فؤاد بلحسن
belahcenfouad@gmail.com
أيها السيد، تأتي رسالتي
هذه بعد سنة و نصف من التأجيل!. فقد قررت منذ الأيام الأولى التي تلت افتتاح
المكتبة في 15 أكتوبر 2005 أن أراسلك بمجموعة من الملاحظات بخصوص أساليب تدبير
المكتبة التي وجدتها دون المستوى الذي يؤهل هذه الأخيرة لأن تحمل لقب مكتبة الوطن؛
لما يفترض في هذا اللقب من فعالية في الأداء وجودة في الخدمات.
أقول متأسفا، لقد
انسقتم وراء بهرجة الألوان و فسحة المكان و جمالية البناء لتعلنوا في فرحة عارمة:
لنا صرح كبير، اسمه المكتبة الوطنية !. و للأسف، فقد صدَّرتم،
بنجاح، هذا الوهم كذلك لغيركم- منخرطين و زائرين ، مغاربة وأجانب.
نعم، و من دون شك،
تتوفر المكتبة على مئات آلاف الكتب و ربما بلغوا اليوم أزيد من مليون كتاب، قاعات
كبيرة للمطالعة، حواسيب في الخدمة مربوطة بشبكة الأنترنيت، قاعة للمجلات و
الجرائد، قاعة للأنشطة الثقافية، وسائط سمعية بصرية، قاعة للصور و الخرائط، أجهزة
لمطالعة المخطوطات الإلكترونية، قاعة طباعة، مطعم، بنية مراجع إلكترونية، إلخ، و
تنظم المكتبة أنشطة ثقافية و تستقبل مئات القراء و الباحثين يوميا. و لكن، هل هذا
يكفي؟ أهذا هو المراد؟. أقول، إن ما تقدمونه أقل بكثير مما هو منتظر منكم بلحاظ
الرهان الكبير المعقود على المكتبة. و هذا الحكم يستند إلى هذه الأسباب:
·
فهرس إلكتروني لا يخدم
الأهداف الذي أنشأ من أجلها:
لقد شرعتم في مشروع
إعداد فهرس إلكتروني و قطعتم في ذلك شوطا لا بأس به، و ذلك بغرض تسهيل عملية
العثور على الكتب عوض قضاء ساعات طويلة في البحث اليدوي بين الرفوف. لكن، اسمحوا
لي بالقول، أننا لا زلنا، حتى بعد العثور على الرقم الاستدلالي للكتاب المطلوب
بهذا الفهرس، نقضي الساعات الطوال و ربما ترددنا أسابيع على المكتبة من أجل العثور
على ذلك الكتاب. و ذلك، لأن ترتيب المراجع بالرفوف غير مضمون البتة، سواء من ناحية
سوء توزيع الكتب على مواقع التخصصات ( الكتب القانونية مثلا، تصادفها في كل مكان)
أو على مستوى سوء إرجاع الكتب إلى مكانها الأصلي بعد استعمال من قبل القراء و
الموظفين على السواء. زد على هذا أن الرفوف غير مرقمة بشكل منظم و سلس بما يسهل
ولوج القراء إلى أروقة الكتب.
ماذا تقول أيها السيد،
في شخص، و بعد عثوره على رقم الكتاب بالفهرس الإلكتروني، مضى أزيد من أربع ساعات من
البحث، ثم أعاد الكرة بعد أيام فأضاع، للمرة الثانية، وقتا إضافيا بلا طائل؟!
·
موظفون غير مستعدون
لتقديم المساعدة:
عندما يشتد بك الدوار
في مسيرة بحثك الطويلة على مرجع قد يكون هنا أو هناك، قد تفكر في اللجوء إلى
الموظف/ة المسؤول على الرواق. تحسم أمرك و تبادر بطرح السؤال:
-
سيدي/تي، أبحث عن هذا
المرجع منذ وقت طويل، و لم اعثر عليه بعد!. هذا رقمه الاستدلالي.
-
أرني .. نعم، إنه هناك
في ذلك الجناح، و إذا لم تجده فما عليك إلا أن تبحث عليه في إحدى الزوايا هنا أو
هناك.
هكذا، و بكل بساطة، و
قد يلتفت، بخفة كبيرة، المسؤول إلى حاسوبه ليكمل إبحاره في فضاء الأنترنيت تاركا
القراء يتيهون في فضاء المكتبة!
هل تعلم السيد المدير
أن الكتب التي يعيدها القراء إلى سلة «كتب للترتيب» تبقى هناك مجمدة طيلة الـ 24
ساعة- هذا في أحسن الأحوال- في الوقت الذي يختار موظفو المكتبة إما الاستمرار
مسمرين على شاشات الحواسيب أو التكتل في مجموعات لتبادل الحديث؟. متى يعلم هؤلاء
أن الكتاب الواحد يمكن أن يكون موضوع طلب من قبل أزيد من شخص واحد في نفس اليوم؟ !. إن دوريات إعادة
ترتيب الكتب بمكانها على الرفوف التي من المفترض أن يقوم بها هؤلاء بشكل مستمر أمر
لا زال بعيد المنال.
أقول هذا و بالي مأخوذ
بمشهد السيدة/الآنسة المسؤولة عن مكتبة ملحقة وزارة الداخلية – حي الرياض- التي تقوم
لوحدها بمجموع المجهودات التي يقوم بها المسؤولون عن أروقة قاعات المطالعة
بمكتبتكم مجتمعين، و بابتسامة لطيفة لا تفارقها لفائدة الجميع ! أيها السيد، هلا
قمتم بزيارة لها لترى بأم عينيك معنى حب الوظيفة، رشاقة الأداء، سرعة الاستجابة
للطلب، و جودة الخدمة؟
و بالمناسبة، أخبركم أن
رواد مكتبة آل السعود – الدار البيضاء- عندما يكونون بصدد المقارنة بين مكتبتكم والمكتبة
المذكورة يأتي تعليقهم على منوال: لا مقارنة مع الفارق!. بادروا إذن إلى زيارة
استطلاعية لعين المكان لتقفوا على بعض أسرار المهنة، ففي السفر معرفة و خبرة!
·
ربط آلي بشبكة
الأنترنيت غير فعال
نعم أيها السيد، إن ربط الحواسيب بشبكة الأنترنيت
جاري بشكل لا يرقى إلى جودة الخدمة المطلوبة. فالربط يمتاز برداءة كبيرة لسرعة
الربط، تجعل المتصفح يمل من الإنتظار السلبي. هذا ناهيك عن العطل المستمر الذي
يصيب الشبكة !. ألا تراهنون على وقت القراء والباحثين؟.
ثم هل ترون أن عدد الحواسيب التي تتوفر عليها
المكتبة يلبي حاجيات الرواد اليوميين الذين يزيدون على 300 زائر كل يوم.
·
بين الخطة و اللاخطة:
إسمحوا لي أن أسأل: هل لمكتبتكم استراتيجية
واضحة نستطيع أن نقرأها على موقعكم الإلكتروني؟ و في نفس الإطار، أعلم أنكم وضعتم
خطة لاقتناء الأعمال المعرفية المعروضة، و أسأل: ما حصيلة هذه الخطة على مستوى
اقتناء الكتب الحديثة الإصدار في مختلف التخصصات، أم تفضلون دائما أن نبقى قارئين
على هامش التاريخ القرائي لغيرنا؟. كونوا جديين على هذا الصعيد، و حتى تعلمون
مستوى فقر بحوثنا التي غرقت في تكرار
الموجود، أدعوكم إلى الإطلالة على البحوث الجامعية التي تصدر عن جامعاتنا (مثلا،
كليات الحقوق بالرباط) لتعرفوا أي جرم يقترفه من يملك أمر صرف اعتمادات صفقات شراء
الكتب في حق الإنتاج المعرفي بالبلاد.
·
خطة إعلامية تحتاج إلى
الترميم:
تحتاج المكتبة إلى
نظام تواصلي حقيقي مع روادها، فباستثناء الإعلانات التي تصادفك بمدخل المكتبة و
تدعوك إلى المشاركة في هذا النشاط الثقافي أو ذاك، لا تملك المكتبة خطة إعلامية واضحة
و دينامية تمكنها من التواصل مع الرواد بشكل يجعل هؤلاء على اطلاع بكل ما تقدمه
المكتبة من خدمات من خلال مختلف مرافقها.
·
مكتبة تحتاج إلى
شفافية أكثر في تعاملها مع المرتفقين:
مكتبتكم في حاجة إلى شفافية أكثر في تعاملها مع
المرتفقين. أتذكر أن زملائي الباحثين و أنا معهم قدمنا طلبا – في الأشهر الأولى
لافتتاح المكتبة- من أجل تمكيننا من جولة ثقافية للتعرف على مرافق المكتبة؛ على
غرار الزوار الذين تستقبلهم مكتبتكم بأفواه مفتوحة إلى حدود الآذان؛ لكن الذي وقع
هو أن طلبنا بقي مجمدا، و إلى اليوم، لأزيد من 3 سنوات. و بالتأكيد، أعلن
نيابة عن زملائي: إننا نعفيكم من طلبنا ذاك.
أيها السيد،
راهنوا على المحتوى لا
على المظهر ...
راهنوا على حسن تدبير
وقت القراء و الباحثين لا على التدبير الروتيني ...
راهنوا على تقديم
خدمات ذات جودة لا على حشد الأجهزة و الموظفين ...
راهنوا على خدمة الإنسان
لا على الإنفاق بسخاء على الخرسانة ...
هل تريدوننا أن نقول
نهائيا: تمخض الجبل فأنجب فأرا !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق