذي يبدو أقل انشغالا بالطابع البروتوكولي للمنصب. وهي ميزة
تحسب له أيضا. والحق يُقال: إنها ميزة يشاركه فيها الكثير من أعضاء المجلس.
هناك
ستجد تقليدا طيبا، يجعل الإدارة أكثر إنصاتا للساكنة: يخصص الرئيس كل يوم أربعاء
لاستقبال الناس والإنصات إليهم وقضاء حاجاتهم، من فترة الدوام الصباحية إلى حدود
وقت العصر.وبدون أن يكلف نفسه التأنق في الكلام، يخاطبهم بلغته البسيطة، بالطبيعة.
لكن
يبدو أن حدود الاتصال والتواصل تقف عند هذا الحد. إذ يمكن تسجيل العديد من
الملاحظات على طبيعة النظام الاعلامي لإدارة البلدية.
ü
في سنة 2005، انطلقت تجربة إعلامية تحت إشراف الرئيس
السابق عبد الحميد بلفيل، تتمثل في صياغة منشور إعلامي يحمل اسم "المنبر الجماعي"[36].هذه التجربة توقفت، منذ
سنة 2010، في عهد الرئيس الحالي، فلا هي استأنفت ولا هي تبلورت في شكل جديد. صدر
من المنشور المذكور ثلاثة أعداد، غنية بالمعلومات ومحفزة على قيام تفاعل أكثر بين
الجماعة ومحيطها [ساكنة، مستثمرون، باحثون، إعلاميون].
ü
لعل من محاسن التوفر على منبر إعلامي للبلدية، تصويب
النقاش العام حول المكتب المسير وأداءه عموما. في غياب ذلك، نجد أنالرئيس وبعض
أعضاء المكتب المسير يشتكون، بمرارة كبيرة، من الاعلام المحلي، الذي، في نظرهم -
وهم على حق إلى حد كبير – لم يرى في يوم من الأيام الجزء المملوء من الكأس، وديدنه
الوحيد الأوحد: المطرقة والتحريف والتجريح. حتى أن بعضهم أشار بتفصيل إلى بعض
الصحفيين الذين جعلوا من العمل الصحفي التزييفي سبيلا للاسترزاق. كما أن بعض هؤلاء
الأعضاء يروا أن الإعلام السوداوي نَـفَّـر- ولا زال له نفس التأثير حتى اليوم-
العديد من المستثمرين: ففي ظل الاستنفار المستمر والتحريض الذي لا يتوقف، بعلم
وبلا علم، عن حسن نية وعن سوئها، لا يرى المستثمر قارئ تلك الصحف الخميسية غير أرض
مشحونة وملتهبة ومفتوحة على جميع الاحتمالات، بما فيها الاضطرابات. هذا مع العلم،
أن الاستقرار يمثلالنقطة الأولى في قائمة اهتمامات المستثمر وفي رؤيته المستقبلية.
وبالطبع، يمكن أن نتفهم
إلى حد كبير دفوعات أعضاء المجلس هذه في ظل استمرار ظواهر إعلامية تنزع
باستمرار إلى التطرف في الرأي أو إلى التقصير في الاستماع إلى الرأي والرأي الآخر
وتفضيل الكتابة المتسرعة المشحونة بكميات لا بأس بها من الجهل والرغبة في التجهيل
عبر آليتي التبسيط والتسطيح، أو إلى جعل صفحات الجرائد – الالكترونية وغير
الالكترونية – إلى مساحات لعرض مقالات تحت الطلب تحت عنوان
"الاستقلالية" الذي تسير المقالات تحته مائلة من فرط ثقل غياب الحياد
والقصد في الاساءةوأكل المال الحرام، حتى أن بعض هؤلاء الصحفيين ما عاد يتحرج من أخذ
المال من الأطراف المتصارعة في المدينة: يأخذ المال من هذا ومن نقيضه (عميل مزدوج
قذر إذا شأت التصريح لا التلميح)[37].
لا مخرج من هذا غير أن تنزع صحافة المدينة إلى احترام
قواعد العمل الصحفي وأخلاقية المهنة من جهة، ومن جهة اخرى أن تفتح البلدية أبوابها
على مصراعيها للصحفيين، عبر تزويدها بالمعطيات والحقائق، حتى يتسنى لهؤلاء رؤية
الجانب المملوء من الكأس بشكل أوضح؛ ففي ظل الانغلاق والتعتيم يكثر التأويل.
ü
وفي الوقت الذي نُسائل التجربةالاعلامية للبلدية، لنا أن
نستشكل، أيضا،الواقع المترديلأرشيف البلدية ومآله. افتقار البلدية للأرشيف يعني،
بالتبعية، تعرض جزء مهم من تاريخ المدينة للنسيان، واصطدام أي محاولة لتأريخه بعرض
الحائط. هذا ناهيك عن أهمية أرشيف التدبير بالنسبة لمستقبل التدبير ذاته: فالرهان،
اليوم، على المعلومة الإدارية أصبح كبيرا: لا تقييم بلا معلومة!
لعل ما يبعث على الخشية علىهذا الصعيد، هو انتقاد المجلس
الجهوي للحسابات إدارة البلدية على مستوى سوء مسكها لأرشيف الصفقات العمومية. إنه
مؤشر مقلق، ويدعو الجميع إلى ضرورة الحرص والعمل على تكوين أرشيف قابل للاستغلال
والاحتفاظ به وصيانته وفتحه للعموم.
وهنا يبرز دور جديد يمكن أن تؤديه الخزانة البلدية
للكتب: صيانة أرشيف المدينة التدبيري. فما معنى وجود خزانة بلدية إن لم تكن أولا
وقبل كل شيء في خدمة التطور الانمائي للمدينة وحفظ تاريخها.
ü
وفي الأخير، نذكر أن البلدية لا تتوفر حتى الآن على موقع
إعلامي إلكتروني أوعلى صفحة تواصل اجتماعي أو هما معا، بالشكل الذي يفتح نافذة
هواءٍ من وإلى البلدية[38]. وهذا أمر يبعث على الخجل
ويثير الاحساس بالشفقة اتجاه البلدية في نفس الآن:على صعيد المعركة الاعلامية،
يبدو أن مكتب المجلس المسير يحارب بلا سلاح!
* * *
على
سبيل الختم ..
ما
قيل ويُقال بشأن هذا الانحدار التراجيدي للمدينة على مستويات الكفاءات التدبيرية
وأداء الخدمات ودينامية الاقتصاد والإشعاع الثقافي، وتدبير المجال والتعمير، يمكن
قوله بخصوص مجالات أخرى كالرياضة، الصحة، والأمن وغيرها.
أحكي
هنا قصة، والعهدة على الراوي - فقد تكون صحيحة وقد تكون من نسج خيال هذا الأخير-
ولكنها بليغة على أي حال: في زيارتهم الأخيرةخلال السنة المالية الجارية (2013) لفحص واقع التدبير الإداري والمالي بالبلدية، بادر رئيس
المجلس إلى دعوة قضاة المجلس الجهوي للحسابات،قائلا:
-
مرحبا بكم، في
غداء مشترك.
رَد أولئك:
-
لا شكرا، السيد
الرئيس.فمصاريف طعامنا، ومهامنا عموما، مغَطاة من قبل ميزانية المجلس الجهوي
للحسابات.
السؤال
الذي يمكن طرحه هنا بشكل عام، وليس بالضرورة على رئيس البلدية،هو:متى يُدرك
المسؤولون عندنا أن البلد يجب أن يتقدم، وذلك بعيدا عن منطق «أجيونتْغْدَاوْ» أو
بعبارة أخرى: «أجيوْ "نَاكْـلُـو" جْميعْ»! وبعيداعن التدبير العشوائي والمتخلف للمصالح العامة؟
في
الواقع، إن المدينة في حاجة إلى أفكار جديدة قابلة للتطبيق لا إلى نيات طيبة تسرح
في متاهات التدبير الروتيني[39]!
المدينة
في حاجة إلى بنيات لاستقبال الاستثمار، لا إلى أموال توزع على سبيل الاستهلاك هنا
وهناك، ليس أولها ولا آخرها أموال الدعم المقدمة إلى الجمعيات في غياب نظام متابعة
حقيقية ولا حرص على تحقيق أهداف الدعم، بالإضافة إلى المبالغ الكبيرة التي أُنفقت
في تشييدمنشآت صارت أطلالا قبل بداية استغلالها!
إن
المدينة بحاجة إلى ثورة في منطق التدبير الذي يتعاطى مع الناس كبيادق في حملة
انتخابية قادمة!
في
تقرير آخر له، عدَّ المجلس الجهوي
للحسابات– الرباط - [40] مجموع التوصيات التي أوصى
بها المجلس الجماعي للخميسات من أجل تحسين تدبيره وتجاوز اختلالاته بـ 86 توصية؛
وقد كان هذا العدد هو الأكبر من بين التوصياتالتي وجهها لباقي الجماعات التي راقب
تسييرها خلال سنة 2008 [وهي الجماعات الحضرية التالية: سلا (73 توصية)، القنيطرة
(54)، الهرهورة (52)، الرماني (27)، سيدي علال التازي (26)، مولاي بوسلهام (26) وَ
حْد كورت (25)].
ليس
هذا بالمؤشر الذي يمكن على أساسه، لوحده،قياسمدى حسن أداء الجماعة الحضرية
للخميسات بالمقارنة مع الجماعات المذكورة، والحكم بالتالي على تدني مستوى أدائها
العام، ولكنه يبقى مؤشرا دالا على أي حال.
والملاحظ
كذلك أنه في نفس الوقت، لم تأتي الجماعة الحضرية للخميسات في الصدارة من حيث إنجاز
توصيات المجلس، إذ جاءت الجماعة الحضرية لِحْد كورت في الصدارة على هذا الصعيد[41].
في
تقديرهم لسوء التدبير الذي تعرفه المدينة، يُحمِّل الملاحظون
المسؤوليةللرؤساء والمكاتب المسيرة المتعاقبون، والآخرون لرجال السلطة المحلية(عمالورؤساء دوائر، ومرؤوسوهم)، لكن الواقع يقول أن العصر تجاوز معظم هؤلاء وأولئك؛ إذ
أن كل واحد منهم يصلح لأن يكون قطعة في متحف عرض أنماطالتدبير البدائي لمصالح
الناس، باعتباره "مستحاثة سياسية وتدبيرية" تُغري دارس المؤسسات التاريخية
بالبحث!
فباستثناء
بصيص النور الذي يطل في الأفق والمتمثل في أن المكتب الحالي المسير للبلدية بدأ يطرق
باب مكاتب الدراسات من أجل أن يُوجِد لنفسه أرضية معلوماتية لتشخيص الوضع ولصياغة
الرؤى، لا نجد في معظم التجارب السابقة، ما يدعو إلى القول بأننا أمام تجارب تنطلق
من أرضية معلوماتية كافية.
لكن
هناك ما يدعونا إلى القول بأن السابقون والحاليون، معا، تجمعهم نفس العناوين:
الانتظارية، ضعف المبادرة، البطء، سوء التسيير وضعف الانجاز، خاصة في المرحلة
الأخيرة من تاريخ المدينة.
ولامزايدة
في القول أن المكتب المسير الحالي يمثل تراجعا نسبيا على من قبله على مستوى التدبير.يُعلق
بعض الموظفين على هذا بالقول: "عندما يكون المكتب المسير (المنتخَبون) ضعيفا، ينزل الثقل،
بالمقابل، على الإدارة(الموظفون)، وهذا بالضبط هو الحاصل الآن!". ولهذا السبب
تحديدا تجد الموظفين بالبلدية، أو بعضهم على الأقل، يُفضلون عهد
"الديكتاتور"[42] (هكذا كانوا يُطلقون على
الرئيس السابق: عبد الحميد بلفيل) لأنه كان عهدا يضع عبأً أقل علىكاهل الإدارة وأكثر
أريحية لها من حيث العمل، لأن الرجل كان يتحمل مسؤوليته كاملة كرئيس منتخَب،وقد كانت
له الشجاعة–وهم يذكرون هذا بإعجاب - في قول «لا» لرجال السلطة المحلية أو لغيرهم
إذا اقتضى الأمر ذلك.
هذا
النقاش يدفع كاتب السطور إلى فتح قوس على مسألة تُتداول في المقاهي والنقاشات
الجانبية ولا تظهر على السطح: كثير من المهتمين، و من المثقفين – للأسف – لا زالوا يعزفون على
نغمة تنهل من نمط ثقافي أقل ما يمكن القول بشأنهأنهيبعث على الرثاء."هاداكْ
الرئيس من عْندنا، أُ هاداك لاَخْر مَاشِي مْن عْندْنا"، "خَاصْنَا نْتاخْبُوشِي
حْد مْن عْندْنا مَاشي البْرَّاني"!."البْرَّانِي
تَايْتْرْشَّح غِرْ بَاشْ يْضحَك عْلينا أُ باش يْشْفرنَا" وما
إلى ذلك من السَّرديات التي لا تُـبنى على أساس من علم أو تحقيق لما يجري. يكفي
هنا للرد على هكذا ترهات أن نتذكر
حقيقتين لا مجال لإنكارهما، باعتبار أن التحري الموضوعي والأرقام الإحصائية تدعمهما:
أولهما،
أن نشأة المدينة، ذاتها، تقف ورائها مساهمات بيوتات كبيرة مختلفة الأصل والانتماء.
نفتح كتابين[43]
حول الموضوع فنجد، أسماء عائلات وبيوتات من زمور والغرب وسوس ودكالة والصحراء وغيرها:
-
عائلة السيد عمر بن الأمين السلاوي ( ساهمت في عمارة
المدينة وتأسيس مجموعة من الخدمات وفي ميدان التربية والتعليم)،
-
عائلة السي عبد الله الحجام السوسي (ساهمت مساهمة فعالة
في عمارة المدينة)،
-
عائلة السيد محمد الصابونجي السلاوي (ساهمت في التجارة
في الحبوب، ثم في بيع مواد البناء)،
-
بيت السي محمد المفضل الشرقاوي الرباطي ( ساهم في
التجارة، ثم مواد البناء، وبيع الجرائد الوطنية)،
-
عائلة السيد عبد السلام الشتوكي الدكالي (التجارة)،
-
بيت المعلم صالح الصحراوي (الخدمات)،
-
بيت الحاج عبد العزيز برادة الفاسي (التجارة)،
-
بيت الفقيه السيد عبد السلام محمد الوزاني (الخدمات)، و
-
عائلة المكي الرحالي السرغيني (التجارة).
-
وآخرون.
وبالإضافة
إلى هؤلاء، نجد قائمة بأسماء لرجال ونساء من أصول غير الأصول الزمورية ممن ساهموا،
إلى جانب إخوتهم من المنطقة، في تأسيس وتنظيم المقاومة الوطنية، واعتقلوا وعذبوا
ونفوا واستشهدوا بسبب ذلك، ونذكر منهم: محمد بلميلودي التدلاوي[44]، محمد الصابونجي السلاوي،
محمد المفضل الرباطي (نُفي من الخميسات على أثر انتفاضة 22 اكتوبر 1937)، وآخرون
كثير.
ثانيهما،
أن هناك رَجل "ماشي من عندنا" (دْكَّالِي
الأصل) دخل مكتب رئاسة البلدية، فوجد صندوقها مثقلا بالديون، فحزم أمره وشد
الحزام، ودبر شؤون البلدية إلى أن جعل من صندوقها ينعم بالفائض. ولا مجال للتذكير
هنا بأن الذي "غمَّس" في الصندوق كان "من عْندنا" ( زموري الأصل)!. وكذلك إذا بحث من من يسميهم كاتب السطور بـ
"القَـبَلِيون الجدد"، سيجدون رجلا آخر "ماشي من
عندنا"(ريفي الأصل)، دخل مكتب الرئاسة، فما تجرأ أحد على اتهامه بالفساد أو
السرقة؛ لسبب بسيط وهو أنه، وإن كان لا يُحسن إدارة الأمور، لم يَثبُت أنه وضع يده
على صندوق المدينة، هذا في الوقت الذي يعرف الجميع ويتحدثون قائلين عن رئيس دخل
مكتب الرئاسة فتحول في طرفة عين، خلال ولايتين متتابعتين من رجل من الطبقة
المتوسطة إلى مستثمر عقاري مليونيرٍ لا يُشق له غبار، وكان هو أيضا "من عْندنا" !
كما نَذكر هنا أيضا أن رجلا "ماشي من عْندنا" خَلَّف في سنة مالية واحدة
(السنة المالية 2004) فائضا يقدر بـحوالي ,1710.661.036 درهما[45]، أي ما يعادل حوالي ضِعف
مبلغ القروض التي حصل عليها المجلس السابق عندما كان يُديره واحدا "مْنْعْنْدْنا"،(قُدِّر مبلغ هذه القروض بـ 5600300 درهم خلال السنة المالية 2003)،
هذا بالإضافة إلى مستحقات أخرى بقيت عالقة في ذمة البلديةلفائدة الغير (خواص ومستثمرون)[46]، تُقدر بأزيد من مليار سنتيم، كلها من تركة
"دْيَاوْلْنا"!
لا
شك أننا مع هكذا نقاشات تحريفية؛ تترك الجواهر وتُهرِّب
عملية تحليلالمواضيع إلى القشور؛ندفع بنقاشاتنا إلى الدرك الأسفل من مستويات
التفكير عبر طرح الأسئلة المغشوشة.
ما
هي المؤهلات الواجب توفرها في كل من يباشر إدارة شؤون المدينة؟ هذا سؤال جدي بعيد
عن كل عصبية سخيفة.
ما
هي النتائج المطلوب تحقيقها من قِبل من سيشرف على تدبير صندوق وقرار المدينة؟ هذا سؤال
آخر، يخرجنا من شرنقة تصنيف الناس استنادا على أصولهم.
نغلق
القوس على هذا الموضوع الفرعي العرضي، وننتقل إلى مستوى تحليلي آخر. عبر طرح أسئلة
أخرى جدية على من يدبرون الأمور اليوم في المدينة.
هنا،
أدعوكم إلى الدخول في هذه اللعبة التخييلية: لنفترض أننا نقدم الأسئلة التالية بين
يدي أحد هؤلاء المسؤولين، انطلاقا من عامل الإقليم إلى رئيس البلدية، مرورا بأغلب
أعضاء المجلس والباشا والقياد الممتازون وغيرهم:
·
ما هي أهدافكم الاستراتيجية والعملياتية؟
·
ماهي مؤشراتكم لقياس فاعلية وفعالية أداء إداراتكم؟
·
كيف تُعبئون موظفي وأعوان إداراتكم خدمة للأهداف المحددة؟
·
ما هي الأنظمة المعلوماتية التي تعملون بها؟
·
كم هي تقارير النجاعة التي صاغتها إداراتكم وعرَضَتها
على الرأي العام المحلي والوطني؟
·
...
سيتم
الاكتفاء بهذه الأسئلة، للعلم اليقيني المسبق أن الإجابات عنها ستكون عبارة عن
أصفار إلى جانب أصفار أخرى!
هذه
الأسئلة اليوم تُـنظم المعارف في مجال علوم التدبير ولا يُـتصور قيام تدبير يستجيب
لإكراهات تدبير المدينة ولإكراهات العصر بدونها، ومع ذلك تبقى بعيدة كل البعد عن
اهتمام المترامين على مناصب المسؤولية على حساب تطلعات المغاربة والساكنة المحلية!
قبل
حوالي سنة من الآن، زارني صديق، آتيا من مدينة مغربية؛معروفة بنظافتها وبالانتعاش النسبي
للاستثمار فيها وببُعدها الجمالي الذي تُضفي عليه نكهة الحي التاريخي وكذا المناطق
الخضراء الموزعة في أكثر من زاوية،جمالا على جمال. أطلقنا أرجلنا للريح من شارع
إلى شارع، ومن زقاق إلى آخر. وفي الأثناء، التفَت نحوي وصرَّح بما لا يحتمل أي
تأويل آخر: "مدينتكم هذه لا يُجْديها لا الإصلاح ولا الترميم، هي تحتاج إلى
أن تُـقصف من عل، ثم يُعاد تشييدهاانطلاقا من الأساسات!". في اليوم الثاني،
حمَل حقائبه وغادر!
هنا،
في الخميسات، يدير شؤون المدينة مجلس بلدي في إطار جماعة حضرية، وهنا عاصمة
الإقليم ومقر عمالته، وهنا المصالح الخارجية للإدارات المركزية[48] وهنا أيضا، وبصورة ملحوظة،
خيبات الأمل الكبرى المتكررة والمستمرة!
عندما اندلع العنف المتبادل في أكثر من مدينة
مغربية بين بعض الشباب المتظاهر وقوى الأمن، انطلاقا من فبراير 2011، كان القاسم
المشترك بين هذه المدن هو الفقر وتفشي مظاهر الهشاشة الاجتماعية في العديد من
أحيائها (الحسيمة، مراكش، سلا، تازة، ...). وقد كانت مدينة الخميسات واحدة من هذه
المدن، ولكن يبدو أن المسؤولون هنا لا يلتفتون إلى هذه المؤشرات؛ فهم ينظرون إليها،
باستمرار، بعينين لا ثالث لهما: واحدة تُشَخص بمقاربةٍ
أمنية، والثانية تضع مآلات الأمور تحت عنوان مُطَمئنٍ، لكن خادع: موجةٌ عابرة!
بالتأكيد، هؤلاء سُذج إلى حد كبير؛ فالموجة إذ تختفي
لا يعني، بالضروة، أنها تموت.فهم حتى الآن لم يَشهدوا سوى موجات صغيرة، وأما
الكبيرة التي ابعدوا احتمالها – واحتمالها قائم - لن يَقدروا على تحمل تكاليفها، بل
الأخطرأنهم لن يستطيعوا تقدير توقيتها. وقد شهدنا أكثر من مناسبة كيف أن الأمور
كادت تخرج عن السيطرة، ليس آخرها ذلك المشهد أمام مقر الشرطة الإقليمي نفسه في 24
فبراير من سنة 2011؛ حيث تَجمَّع شباب، بعضهم في غير وعيه وبعضهم يخفي رغبة كبيرة
في التدمير والعنف. ولولا "تْـزَاويݣْ" رجال الأمن ساعتئذ لحصل ما لا يُحمد عقباه!
لا
يهم، في المستقبل، من سيتربع على عرش المجلس البلدي المقبل، ولا يهم من يكونون
رجال السلطة المحلية الذين سيتعاقبون على المساهمة في إدارة شؤون المدينة، لكن
الذي يهم هو أن تختار الأحزاب، على رأس لوائحها الانتخابية المقبلة، من جهة،
والدولة، من جهة أخرى، رجالا ونساء ذوو عقول استراتيجية يستطيعون خرم المجهول
وصياغة الرؤى، يملكون منطقا حكيما في التدبير وقابلية للإنصات لاحتياجات المدينة
ولسكانها ولمتطلبات العصر ولرياح التغيير الرابضة في كل وقت وحين، و يتميزون برغبة
في الاستفادة من التجارب المقارنة الناجحة والأفكار الجيدة والخبرات المتوفرة عبر
مقاربات تجمع أصحاب القرار والتدبير وأصحاب الخبرة الأكاديمية والتقنية وأصحاب
المبادرة في المجتمع المدني والقطاع الخاص.
[1]- جرت المقابلة المذكور
في مكتب الرئيس، بتاريخ 15 ماي 2013. وحضر الجلسة أيضا بعض نوابه والكاتب العام
للبلدية.
وأعتقد أن النواب الحاضرون هم: النائب الأول
إسماعيل مشعر، النائب الثامن سعيد الخلفي،
النائب السادس عبد العزيز صديقي (التحق في الدقائق الأخيرة)، ونائبين آخرين
(كان أحدهما هو رئيس لجنة التنمية البشريةوالشؤون الاجتماعية والرياضية – خالد
البروزين) ظلا جالسين رأسا إلى رأس في الطرف الآخر من المكتب مستلقيان على أريكة.
بحيث علَّق أحدهما، وهو يوجه الكلام لي، على دعوة الكاتب العام لهما بالمشاركة في
النقاش على اعتبار أن الأمر يعنيهم بالدرجة الأولى كمنتخَبَين: «الكاتب العام في
الكافية، ونحن نرجع إليه باستمرار، خاصة في الأمور القانونية». وهكذا، حسم هذا
النائب أمره، ولم يلتحق بالمقابلة هو وجَليسه. فعلى ما يبدو لا مشكل لدى هذا
النائب الذي أجهل اسمه، حتى الآن، في أن يتحدث غيره نيابة عنه وعن مَن انتخبوه ليمثلهم
هو !!!
على مستوى الصورة: باستثناء بعض الكراسي
وأريكة وثيرة وشاشة تلفاز مسطحة كبيرة الحجم، يبدو مكتب رئيس المجلس البلدي
متواضعا وبسيطا. واقع يتناسب مع بساطة دينامية الحياة السوسيواقتصادية للمدينة.
رحم الله من عرف قدره؛ فالتقشف الاداري في هذه الجماعة الفقيرة يمثل أولى
الأولويات. وهذا هو الامتحان الأول لأي رئيس أو مسؤول عمومي بشكل عام. ويبدو أن
هذا الرئيس تجاوزه بنجاح.
[2]- هي مناسبة لأن أتوجه
بالشكر الكبير إلى كل من خصني ببعض وقته وببعض المعلومات التي يتوفر عليها ويستطيع
تقديمها. وهي مناسبة أيضا لأتوجه بدعوة إلى بعض هؤلاء وغيرهم من المتتبعين لتطور
المدينة، سواء عبر المشاركة أم الملاحظة أو هما معا، بأن يبادروا إلى توثيق
متابعاتهم تلك كما يرونها اليوم. فما أعتقده وأقوله دائما، هو أن الجماعة البشرية
التي لا توثق حاضرها لن تستطيع، لاحقا، كتابة تاريخها!
[3]. نشر بموقع الحوار
المتمدن على الرابط: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=304782 . وهو مقال نشره أيضا
موقع الخميسات سيتي (لم يتسنى العثور على رابطه الإلكتروني).
[4]- بالطبع تحتاج هذه التقسيمات
إلى المزيد من التدقيق والدعم بالمعطيات الكافية. لذا يؤكد كاتب السطور ان الأمر
لا يعدو أن يكون مجرد محاولة مؤقتة لوضع مرتكزات للتقييم والتتبع في انتظار تقديم
دراسات أشمل في الموضوع، خاصة أن الموضوع يغري بالبحث. ولا يُخفي الكاتب أنه بدأ
يُفكر جديا في كتابة جزء من التاريخ التدبيري لهذه المدينة وإخراجه في مؤلف مطبوع.
[5]- بالتأكيد يشهد أغلب
المتتبعون بأن وصول رئيس المنطقة الأمنية لإقليم الخميسات الجديد «محمد الوليدي» انعكس، نسبيا،
بالإيجاب على واقع الأمن بالمدينة. وهو ما أكدته نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه
موقع الخميسات سيتي الالكتروني، على مدى أسبوع كامل (أنظر بهذا الخصوص المقال: «محمد الوليدي
شخصية سنة 2012 بالخميسات»، توقيع موقع الخميسات سيتي الإلكتروني، على الرابط: http://khemissetcity.net/2013/01/4734/) . وقد خلف الرجل مسؤول الأمن السابق الغريب
الأطوار «أحمد طوان»، الذي كان لا يتردد في سب وتهديد وضرب الناس
في الشارع العام، والذي وصل تذمر الساكنة منه مستوى غير مسبوق. وفي أيام عمله
الأخيرة التي سبقت قرار إنهاء مهامه، شهدت علاقته بعامل الإقليم توترا طفت بعض فصوله
وحيثياته على صفحات الجرائد المحلية.
[6]- وزير خارجية سابق.
[7]- وبالطبع يمكن إحداث
ربط بين رد الفعل اليائس هذا وتوصيف المرحلة الثالثة بمرحلة الانحدار واليأس.
[8]- مرة أخرى، نكون أمام
ثقافة الآداب السلطانية: من يريد لقاء "عالي المقام"، فالمسطرة واضحة
ثابتة صارمة: تبليغ "الحاجب" أولا، وانتظار موافقة وعطف "عالي
المقام" ثانيا!
[9]- لا تخفى أهمية المخطط
في تقديم رؤية حول استراتيجية التنمية الممكن العمل على هُداها؛ فهو يحدد الأهداف
التنموية العامة، محاور التدخل الأساسية، أولويات التدخل، نقاط القوة والضعف
والشركاء المحتملون وغيرها من المحددات الجوهرية للتدخل العمومي. ولهذا السبب عَهد
الميثاق الجماعي، بمقتضى المادة 36 منه، إلى المجلس اخصاص وضعه.
[10]- تقرير المجلس الأعلى
للحسابات لسنة 2008، الجريدة الرسمية عدد 5823 مكرر، 22 مارس 2010،ص: 1794.
[11]- وبالتالي فهي لا تُدر سوى موارد محدودة في
صندوق الجماعة، خاصة في ظل استمرار التهرب الضريبي وإعلان النتائج الصفرية
والسلبية من قبل بعض المقولات الصغيرة، وضعف كفاءة نظام المراقبة الضريبية.
[12]- بتاريخ 13- 05- 2013،
توجهت إلى كتابة الضبط بالبلدية لأودع طلبا بإجراء مقابلة مع رئيسها، فاقترحت موظفة بالكتابة: «ماذا لو أُحيلك على الكاتب العام؟ فمعه ستستفيد أكثر». اقتراح يبطن الكثير!
[13]- بدأت الشركة الجديدة
لتدبير النفايات الصلبة، واسمها S.O.S، الخدمة قُـبيل الانتخابات
التشريعية لسنة 2011.
[14]- على الرغم من التحديد
المسبق للشوارع والأزقة التي ستنفذ بها الأشغال، يلاحظ استمرار بعض الممارسات من
قبل المجلس البلدي التي لا تنضبط لهذا التحديد؛ وذلك لاعتبارات قد لا تكون بعيدة
عن الاعتبار الانتخابي وضرورات الاحتفاظ بمناطق النفوذ.
ويمكن ذكر هنا أيضا أن تنفيذ مشاريع التهيئة
هذه جاءت قبيل رواج الحديث، في مختلف منابر الإعلام الوطنية، عن قرب الانتخابات
البلدية.
وفي الوقع، غن هذا النوع من الممارسات مدان
من قبل المجلس الأعلى للحسابات؛ إذ تم رصدها في الصفقة الخاصة بتهيئة طرق المدينة
(الشطر الثالث وذلك عندما لم يتم التحديد المسبق للأزقة التي تشكل موضوع تنفيذ هذه
الصفقة.
[15]- يقدر مبلغ مجموع هذه
المشاريع بحوالي 44.7 مليون درهم.
[16]- وقد رصد المجلس
الجهوي في تقريره لسنة 2008، ضعف تثمين الموارد البشرية بالبلدية وأكد انه خلال العشر سنوات الأخيرة، يُسجل على
البلدية غياب سياسة واضحة في مجال التوظيف، وعدم استقرار المصالح الجماعية
والتعاقب السريع على مسؤوليتها.
[18]- كُـلفت سيدة من قبل
المجلس البلدي كمديرة لإدارة الملعب. وأثناء معاينة المجلس الجهوي لهذا المرفق وجد أنها تمثل
مجرد واجهة تخفي وجود أيْد أخرى هي التي تقوم بمهمة إدارة الملعب فعليا خارج إطار
القانون!
[19]- المقصود في هذا
التقرير هو الرئيس الأسبق.
[20]- تقرير المجلس لسنة
2008، ج.ر. ع. 5823 مكرر، ص ص: 1803-1804
[21]- رصد المجلس الأعلى
للحسابات مناسبات أخرى يتم فيها إدارة المال العام بشكل سيء يضر بالمصلحة ، ومنها:
* التباطئ والتقصير في تحصيل بعض الموارد
العمومية (مثلا السومات الكرائية للعديد من المحلات التي في ملكية البلدية).
* اداء نفقات زائدة، قدرت في الصفقة رقم 27/2005 بـ 93922 درهم.
* أداء نفقات زائدة مبلغها 150840 درهم في
الصفقة رقم 2/2006.
أنظر ن.م.
ص: 1799.
[22]- أثناء كتابة هذه
السطور كان التصميم المذكور في طور النشر للعموم لإبداء ملاحظاته وتظلماته بشأنه.
وأيا كانت المرحلة التي وصل إليها إعداده، لا يمكن بأي حال تبرير التأخر الكبير
الحاصل بخصوص هذا الإعداد. لأن الانعكاسات السلبية التي نتجت عن هذا التأخير لا
يمكن حصرها، والتي سترهن مستقبل المدينة بعد عشرات السنين. لن اللتعمير، سواء كان
منظما أو عشوائيا، له ذاكرة، يحفظ منها الكثير من أجل المستقبل !
[23]- تقرير المجلس لسنة
2008، م.س. ص: 1805. والخوف كل الخوف، اليوم، من أن يدخل مشروع المجلس الحالي نفس
هذا النفق. النقاش العام بخصوصه ضروري وحيوي ومطلوب، لكن تضييع الانعكاسات
الإيجابية المحتملة مستقبلا على المدينة في ظل وجوده أمر لا يمكن قبوله ولا تبريره
بأي حال.
[25]- اذكر هنا أيضا أن مدير مركز خدمات الشباب بحي السلام (وهو
مركز تابع لوزارة الشبيبة والرياضة) يقتني بين الفينة والأخرى بعض النسخ للكتاب
المحليين دعما لهم وإغناء لرصيد المدينة الثقافي. وهي مبادرة حميدة يجب أن تعمم
وتتمأسس في نفس الوقت.
[26]- في الواقع قد تطول
القائمة إذا شرعنا في عرض الأسماء، لذا نذكر بعضهم: عبد الكريم برشيد، رحمة
بورقية، محمد الراشق، وآخرون.
[27]- يمكن قراءة المزيد
حول هذا التخبط في التقرير المعنون بـ: الملحقة الجهوية للثقافة بالخميسات خارج
أجندة الوزارة، لِجمال أوجدو، 25 فبراير 2013، على موقع الخميسات سيتي، في الرابط: http://khemissetcity.net/2013/02/5514/
[28]- من قبيل المدن
القديمة والقصور السلطانية والأسوار والمدارس التاريخية وغيرها.
[29]- فقد زار المدينة محمد
الخامس، علال الفاسي والمهدي بن بركة، وألقوا خطابات من على منصة ساحة «الكورس»، حيث كانت تقام مهرجانات سباق الخيل
والتبوريدة (منطقة «حي السلام» حاليا).
[30]- في هذا الحي ونواحيه
توجد المعالم التاريخية التالية: مقهى وفندق بوليلاين (أوائل عشرينات القرن
الماضي)، ثانوية موسى ابن نصير (1926)، المسجد العتيق (1935)، القيسارية القديمة
(أوائل ثلاثينيات القرن الماضي)، الزاوية التيجانية (أوائل ثلاثينيات القرن
العشرين)، دكان بوبية للمواد الغذائية (أول هري من هذا النوع في تاريخ المدينة)،
الكنيسة، مدرسة الأطلس الحرة وغيرها من المعالم.
[31]- قبل حوالي سنة أو
أكثر تم هدم واحد من أهم معالم المدينة، وهي دار «القايد علال» الذي سمي الحي
باسمه. ولا أظن أننا نتوفر الآن، في الحد الأدنى، على صورة لهذا البيت الذي شكل
نواة السلطة المحلية في المراحل الأولى لنشأة المدينة.
[32]- ربما يجهل رئيس المجلس البلدي، وأعضاء
المجلس عموما، والسلطات المحلية أن العديد من الفتيات والسيدات تعرضن للسرقة أو
التهجم في طريقهن من و إلى المكتبة. كما أن العديد منهن توقفن عن التوجه إليها خيفة على ممتلكاتهن
وأعراضهن.
[33]- تدعو المادتين
المذكورتين رئيس المجلس إلى السهر على المحافظة على الخصوصيات الهندسية المحلية
وإنعاشها، والمحافظة على خصوصيات التراث الثقافي المحلي.
[34]- لقد أشار المجلس الجهوي للحسابات إلى تبديل أحد المجالس السابقة
مواصفات بعض الصفقات المرتبطة بالموضوع (مثلا الصفقة رقم 27-2005، فيما يتعلق
بالشطر الأول من تهيئة طرق مدينة الخميسات. تقرير
المجلس لسنة 2008، م.س. ص: 1797
[35]- في شتاء سنة 2012، تم
إحصاء ما يربو عن 30 شجرة تم اجتثاثها من تحت الأرض في ليلة واحدة بفعل الريح
الشديدة.
[36]- من بين الفقرات التي
كان يضمها هذا المنشور، نجد: الحصيلة والآفاق، مدينة الخميسات في أرقام، البنيات
الفوقية للمدينة (مرافق وما إلى ذلك)، الاتفاقيات الموقعة، ملخصات لمقررات المجلس
البلدي، حوارات مع رؤساء المجالس، وغيرها من الفقرات الهامة.
وهناك ملاحظة - أضعها في صيغة سؤال- تحتاج
أيضا إلى التدقيق: لماذا كان إصدار هذا المنشور يتم، فقط، في بدايات انتخاب هذا
المجلس أو ذاك؟!!
[38]- وذلك على غرار
المبادرة التي قام بها بعض موظفي الخزانة البلدية للخميسات؛ حيث أحدثوا صفحة على
الفايسبوك تحمل اسم "الخزانة البلدية للكتب الخميسات". وهي مبادرة تحتاج
إلى أن تدعم بمبادرة ثانية متمثلة في وضع لائحة إلكترونية لجميع الكتب المتوفرة في
المكتبة وعرضها كقاعدة معطيات للاستعمال العام.
[39]- يمكن القول أن واحدة
من أهم الثغرات التي يعرفها النموذج التنموي الذي تعمل وفقه المكاتب المتعاقبة على
تدبير المدينة تكمن في حصر الاهتمام في ما يسمى الاحتياجات الأساسية (الماء الشروب، الطرقات، النظافة، الكهرباء، ...).
كتبرير لهذا التوجه المعيب، تقول المكاتب المسيرة: قلة الموارد!
[40]- تقرير المجلس الأعلى
للحسابات لسنة 2010، ص: 594.
[41]- بعد حوالي سنتين على
إصدار التوصيات المذكورة، عرض المجلس الإحصاءات التالية بخصوص بلدية الخميسات:
* عدد التوصيات المنجزة: 41 * عدد التوصيات قيد الإنجاز: 34 * عدد التوصيات الباقي دون إنجاز: 11.
أنظر ن.م. ص ص: 594-595.
[42]- بالتأكيد إن عبارة "الدكتاتور"
عندما يطلقها موظفو الإدارات العمومية، المعروفون بإيثار التراخي والكسل، على
رئيسهم الأعلى قد تستبطن أكثر من معنى، كـ
"الحازم"، "الذي لا يحب التهاون"، وما إلى ذلك من المعاني
التي تحيل على نقيض المعنى الظاهر.
[43]- مولود عشاق،
موجز إلى تاريخ مدينة الخميسات (1911 –
1956)، الجزء 1، دار أبي رقراق، د.ت، الصفحات من 42 إلى 44، و أحمد بوبية ....
الصفحات من: 621 إلى 627.
[44]- أنظر موجز من مسيرة
الرجل في العمل المقاوم في: مولود عشاق، م.س. ص ص: 43-44.
[48]- يمكن ذكر على سبيل المثال: مندوبيات وزارات
التعليم، الصحة، الفلاحة، المياه والغابات، التشغيل والإسكان، وغيرها. وإلى جانبها
مجموعة من الوكالات والإدارات وفروع المؤسسات العمومية. انظر بتفصيل هذه المرافق
العمومية في: «أهم المرافق المتمركزة في مدينة الخميسات»، المنبر الجماعي، العدد 1، فبراير 2005، ص:
13.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق