علي أنوزلا – عن الاعتقالات في صفوف جيل زاي، وتاريخ انتهاكات حقوق الانسان في المغرب في العهدين، القديم والجديد - القلم 3000

اَخر المشاركات

القلم 3000

مدونة القلم 3000، متخصصة في قضايا الفكر والشأن العام وفن العيش.

الثلاثاء، 4 نوفمبر 2025

علي أنوزلا – عن الاعتقالات في صفوف جيل زاي، وتاريخ انتهاكات حقوق الانسان في المغرب في العهدين، القديم والجديد

في أقل من أربعة أسابيع فقط، شهد المغرب واحدة من أشرس موجات القمع في تاريخه الحديث، نجم عنها ـ حسب تقرير رسمي صادر عن النيابة العامة ـ أزيد من 5780 توقيفًا، تم تقديم 2480 منهم أمام النيابات العامة، وتمت متابعة 1473 منهم في حالة اعتقال، و959 في حالة سراح، بينهم فتيات وقاصرون بين معتقل وموقوف. وحسب معطيات متطابقة، فقد تجاوز عدد المدانين مئات المتهمين البالغين، ناهز مجموع الأحكام الصادرة في حقهم مئات السنوات من السجن النافذ، موزعة بين سنة و15 سنة سجنًا نافذًا، فيما بلغ عدد القاصرين الذين صدرت في حقهم أحكام ابتدائية 162 قاصرًا.

هذه الحصيلة فاقت، من حيث السرعة والاتساع، حتى أكثر مراحل القمع سوادًا في تاريخ البلاد، من سنوات الجمر والرصاص إلى حرب الدولة على الإرهاب، مرورًا بـ"حراك الريف". فقد شهد المغرب، منذ الاستقلال، محطات متتالية من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، تفاوتت في حدّتها واتساع رقعتها.

بين عامي 1956 و1999، وثّقت هيئة الإنصاف والمصالحة 9.779 حالة انتهاك لحقوق الإنسان. وبين ماي 2003 و2010، وبحسب تقارير حقوقية، اعتُقل نحو 3000 شخص في قضايا الإرهاب، أُدين منهم حوالي 900 بأحكام قاسية، قبل أن تُفرج الدولة عن المئات ضمن “مراجعات فكرية”. أما في حراك الريف سنة 2017، ودائمًا حسب تقارير هيئات حقوقية، فلم يتجاوز عدد الموقوفين والمعتقلين 450 شخصًا، حوكم وأدين مائة منهم فقط، ورغم قساوة الأحكام التي وصلت إلى 20 سنة سجنًا نافذًا، ظلّ الملف محصورًا في منطقة واحدة، وصدر عفو عن بعض المدانين، وأنهى آخرون فترات محكوميتهم، ولا يزال ستة من قادة الحراك، وهم أصحاب المحكوميات المرتفعة، وراء القضبان رغم مرور تسع سنوات على سجنهم.
أما اليوم، وفي ظرف أربعة أسابيع فقط، فقد تضاعفت الأرقام وتوسّعت الجغرافيا، من الدار البيضاء إلى وجدة، ومن طنجة إلى كلميم، في مشهد يختصر النكسة الحقوقية الكبرى التي يعيشها المغرب سنة 2025، ويعيد إلى الأذهان أكثر الفصول قتامة من تاريخه المعاصر.

قبل عشرين سنة، قدّم العهد الجديد نفسه كـ"عهد الإنصاف والمصالحة" لغسل الماضي الدموي لمغرب "سنوات الجمر والرصاص". لكنّ المفارقة المرّة أن العهد نفسه، الذي بدأ بالاعتراف بجرائم الأمس، ينتهي اليوم بتكرارها بصورة لا تقل قسوة عن الماضي، فيما الجيل الذي لم يعش سنوات الرصاص، يعيش اليوم نسختها الرقمية المصوّرة في زمن الكاميرا المباشرة وذاكرة الإنترنت، حيث لا يمكن دفن الحقيقة وراء جدران سميكة من الخوف كما كان يحصل قبل ستين سنة.

 ------

المصدر: تغريدة بدون عنوان على حساب علي أنوزلا بمنصة فايسبوك

* ملحوظة: العنوان من وضع المدون لا الكاتب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق