تعليقا على إطلالة المفكر عبد الله العروي الأخيرة بعد صمته الطويل في زمن التحولات الكبرى! - القلم 3000

اَخر المشاركات

القلم 3000

مدونة القلم 3000، متخصصة في قضايا الفكر والشأن العام وفن العيش.

الاثنين، 16 أبريل 2012

تعليقا على إطلالة المفكر عبد الله العروي الأخيرة بعد صمته الطويل في زمن التحولات الكبرى!

فؤاد بلحسن
belahcenfouad@gmail.com





نشرت جريدة المساء المغربية[1] الحوار الذي أجرته مجلة «زمان» – الشهرية المتخصصة في تاريخ المغرب، عدد أبريل 2012 - مع مفكرنا القدير عبد الله العروي. و ذلك تحت عنوان: «العروي: المغرب في حاجة إلى ملكية دستورية تحمي الحداثة وتتحدث باسم الدين» و تعليقا على ذلك، يمكن القول:
 أولا،  كان على هذه الجريدة – المحترمة و الشهيرة - وقبل أن تفكر في الاحتفاء بهذا الحوار – عبر ترجمته و نشره - و كأن إطلالة العروي إطلالة منقذٍ لغرقى أو مداوٍ لمرضى؛ أن "تجلد" هذا الأخير جلدا على صفحاتها؛ بعد غيبة لا مبرر لها – سوى في عقل صاحبها و عقل نفر قليل - عن الساحة الفكرية المغربية في زمن التحولات الكبيرة في المغرب و في المنطقة. فأن تكون مفكرا لا يعني بأي حال أن تكون جبانا. فالجبن أنواع، و أعظمه ما يكون في ساحة الحرب و في ساحة الفكر.
و أن تختار في ساحة الفكر الصمت الطويل، هو الجبن الكبير. و لا يخفى، أنه في مواقف معينة يكون الجبن فرعا من فروع الخيانة.
ثانيا، في الموضوع. لا شك أن الرجل ينظر بواقعية كبيرة إلى ما يجري اليوم و هذا أهم ما في فكر الرجل و منهجه.
لكن يبدو أن رؤيته لدور الملكية في المغرب (على مستويات الجيش، الدبلوماسية و الدين ) تجتر رؤى تقليدية تحت عنوان التحديث!. قد نتفهم أن يؤدي الملك دور الرمز في مجال الدبلوماسية و الجيش والدين، و في أحسن الأحوال دور الحَـكم، لكن أن يبقى هو وحده من يمثل الأمة - على الصعيد الدبلوماسي مثلا - نظريا (من خلال رمزية ممثل الأمة ) و عمليا ( عبر اختيار السفراء، فرض سياسات خارجية معينة اتجاه دول و هيئات، و غيرها من الاختيارات) فهذا أمر فيه نظر: إذا لم يؤدي انتخاب الشعب إلى بروز حكومة مسئولة عن كل شؤونه – بما فيها الخارجية – فإننا سنكون أمام دبلوماسية ملكية خارج منطق المحاسبة، بل أكثر من هذا قد تمشي في اتجاه معاكس لإرادة الحكومة المنتخَة. فالتحديث يقتضي أن تكون قيادة الشأن العام موحدة لا مزدوجة (الداخل / الخارج). هل يقبل الملك للحكومة بتجريب اختياراتها الخارجية؟ هذا هو السؤال. إذا كان لا بد و أن يتدخل الملك في الشأن الخارجي والجيش فليكن عبر بوابة المجلس الأعلى للأمن القومي لا غير، حيث هنا تـُوضع استراتيجية الأمن العامة للبلد و يُـترك أمر تحديد السياسات لحكومات تُسأل عند الاقتضاء. هذا هو التحديث.
ثم إن العروي لا يحدثنا عن تحديث الشأن الديني نفسه و كأنه يقول: هو للملك و كفى !. لكن سيدي، من قال لكم أن المسلمين – من منطلق مبادئ الإسلام – يعتبرون الشأن الديني شأنا خاصا بالملك، حتى لو كان أميرا للمؤمنين !. فالدين أتى من الله لسائر الناس. و هو لهم، تنزيلا و تأويلا.
ثم إن مسألة الاجتهاد الديني لا تقل اليوم أهمية عن مسألة تجديد الفكر السياسي و غيره. و إذا كان من منظور العروي أن التعددية الثقافية في البلد تفترض تعاملا خاصا، لماذا لا يرى الرجل مسألة تعدد التفسيرات الدينية أيضا (هناك تعدد ملحوظ في المنظورات الفكرية للجماعات الدينية الأكثر بروزا في المغرب: الأوقاف، التوحيد و الإصلاح، العدل و الإحسان و السلفيون باختلاف مرجعياتهم). هل يريد البعض من إسلام المغاربة – أو الإسلام عموما - أن يتحول إلى إسلام الملك ؟!. هذا ما كان يوما ويجب ألا يكون، لأنه تسلط ما بعده تسلط و جمود ما بعده جمود.
وهل يخفى على مفكرنا أن وزارة الأوقاف هي اليوم واحدة من الوزارات التي تدار و كأنها علبة سوداء لا حق للرأي العام في معرفة ما يدور فيها. فأين هو التحديث هنا، حتى نقول أننا بصدد نموذج قابل للتعميم و  مصدر للاطمئنان ؟.
و هل من المعقول أن نطالب بضرورة أن تدخل الحرية كل مجالات حياتنا باستثناء عالم رجال الدعوة والعلم الشرعي و حتى الفتوى ؟.
ثم، مؤكدا أن المفكر العروي، في لحظات، يسير وراء رغبة غير مقبولة في التبسيط تبعث على الغثيان، فلم يحدد يوما -على حد ما قرأت له - المائز بين الديني (في اجتماعنا العربي الإسلامي تحديدا) والسياسي: أين يقف الديني و أين يبدأ السياسي ؟.
و لن أخفي طريفة، و هي أن الرجل أضحكي و هو يتحدث عن حركة 20 فبراير و كتابة الدستور المغربي (دستور 1 يوليوز)، إذ بدا لي كأنه رجل يُحدثنا من المستقبل (مؤرخ قادم) و ليس واحدا منا و بيننا: ماذا يعني أن نعتبر – اليوم – أن الأهم هو ما سيتحدث فيه الناس مستقبلا (أي الدستور الجديد للبلاد = الوثيقة) و ليس ما يجري على الواقع السياسي (دينامية حركة 20 فبراير = صوت الحشد). غريب !
كأني أسمع أحدهم يصيح: كـُوكْعُـو كُوكْ .. !: عمل شكلي و قليل الأهمية، يأتي بعد يوم صاخب مليء بالعرق و الدم و النضال و التحدي عايشته فئات اجتماعية و سياسية و حقوقية مختلفة.
و هنا لا فرق أن يساوي اليوم المذكور 24 ساعة أو سنة كاملة أو أكثر.
هي قصة مفكر عربي على هامش عاصفة التحولات الكبرى في بلده و في المنطقة ! 



- [1]   أنظر نص الحوار موضوع التعليق عبر الرابط التالي: http://almassae.press.ma/node/44170

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق