هزائم، انتصارات... ماذا بعد؟! - القلم 3000

اَخر المشاركات

القلم 3000

مدونة القلم 3000، متخصصة في قضايا الفكر والشأن العام وفن العيش.

الاثنين، 7 مايو 2007

هزائم، انتصارات... ماذا بعد؟!


فؤاد بلحسن 
belahcenfouad@gmail.com 



ما بعد تحرر الأوطان العربية والإسلامية من الاستعمار الغربي التقليدي خلال مطلع ومنتصف القرن العشرين، ما بعد نكبة 1948 ، ما بعد نكسة 1967، ما بعد"انتصار" 1973، ما بعد كامب ديفد 1979، ما بعد حروب الخليج ؛ 1980- 1988 و 1991 ؛ ما بعد مجازر قانا وصبرا وشاتيلا وجنين وغيرها، ما بعد انتصار 2000 في الجنوب اللبناني ، ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة 2003 ، ما بعد الصمت العربي و الإسلامي الرسمي على هدر الإنسان العربي و المسلم...،ما بعد بروز المجتمع المدني في الأقطار العربية والإسلامية، ما بعد التواطؤ الدولي على انتهاك حقوق الإنسان في أصقاع العالم الثالث ، ما بعد الخيانة العربية للحكومة الفلسطينية المشكلة من قبل حماس؛عقب انتخابات 2006 التشريعية؛ما بعد الغدر العربي و الإسلامي الرسمي لحزب الله اللبناني ؛صيف 2006 ؛ ما بعد الاندحار الإسرائيلي الثاني – و الأهم- على هضاب الجنوب اللبناني، ما بعد استئناف القتل الممنهج للشعب الفلسطيني من قبل الكيان الإسرائيلي ، ما بعد كل هذا ، ماذا بعد؟
لكلٍ أن يجيب كما يشاء . و هذه وجهة نظر، أعرضها في خمس نقط تلتقي في مجموعها عند حيثيات واقع العالم العربي و الإسلامي، منطلقة من نقاط القوة و الضعف فيه لتعانق الغد بكل أمل و يقين.

النقطة الأولى: أثبتت الأحداث و الوقائع التي توالت على الواقع العربي و الإسلامي منذ أمد غير قريب و ما تلاها ثم الأحداث الأخيرة)استفراد الكيان الصهيوني بالفلسطينيين، سقوط بغداد، الغدر بحزب الله،..( أننا أمام ثلاث جبهات سياسية – دولية. إثنتان منها فقط تملِك رؤية سياسية واستراتيجية واضحة . الجبهة الأولى من هاتان الجبهتان الأخيرتان يمثلها الغرب المستكبر. فهذا اللون من الغرب يبدو أنه حسم – نهائيا- خياراته الأولية بخصوص مصالحه في العالم العربي و الإسلامي. و لهذا فهو يسعى بكل ما أوتي من قوة لبناء مستقبل للمنطقة وفق المقاس الذي يناسبه على معيار" قانون البقاء للأقوى"- هذا دون أن نغفل بعض الهفوات التي يتخبط فيها هنا و هناك أو الحواجز التي تعترضه من قِـبل هذا أو ذاك. أما الجبهة الثانية منهما فهي الجبهة التي تضم حزب الله و سوريا و إيران و حماس و قوًى سياسية على امتداد العالم العربي و الإسلامي مناوئة للمشروع الغربي الاستعماري في المنطقة)حركة الإخوان المسلمون العالمية و مختلف أطياف الوطنيين على سبيل المثال(. و التي يمكن أن نطلق عليها جبهة الممانعة. و هي جبهة تسعى جاهدة- مقدمة الغالي و النفيس- إلى الذب عن حقوقها و الذود عن كرامتها و المحافظة على استقلال قرارها وحرية كيانها على معيار " من يملك الإرادة يملك القوة".


و أما الجبهة الثالثة و الأخيرة، فهي الجبهة التي تفتقد أية رؤية سياسية وإستراتيجية ما. في حـيرة من أمرها ، قضايا غـدِها تـُنسج على يد غيرها، وحتى أحلامها محددة ضمن سقف معين. كلّ يوم هي في شأن. و تضم هذه الجبهة للأسف، وكما العادة، باقي الدول و الحكومات العربية و الإسلامية – المختبئة وراء عناوين مختلفة- دينية؛قومية؛...


النقطة الثانية: يتعين أن نُقدر جيداً ، سياسيا و استراتيجيا، أهمية إخراج المقاومة الفلسطينية للإسرائيلي من قطاع غزة ( 2003) و انتصارَي المقاومة الإسلامية اللبنانية ( حزب الله) في 2003 و 2006 و كذا المأزق الأمريكي في العراق، بالنسبة لمصير العالم العربي و الإسلامي عموما. و من تمّ ضرورة تقدير معنى سقوط هذه القوى و غيرها من القوى الممانعة في المنطقة من معادلة الصراع العري الإسلامي/ الإسرائيلي من جهة ، و معادلة التحدي الوجودي (الثقافي و الحضاري) من جهة أخرى.


إن الحصار الذي فرض و يُفرض اليوم على حركات المقاومة الإسلامية و الوطنية الفلسطينية وعلى الحكومة التي شكلتها حماس سابقا أو الممثلة فيها اليوم ، واعتبار حزب الله تبعية سورية أو إيرانية من قِبل أكثر من جهة عربية و إسلامية، تمثل في مجموعها مواقف و سلوكات مجردة عن كل حس سياسي قومي أو إسلامي أو مستقبلي . و هي في النهاية لا تصب إلا في مصلحة الأطراف المعادية لمصالح العالم العربي و الإسلامي.
كما أن معاداة القِوى الحية الممانعة في العالم العربي والإسلامي من قِـبل الحكومات العربية و الإسلامية ينتهي إلى نفس النتيجة :استنزاف طاقات المنطقة لصالح الأطراف الغربية المشحونة تطرّفا- وخاصة الو.م.أ. و إنجلترا و فرنسا والكيان الإسرائيلي.


النقطة الثالثة: من خلال حيثيات مختلف المحطات التي وردت في مستهل المقالة ، يمكن القول أن الأمم المتحدة، يوماً بعد يوم ، تفقد بيروقراطيتها مزيداً من مصداقيتها، نظرا للدور الذي باتت تؤديه اليوم على المستوى الدولي . وهو : الدفاع اللاشعوري عن الوضع الدولي الراهن – على حد تعبير الدكتور المهدي المنجرة. وبالموازات معها مجموعة من المنظمات الدولية- الاجتماعية و الحقوقية و الثقافية.


النقطة الرابعة: ألا يحق لنا اليوم أن نُسائل النظام الرأسمالي المُعولم والمتغطرس في تمظهرات القوة التي يخاتل بها على المسرح الدولي اليوم؟ نعم، لقد حان الوقت أكثر من أي مناسبة مضت لموعدِ المسائلة . خاصة بعد أن ظهر بشكل جلي الفصام الواضح بين شعارات هذا النظام الإنسانية و ممارساته البعيدة كل البعد عن هاته الشعارات.
إن على شعوب و مثـقّـفي العالم الثالث عموما، و العالم العربي و الإسلامي على وجه الخصوص،أن يعـمَلوا على الدفع بقيمهم ونُظمهم المجتمعية إلى الساحة الثقافية و السياسية الدولية ، مساهمة مِنهم في صياغة بديل إنساني يُـتاح للبشرية في ظله أن تتقاسم الحق في البقاء و العيش بكرامة.
وأعتقد أن هذه المهمة يجب أن تأخذ عنوان القرن الواحد و العشرين من قبل العالم الثالث و مثـقـفيه.
النقطة الخامسة: إن الحكام و الحكومات العربية و الإسلامية في حاجة إلى بوصلة جديدة، غير أنها هذه المرة يجب أن تكون من صنع الشعوب العربية والإسلامية نفسها. و على هذا الصعيد ، أمام هؤلاء الحكام و الحكومات خيارات محدودة جداً: إما معنا- كشعوب- دائما أو ضدها أبدا.
إننا اليوم أمام مُفترق طرق، وأعتقد أن الّذين ينسجون خيوط الفجر لن يسلكوا طريق الغروب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق