فؤاد
بلحسن
متى تنتهي بكائيات بعض المغاربة وبعض الفايسبوكيين عن سكان
القرى الذين يعانون البرد والمرض والجوع والحصار و ... والموت في فصل الشتاء؟
لو كان هؤلاء في مجتمع يحترم الإنسان لحُل المشكل من قبل بعض
المبادرين، و بلا دموع لا تُغني ولا تُسمن من جوع (مع احترامي طبعا لمشاعر أولئك
الذين تهزهم مشاهدة تلك المعاناة (أنفكو، إميضر وغيرهما) فيبادرون لتقديم القليل، بدءا
بالأقارب والجيران والمحتاجين عموما، عند عجزهم عن تقديم الكثير. شتان بين هؤلاء
الذين يستحقون الاحترام وبين أولئك المتباكين لغرض البكاء وربما ليعرضوا إنسانيتهم
في سوق الإعلانات الفايسبوكية !).
فبداية الحل يكون بالعمل الجاد لوقف النزيف المستمر. فحتلى في فلسطين، حيث مواجهَة
عدو غاصب ووحشي وقاتل، لا تكتفي الناس بالدموع بل تُجهز نفسها لمقاومته ورد عدوانه
وحصاره، بحفر الخنادق والأنفاق وتهريب السلاح
وصنعه وزراعة الأرض وإنعاش الاقتصاد. وجهة نظري، تتلخص في التالي: انتهى الزمن
الذي نُحمل فيه المسؤولية للدولة ونكتفي بذلك، فهذا أمر أصبح أوضح من نار على علم،
اليوم المسؤولية بات يتحملها المجتمع المدني بدرجة لا تقل أهمية، وخاصة ذاك الذي
على مقربة من تلك القرى والمراكز الحضرية الصغيرة المهمشة. فهو الذي أبدى عجزا
ومحدودية في بلورة بدائل جديدة وانخرط هو الآخر في مسلسل البكائيات وسَب الدولة ليغطي
عجزه ومخاتلاته وربما استغلاله العفن لتلك الأوضاع بقصد جمع المال أو لأغراض
إشعاعية لا غير. فللذين ينتظرون من الدولة حلا أقول: هل فقدتم ذاكراتكم أم ماذا؟
إلى متى ستنتظرون الدولة؟ أنسيتم أنكم تباكيتم السنة الماضية أيضا وتلك التي ما
قبلها وهكذا بلا طائل؟ كم سينتظر هؤلاء الضحايا والمستضعفين لتَـرى الدولة بكائيات
المجتمع المدني والفايسبوكيين، وهي التي لم تلتفت حتى لدموع الضحايا أنفسهم ولم
تبادر إلى استباق المحن السنوية التي تنزل عليهم دوريا لتدمر كيانهم وتتركهم
معلقين بين الحياة والموت؟
المطلوب أن ينكب على هذا الملف بعض المهندسين الغيورين على
هذا الشعب (واحد في البيئة، وآخر في المعمار وثالث في الطاقة) وخبير اقتصادي وآخر
سوسيولوجي و لينضم إليهم متخصص في صياغة المشاريع والتشبيك الجمعوي (يستحسن أن يكونوا
عارفين بتلك المناطق). ولينطلقوا من فكرة مفادها ليس فك العزلة وإنما تحقيق اكتفاء
ذاتي للمناطق حيث الحرمان والعجز والحاجة والموت البطيء للحلم وتجميد الارادة
البشرية. نعم، يجب الانطلاق من فكرة جعل تلك المناطق تكتفي معيشيا وخدماتيا. وعلى
ضوء ذلك يَصيغوا مشروعا إنمائيا لتلك المناطق، ثم يعملوا على نشر فحوى مشروعهم على
الهيئات المدنية والمقاولاتية ذات الحس الوطني والغيورة على هذا الشعب المُستضعف.
وليختاروا منها من يبدي استعدادا لحشد الدعم و الاستثمار.
ولنا في بعض التجارب دروسا وعبر. يحكي لي صديق من تافراوت
كيف أن تضافر جهود الناس – فقراء وميسورين – في العديد من القرى هناك أدى إلى
إنجاح العديد من المبادرات التي مهدت الطريق لإنجازات أخرى مهمة. فقد نجحت هذه
المبادرات في تشييد طرق ممتدة إلى أزيد من 15 كيلومترا وربطت تلك القرى بالعديد من
المواقع الحضرية والخدماتية المجاورة؛ وبالتالي فتح الباب لدخول حاجيات وخدمات
جديدة، ومنها تحسين أدوات البناء المستعملة وحماية المقيمين بها من قساوة الطقس
ومخاطره وانفتاح الناس على الخارج. ويذكر لي نفس الصديق أن الواقع الجغرافي بتلك
القرى أكثر صعوبة مما عليه الحال في إميضر وأنفكو وبالرغم من ذلك أُنجزت نجاحات
كبيرة تستدعي التنويه والإعجاب، بل والدعاية لها وللشباب والرجال الذين ساهموا
بإراداتهم وسواعدهم وبعض من أموالهم.
هكذا مبادرات هي الكفيلة بفك الحصار المضروب على أبناء
شعبنا.
لا بديل حتى الآن عن هذا الحل الذي ينطلق من المجتمع نفسه
وبعقلية تنموية وبلا إنتظارية قاتلة، فمن ينتظر تحرك الدولة يمت هَـما، قبل موته
بردا !
متى تنتهي بكائيات بعض المغاربة وبعض الفايسبوكيين عن سكان
القرى الذين يعانون البرد والمرض والجوع والحصار و ... والموت في فصل الشتاء؟
لو كان هؤلاء في مجتمع يحترم الإنسان لحُل المشكل من قبل بعض
المبادرين، و بلا دموع لا تُغني ولا تُسمن من جوع (مع احترامي طبعا لمشاعر أولئك
الذين تهزهم مشاهدة تلك المعاناة (أنفكو، إميضر وغيرهما) فيبادرون لتقديم القليل، بدءا
بالأقارب والجيران والمحتاجين عموما، عند عجزهم عن تقديم الكثير. شتان بين هؤلاء
الذين يستحقون الاحترام وبين أولئك المتباكين لغرض البكاء وربما ليعرضوا إنسانيتهم
في سوق الإعلانات الفايسبوكية !).
فبداية الحل يكون بالعمل الجاد لوقف النزيف المستمر. فحتلى في فلسطين، حيث مواجهَة
عدو غاصب ووحشي وقاتل، لا تكتفي الناس بالدموع بل تُجهز نفسها لمقاومته ورد عدوانه
وحصاره، بحفر الخنادق والأنفاق وتهريب السلاح
وصنعه وزراعة الأرض وإنعاش الاقتصاد. وجهة نظري، تتلخص في التالي: انتهى الزمن
الذي نُحمل فيه المسؤولية للدولة ونكتفي بذلك، فهذا أمر أصبح أوضح من نار على علم،
اليوم المسؤولية بات يتحملها المجتمع المدني بدرجة لا تقل أهمية، وخاصة ذاك الذي
على مقربة من تلك القرى والمراكز الحضرية الصغيرة المهمشة. فهو الذي أبدى عجزا
ومحدودية في بلورة بدائل جديدة وانخرط هو الآخر في مسلسل البكائيات وسَب الدولة ليغطي
عجزه ومخاتلاته وربما استغلاله العفن لتلك الأوضاع بقصد جمع المال أو لأغراض
إشعاعية لا غير. فللذين ينتظرون من الدولة حلا أقول: هل فقدتم ذاكراتكم أم ماذا؟
إلى متى ستنتظرون الدولة؟ أنسيتم أنكم تباكيتم السنة الماضية أيضا وتلك التي ما
قبلها وهكذا بلا طائل؟ كم سينتظر هؤلاء الضحايا والمستضعفين لتَـرى الدولة بكائيات
المجتمع المدني والفايسبوكيين، وهي التي لم تلتفت حتى لدموع الضحايا أنفسهم ولم
تبادر إلى استباق المحن السنوية التي تنزل عليهم دوريا لتدمر كيانهم وتتركهم
معلقين بين الحياة والموت؟
المطلوب أن ينكب على هذا الملف بعض المهندسين الغيورين على
هذا الشعب (واحد في البيئة، وآخر في المعمار وثالث في الطاقة) وخبير اقتصادي وآخر
سوسيولوجي و لينضم إليهم متخصص في صياغة المشاريع والتشبيك الجمعوي (يستحسن أن يكونوا
عارفين بتلك المناطق). ولينطلقوا من فكرة مفادها ليس فك العزلة وإنما تحقيق اكتفاء
ذاتي للمناطق حيث الحرمان والعجز والحاجة والموت البطيء للحلم وتجميد الارادة
البشرية. نعم، يجب الانطلاق من فكرة جعل تلك المناطق تكتفي معيشيا وخدماتيا. وعلى
ضوء ذلك يَصيغوا مشروعا إنمائيا لتلك المناطق، ثم يعملوا على نشر فحوى مشروعهم على
الهيئات المدنية والمقاولاتية ذات الحس الوطني والغيورة على هذا الشعب المُستضعف.
وليختاروا منها من يبدي استعدادا لحشد الدعم و الاستثمار.
ولنا في بعض التجارب دروسا وعبر. يحكي لي صديق من تافراوت
كيف أن تضافر جهود الناس – فقراء وميسورين – في العديد من القرى هناك أدى إلى
إنجاح العديد من المبادرات التي مهدت الطريق لإنجازات أخرى مهمة. فقد نجحت هذه
المبادرات في تشييد طرق ممتدة إلى أزيد من 15 كيلومترا وربطت تلك القرى بالعديد من
المواقع الحضرية والخدماتية المجاورة؛ وبالتالي فتح الباب لدخول حاجيات وخدمات
جديدة، ومنها تحسين أدوات البناء المستعملة وحماية المقيمين بها من قساوة الطقس
ومخاطره وانفتاح الناس على الخارج. ويذكر لي نفس الصديق أن الواقع الجغرافي بتلك
القرى أكثر صعوبة مما عليه الحال في إميضر وأنفكو وبالرغم من ذلك أُنجزت نجاحات
كبيرة تستدعي التنويه والإعجاب، بل والدعاية لها وللشباب والرجال الذين ساهموا
بإراداتهم وسواعدهم وبعض من أموالهم.
هكذا مبادرات هي الكفيلة بفك الحصار المضروب على أبناء
شعبنا.
لا بديل حتى الآن عن هذا الحل الذي ينطلق من المجتمع نفسه
وبعقلية تنموية وبلا إنتظارية قاتلة، فمن ينتظر تحرك الدولة يمت هَـما، قبل موته
بردا !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق